wrapper

الجمعة 10 ماي 2024

مختصرات :

‫ـ أعزائي القراء في كل مكان ، في أوروبا ، في العالم العربي و باقي أنحاء العالم.. عنوان صحيفتكم " الفيصل" لم يأتي بالصدفة أو كان اختيارا عشوائيا ، و إنما هي فكرة راودتني منذ وقت طويل. ‬
‫قبل السبعينيات ، و قبل حرب "أكتوبر١٩٧٣" التي شنتها مصر و سوريا على إسرائيل . كان ملكا عربيا يُدعى بـ " الملك فيصل بن عيد العزيز" ‬على ضوء ظروف عصيبة و كارثية بالنسبة للكيان العربي الذي صار تحت وطأة استيطان الكيان الصهيوني الإسرائيلي بمساعدة إمريكية غربية لا مثيل لها ..

مواقف الملك فيصل القومية و شجاعته في مساندة القضيايا المشتركة عربيا و الفلسطينية كقضية محورية في النزاع العربي الصهيوني جعلت منه شخصية محبوبة نالت استعطاف الجماهير العربية المغلوبة على أمرها. و عند اشتداد العدوان العسكري على الشعب الفلسطيني و عمليات تهديم و تدنيس و تهويد المقدسات الإسلامية العربية في القدس بمساعدات إمريكية غربية و فشل كل المساعي المصرية العربية و الأطراف الأخرى في الوصول إلى اتفاقات هدنة و وقف العدوان الإسرائيلي ، قرّر في ١٥ أكتوبر ١٩٧٣ "الملك فيصل" و شركائه من منظمة الدول العربية المنتجة للخام في استعمال النفط كسلاح ثاني إلى جانب المقاومة المسلحة ضد العدوان الإسرائيلي نظرا للتحالف غير المشروط الغربي الإمريكي، مع خفض نسبة الإنتاج و رفع الأسعار. و منه دخل العالم الغربي بعد الشروع في تطبيق هذا القرار السيادي من حرمان دول الغربية من النفط العربي في أزمة عالمية لا مثيل لها ! هي حلقة من حلقات تاريخنا العربي المتخم بالنكسات و الإنهزامات و الصراعات التي طالما انتهت بالخيانات من طرف " أهل البيت" بتحريض العدو الخارجي! عموما كان لمواقف هذا الرجل و هذا الملك الذي لم يغتر بملكه و أنه بفضل استماته في مواقفه من أجل أن تبقى أرض العرب بعيدة عن دنس الاستعمار و الوصاية الغربية ! فتكاثرت في فترته ظاهرة تسمية " المواليد الذكران الجدد " في الأسر العربية بـ " فيصل " تبركا و افتخارا و انتماءً إلى شخصية لطالما كانت قريبة من الهمّ العربي و المخيلة الجماعية لشعوبها ؛ و خصوصا بعد فاجعة اغتياله في ٢٥ أكتوبر ١٩٧٥من قبل ابن أخيه "الأمير فيصل بن مساعد بن عيد العزيز آل سعود "، قيل بتحريض و بتكليف من إمريكا ، علما أن " القاتل هو من آل سعود، كان يعيش مع مواطنة إمريكية .!!!

عندما ولدتُ أنا في عام ١٩٧١ ، و كان والدي مهاجرا يعيش في فرنسا لوحده
أُهملت مسألة تسجيلي لدى مصالح الأحوال المدنية ، كأن ميلادي لم يكن حدثا مهما ، ما عدا تلقيبي بـ " فيصل" من طرف والدتي .. و تمادى هذا النسيان في تسجيلي مدة سنة كاملة، إلى أن قرّر عمي الأكبر ـ لا أن يقتلني و يوئدني ـ بل تسجيلي أخيرا لدي مصالح الحالة المدنية ، فطلبت منه أُمي ألا ينسى بتدوين إسمي بشكل صحيح " فيصل" ، فبالطبع رأي الرجال في المجتمع البدوي هو الذي يسود فوق رأي " الوالدات و المرضعات"، و بالتالي أصرّ على تلقيبي بـ " الأخضر" نسبة إلى عمّي الذي استهد و أُغتيل بعد ملاحقته في حقول قمحه في باديتنا غداة الحرب التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي.. عّمي " إبراهيم " المعلّم المعروف في ضيعتنا و كفيلنا بعد أبي الغائب في المهجر ، متعصّب لتاريخ شقيقه " لخضر " ؛ الذي أزهقت روحه غدرا و هدرا من طرف عدو الخارج في سبيل الدفاع عن أرض مغتصبة ، و تسميتي بـ " الأخضر " لها رمزيتها العظمى لديه و لدى والدي و لا تعنيه قصة و رمزية " فيصل" الملك الذي اغتالته أيادٍ شقيقة من الداخل و في عقر داره و بيته ! أما أُمي كانت لا تعنيها كثيرا قصة عمّى " الأخضر " المُغتال من قبل فرنسا في سبيل تحرير الجزائر؛ من غير أن تكون تعلم بالضرورة فقد كانت أولويتها قومية عربية ، فهي أكثر رمزياتها القومية النضالية البسيطة أهمية في إعطائي اسم " فيصل" ؛ لكن تجري الرّياح بما لا تشتهي الأمهات، و مجبَرةٌ أمُّكَ لا بطلة …! و كانت الغلبة في النهاية للرأي المفروض من قبل رجل وصي على رغبة والدة في اختيار " إسم لمولودها و رضيعها بكل حرية "، و كان آخر كلامه لأُمي : " أنا أسجله باسم ـ الأخضر ـ و كُنّيه بـ فيصل أو الأخضر .. عموما كما يحلو لكِ !" .. و هكذا تمّ اختيار اسمي الرسمي على أساس" لخضر و سُجلتُ و شقيقي " عادل " مباشرة بعد ميلاده ، و هو كذلك فُرض عليه اسم " عُمرْ" عوض أمنية أمي المتمثلة في اسم " عادل" ، عموما أخي لم يخسر كثيرا في مسألة اختيار الاسم المدني ، فـ ( عمر) يتلاءم مع ذكر الخليفة عمر المختار ، الملقب بـ "الفاروق " الـ ( عادل) و عادل يرادف " فيصل" ! كأن أمي التي كانت أمية تَدَّعي أمّيتها ؛ و هي في الحقيقة نيّرة الفكر و قد تكون وقتها متأثرة بالأفكار الثورية العادلة ! عموما لم نسلم ( أنا و أخي ) من تسجيلنا المُتأخّر في سجل الأحوال المدنية للمواليد لكن ذلك الخاص ( بالمنسيين!!!). قديما ، كانت ظاهرة عملية نسيان أو اهمال تسجيل المواليد الجدد جد منتشرة في المحيط الريفي البدوي ! .. و مع ذلك ، و منذ ذلك الوقت و الكل من الأهل و الأقارب و الأصدقاء لا يتفوهون باسم آخر عدا " فيصل" ! عندما دخلتُ المدرسة بدأت الأمور تتغيّر ، فاسم الشهيد " لخضر " يعود باستمرار في القسم و في ساحة اللعب للمدرسة و حتى في حيِّنا من طرف الأساتذة و بعض الزملاء و الأصدقاء ، و انشطرتُ أنا بين إسمين عَلَمَينْ مفردين غير مركَّبَينْ.. بين حزبين من الناس ؛ حزب يناديني بـ " فيصل " و حزب آخر بـ " لخضر" ، و ما عليّ إلا أن أُجيب النداء و لا " أطنّش أبدا" حسب تعبير إخواننا في مصر! عموما كادت مسألة اختيار اسمي في سجل الأحوال المدنية أن تتحوّل إلى قضية دولية جهوية بين عشيرة والدي و نظيرتها التابعة لوالدتي ! كم تمنيتُ أن الله منحني معجزة النطق في المهد كالممسيح عليه السلام ؛ لما تركتهم يتلاعبون بكل ديكتاتورية و اجحاف عن ( جهالة) في اختيار و تسجيل اسمي لدي مصالح الحالة المدنية و لأخترت بنفسي اسم ( الأخصل) يجمع ـ الأخضر و الفيصل ـ في كلمة واحدة و يرضي الجميع على " قياس " حادثة وضع الحجر الأسود" في البقاع المقدسة أثناء الحقبة الجاهلية .. و في حالة ما رأيت اشتداد وطيس النزاع حول الاسم ؛ أطلب من الله أن يُعيدني إلى " العدم" حتى لا أشهد ما سأشاهده فيما بعد من مظالم و عِوج الناس في هذه الدنيا!
‫"‬ الفيصل" أبيتُ أو شئتُ صار نظام سلوكي في كل شيء و روحه تتقوى بروح الشهيد " الأخضر" ، رغم أني لم استطع إرضاء الإثنين ، إلا أنني استطعت أن أجعلهما يتعايشان معا و لمِّهُمَا تحت راية واحدة مشتركة ، نصرة الحق ( بالإمكانيات المتاحة ) أينما كان ، و الوقوف إلى جانب المظلومين و المقهورين أينما وجدوا .. و مناهضة الفساد بكل أشكاله ؛ رغم أننا نعلم بوجود " الرصاصات الطائشة ، و الصديقة " و " الخناجر العدوة ، و الضالة " ، فما جدوى أن نعيش تحت سطوة النفاق و الخوف من قول القول " الفيصل" ؟

-  لخضر ( فيصل) خلفاوي | باريس

آخر تعديل على السبت, 31 كانون1/ديسمبر 2016

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :