ولم يهبطوا -رغباً من عند انفسهم-على مدارج النغمِ والترنّحِ ونقر الطبول .
في ذاك المساء وحيث ستقلع طائرتي في الثالثة ليلاً الى بغدادَ في موعدٍ مأمول. تناثرَ رفقاءُ رحلتي لتجوال ختاميٍّ في إستانبول، تجوالٌ حتى الواحدة ليلاً - وبِنهَمٍ منهم هائمٍ مخبول! ولهم الحقُّ، فما رأت أعينُهم خارج ديارهم من قبلُ مدينةً سوى "إستانبول".
بيد أني إرتأيتُ إعتكافاً صامتاً في مقهى الفندق، فالنفسُ تواقةً لما في الصمت من كنوزٍ وحلول.
صعدتُ الى المقهى الذي صُمِّمَ بإبداعٍ هندسيٍّ ذوّاقٍ ملموسٍ ومبذول، على سطح الفندق وعلى هيئة مربعٍ من زجاج لتلهوَ الأفئدة معه وتسهوَ العقول، فجعلوهُ يطلّ على ذانك المضيق ويعانق جسره المعلق المفتول.
البالُ والحالُ كانا متكئينِ إلى الخلف مسترخيين على بارِ في المقهى آسرٍ غير مأهول، ثم دنت فَخِذاي على بعضٍ ليمتطيَ الفخذُ أخيه الفخذ بتذللٍ محمول، وتدلّتِ الأطراف تتمايلُ على هونٍ كرقصةٍ في بندولٍ.
الجو بنسماتِ ربيعٍ بديعٍ، والصمتُ صيبٌ مُكَرَّمٌ هنا والنطقُ عيبٌ مٌحَرَّمُ ومعلول . إعتكفت مُتَسَمِّراً في مقعدي من الثالثة عصرا حتى الواحدة ليلا بفكرٍعما حواليه ناءٍ ومفصول، كتمثالِ برونزٍ شاخصٍ ببصرهِ صوب بحرٍ فضيٍّ صامتٍ مصقول، ومسترجعاً خطىً لسنين عمرٍ لاهثةً وكانت أيامه لاهيةً وتصول. إستجلبتُ كل الخطى : حلوها ومرّها، ثقيلها و خفيفها, الملوثُ منها والطاهر المغسول .
كم كنتُ بحاجةٍ لجلسةِ تغسلُ الذاتَ في فضاءٍ صامتٍ خافتٍ معزول، فتفوزَ بفكرٍ نقيٍّ ماكنت لأقطفَ ثماره من قراطيس قراتُها بتأفّفٍ أو خمول، ولا من وعظٍ سمعته من عمامةٍ بتآلفٍ أو ذبول.
كانت خلوةٌ نادرةً، ما خُطِّطَ لها، وماكنت لأحلم بمثلها أن أنول، فالمقهى خلا من كلِّ زبونٍ إلا أياي وبحراً هادئاً وشجراً على تلول، وكأنّ البحر والشجر شعروا بحاجتي لصمتٍ مُقفَلٍ فمنعوا سواي الى المقهى من دخول. ثمَّ..
شانَ الصمتُ ولوجَِ أربعة سيّاحٍ ألمان الى المقهى وبانَ على صمتي الأفول، وولّت عنه تغريداته شطرَ ماحوله من حقول. كان ولوج الألمان(رجلان ومثلهما نساء) ولوجاً غير مُرَحّبٍ ولا مأمول. خشيتٌ من ولوجهم على صمتي أن يتلاشى أو يحول. إختارَوا مائدةً لعشائهم أسفل مني بذراعٍ أو يطول، وحيث كانت منصتي تعلوهم ولعلّها قد تقيني مما في لغوهم من سيول. توجستُ من أن يسألوني مشاركتهم بحديثٍ مكررٍ مهمول، ولم أكُ مستعداً لتشكيلِ حديثِ مجاملاتٍ مستهلكٍ جاهزٍ معسول، ولا لإجهدَ فكري في إنتزاع مفرداتٍ (إنجليزية) إرضاءً لهم أو لكائن من كان في صمتيَ المقتول، رغم يقيني ببعدِ الألمان خاصةً عن كل إحتكاكٍ مبتذلٍ موصول، ثم إلتزامِهم بأدب الذوق في تواصلٍ مهذبٍ مغزول. كان القومُ يتنازعون حديثهم بينهم بهمسٍ متأنٍ غير عجول.
تناسيتهم تماما إلا من نظرةٍ خاطفة أو إثنتين أُختلسَتهما بفضول. هم فعلوا أكثر منهما وكانت نظراتهم تغزوني كل حينٍ كرسول.
رقّاصُ ساعتيَ الآن على التاسعة مساءً، وأراه منهمكاً بغزوه للزمان وبغزوهِ مبتهجٌ ومشغول. دفع الألمان حسابهم فنهضوا فأقبلوا جميعا بتجحفلٍ محفول، نحو منصتي لينحنيَ بين يديّ كبيرُهم -وزوجُهُ تردفُهُ- بتحيةٍ مبالغٍ فيها وبودٍّ وإمتنانٍ معمول!
أومات براسي رداً لركوعهم بإبتسامةٍِ من وجهٍ أليفٍ مؤتلفٍ غير مجهول.
أبداً، أنا ما فوجئتُ بتحيتِهم ولقد تنبأتُ متيقناً أنهم فاعلوها بإعتزاز وذهول.
ولكن لم فعلوها؟
لا أدري وعجزَ فكري أن يبينَ لكم الأمر وحجز ذكري عن ذاكَ السرِّ أن يقول !....
ربما ذلكَ هو ما يُدعى بين الناسِ : (الصمت الناطق)؟
ربّما؟
*(النصُّ هو هديةٌ بيدٍ نديةٍ وخجولةٍ أقدمهُ لأخي القناصُ للحظاتِ الصمت الأستاذ: لخضر خلفاوي)
****
Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 25/ ديسمبر 2020 ـ جانفي 2021
https://fr.calameo.com/read/006233594d978f067c2c3
طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 23 et 24 mois (octobre et novembre 2020
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://www.calameo.com/books/0062335945021221c6506
*****
ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of
freedom of expression and justice click on this
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون
مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)
آخر تعديل على السبت, 13 شباط/فبراير 2021