wrapper

الأربعاء 08 ماي 2024

مختصرات :

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

 

مسيرةُ الأعلام الإسرائيليةُ مناكفةٌ حزبيةٌ وأحلامٌ يهوديةٌ


عادت من جديدٍ إلى الواجهة السياسية والأمنية، مسيرةُ الأعلام الإسرائيلية، التي أسقطتها صواريخ المقاومة الفلسطينية مساء يوم العاشر من مايو/آيار الماضي، وفرقت جمعها ومزقت صفوفها، وأجبرت منظميها على إلغائها، ودفعت بالسلطات الأمنية والسياسية إلى سحب تراخيص تنظيمها،

وصرف الأنظار عن تأييدها، عندما نفذت المقاومة الفلسطينية في الموعد الذي حددته تهديدها، وأطلقت وابل صواريخها على الشطر الغربي من مدينة القدس، وطالت فيها أهدافاً سياسية وأمنية، صدمت الإسرائيليين وأذهلتهم، وأيقظتهم من سباتهم وأذهبت سكرتهم، ودفعتهم إلى الملاجئ والمراكز المجهزة، فحصنهم الآمن قصف، ومدينتهم المزعومة ضربت، ووحدتها الموهومة استهدفت، وهيبتهم سقطت، وكبرياؤهم كسر، وتفوق جيشهم انكشف.
 
خضع الإسرائيليون بعد معركة سيف القدس لشروط التهدئة غير المكتوبة، والتزموا ببنودها المفروضة، وامتنعوا عن تنظيم مسيرة الأعلام الاستفزازية، التي أرادوا أن يقولوا فيها للفلسطينيين أن القدس مدينةٌ يهودية، وهي عاصمتهم الأبدية الموحدة، وأنهم يحتفلون بمسيرتهم الجوالة وأضوائهم الكشافة، وطقوسهم الدينية وتقاليدهم التوراتية، بالعودة إليها بعد ألفي عامٍ من تفكيك ملكهم وخراب هيكلهم وإخراجهم منها، بعد أن تمكنوا من احتلال الشطر الشرقي من المدينة في العام 1967، "واستعادتها من العرب"، وضمها إلى القدس الغربية، وإعلانها عاصمةً أبديةً موحدةً لكيانهم.
 
لكن المتغيرات السياسية الداخلية الإسرائيلية، التي تمثلت في نجاح "تكتل التغيير" بزعامة يائير لابيد من تشكيل حكومةٍ ائتلافيةٍ جديدةٍ، من شأنها إقصاء نتنياهو وإنهاء حكمه، وإخراجه من مكتبه في رئاسة الحكومة التي طال فيه أمده، وكثر فيها خصومه، دفعت الأخير إلى العمل بكل الوسائل الممكنة والطرق المتاحة لإفشال حكومة التغيير، ومنعها من نيل ثقة الكنيست المتوقعة يوم الأربعاء القادم، فعزم على اللعب بكل الأوراق التي يملكها، وتحريك جميع الملفات التي بحوزته، في محاولةٍ منه أخيرة للحيلولة دون نيل الحكومة الجديدة للثقة، وبالتالي الدعوة إلى انتخاباتٍ تشريعيةٍ خامسةٍ، يبقى حتى إجرائها رئيساً للحكومة، بكامل الصلاحيات التي تمتع بها على مدى السنوات الثلاثة الماضية، التي خاض فيها الكيان أربعة انتخاباتٍ متواليةٍ.
 
تأتي مسيرة الأعلام الإسرائيلية ضمن مخططات نتنياهو الكيدية ضد حكومة التغيير الجديدة، بقصد إرباكها وتوريطها، ودفع بعض أعضاء الكنيست المؤيدين لها للتراجع والامتناع عن التصويت لصالحها، لئلا تنال الثقة وتصبح حكومة شرعية.
 
لكنها في الوقت نفسه تعبر عن رغبة الأحزاب الدينية والأحلام اليهودية المهووسة بحلم العودة وبناء الهيكل المزعوم، فهذه السياسات الإسرائيلية لا تتغير بتغير الحكومات، ولا تتأثر بتبدل رؤسائها، بل قد تتعزز وتتكثف، خاصةً أن أطراف ائتلاف التغيير هم من صقور اليمين المتشدد، ومنهم رئيس الحكومة الأول زعيم تكتل يمينا نفتالي بينت، وأفيغودور ليبرمان وجدعون ساعر، ولا يعني أبداً أن يائير لابيد وبيني غانتس سيكونان ضدهم وسيخالفون سياستهم، بل هم منهم ومعهم، وستثبت الأيام القادمة في حال ثبتت الحكومة، أنهم جميعاً سواء لا يختلفون عن بعضهم، وإنما يوزعون الأدوار، ويستكملون المشاريع، وكأنهم في سباق تتابعٍ طويلٍ، كلٌ يسلم الراية لمن بعده ليتم الشوط ويواصل المسيرة.
 
لكن من المؤكد أن قرار الشرطة الإسرائيلية في مدينة القدس، التي يقودها أحد كبار مؤيدي نتنياهو، بالسماح بتنظيم مسيرة الأعلام يوم الخميس المقبل، كان بقصد إشعال المنطقة وإدخالها في دوامة عنفٍ جديدة، تدفع الحكومة الإسرائيلية إلى إعلان حالة الطوارئ العامة، والموافقة على تشكيل حكومةٍ وطنيةٍ جديدةٍ، يكون نتنياهو قطبها الأساس ورئيسها الأوحد، وذلك إلى جانب الممارسات الاستفزازية التي تمارسها الشرطة الإسرائيلية يومياً ضد سكان حي الشيخ جراح، الذين تفرض عليه حصاراً وطوقاً أمنياً مشدداً، في الوقت الذي تقمع فيه المتظاهرين والمتضامنين الفلسطينيين والدوليين، وتضيق على الإعلاميين وتعتقل الصحفيين، الأمر الذي من شأنه أن يسهل تضافر الأحداث كلها لخدمة أهدافه الحزبية ومصالحه الشخصية.
 
قد يتساءل البعض هل ستسكت المقاومة الفلسطينية عن مسيرة الأعلام الإسرائيلية، وستغض الطرف عنها، وتترك المستوطنين الإسرائيليين يعيثون فساداً في مدينة القدس، ويستفزون أهلها، ويدنسون مقدساتها، أم أنها ستتصدى لهم وترد عليهم، وتمنعهم بالقوة الصاروخية من جديدٍ، رغم أن هذا الرد من شأنه أن يعيد الحرب من جديد، ويفجر المنطقة مرةً أخرى، وهو ما يخدم نتنياهو في المرحلة الحالية ويحقق أهدافه، الأمر الذي يجعل المقاومة الفلسطينية في وضعٍ حرجٍ جداً، فهي بين أمرين أحلاهما مرٌ، فهي إن سكتت عن المسيرة فإنها تحقق للإسرائيليين أهدافهم، وإن تصدت لها فهي تحقق لنتنياهو أهدافه، فهل تراها تصمت أم ترد؟...
 
بيروت في 7/6/2021

 

****

 

العقلُ الإسرائيلي يُصدمُ وَوَعْيُهُمُ يُكوَى



تتوالى الصدمات الإسرائيلية الموجعة تباعاً، فلا يكاد يعي عقلهم صدمةً حتى تنزل بهم أخرى كالصاعقة وتصيبهم ثانية كالقارعة، حتى غدوا كالسكارى ما إن يقفون على أقدامهم حتى يسقطون على الأرض بغير وعيٍ من جديدٍ، فقد أعيتهم الضرباتُ، وأفقدهم الوعيَ كثرةُ السقطات، وهالتهم المفاجئاتُ، ولم يعد باستطاعة أغلبهم الصمود والتحدي، أو المكابرة والإنكار، فقد تغيرت المعادلات وتبدلت التوازنات، واختلفت الوقائع وتباينت المعطيات، ولم يعد تفوقهم هو السائد، وقوتهم هي الأولى، وجيشهم هو المسيطر، وأمنهم هو الأقوى، وذراعهم العسكرية هي الأطول، وسلاحهم هو الأكثر فتكاً والأسرع حسماً، ولم يعد مستوطنوهم هم الأكثر أمناً والأفضل عيشاً، ولا مجتمعاتهم هي الأكثر رخاءً، والأفضل اقتصاداً والأكثر استقراراً.
 
لم يعد الإسرائيليون يستطيعون إخفاء خيبتهم، وستر عورتهم، وضبط أعصابهم، والتظاهر بالقوة والعظمة، وادِّعاء الأمن والغلبة، فقد باتوا يتلقون الضربات تلو الضربات والصفعات والركلات والإهانات والسقطات، ولا يقوون على فعل شيء إزاء مجموع المتغيرات التي باتت تتسلل إلى عقولهم، وتتغلغل إلى قلوبهم، وتفت في عضدهم، وتضعف عزيمتهم، وتفكك إرادتهم، وتوهي حلمهم، وتهز عقيدتهم، وتزعزع إيمانهم، وتنعكس سلباً على سلوكهم، ف"أرض الميعاد" لم تعد حلمهم ولا منتهى آمالهم، ولم تعد هي أرض "المن والعسل"، ولا بلاد الآباء والأجداد، بل هي أرض محشرهم وغيتو تجمعهم، الذي تحيط به الأسوار والجدران من كل مكان، إلا أنه لا يشكل لهم حماية، ولا يجلب لهم أمناً، وإنما يعجل في رسم صورة نهايتهم وزوال كيانهم.
 
فالفلسطيني في أرضه أصبح أقوى وأكثر تجذراً وارتباطاً في أرضه ووطنه، ولم تعد الحروب تقوى على طرده، ولا المجازر تستطيع ترويعه، ولا التهديد ينجح في تخويفه، فلا هروب ولا هجرة، ولا نزوح ولا لجوء، وإنما مقاومةٌ من أجل البقاء، وصمودٌ في مواجهة محاولات الطرد والإقصاء، وتحدي إرادة العدو وفضحه، وكشف عنصريته وفضح عدوانيته، وهم في أرضهم يزدادون عدداً، ويتكاثرون نسلاً، ويتجذرون أصلاً، وقادم الأيام ستجعل منهم الأكثر عدداً والأوسع انتشاراً، وشقهم الآخر في اللجوء والشتات يردفهم ويسندهم، ويؤيدهم ويدعمهم، وهو أكثر وعياً وأعمق فهماً، وأكثر حريةً وأقدر على المقاومة بأشكالها المختلفة، السياسية والقانونية والإعلامية والفكرية وغيرها.
 
ومعركة سيف القدس أوجعتهم وأظهرت ضعفهم، وكشفت عن مكامن العجز عندهم، وعجلت في كي الوعي الواهي عندهم، وأظهرت أن سماءهم مكشوفة وبيوتهم غير مسقوفة، وقبتهم الفولاذية مخرومة، فلا صواريخ تصد، ولا فزعاً تمنع أو هلعاً تدفع، وهي تضر أكثر مما تنفع، وتروعهم أكثر مما تؤمنهم، وتثير أصواتها الفزع فيهم والخوف بينهم كصواريخ المقاومة التي تدفعهم كالخراف الهاربة إلى ملاجئهم، وكالقطعان الخائفة تتخبط وتتصادم، تحسب أن كل صيحةٍ هو الموت يلاحقهم، وقد باتوا يدركون يقيناً أن هذه المعركة ليست إلا صورةً مصغرةً عن الحرب الكبرى والمعركة الخاتم، التي ستفتح فيها كل الجبهات، وستشارك فيها كل القوى، التي تحلم بهذا اليوم وأعدت الكثير له، وتعمل بجدٍ ودون كللٍ للوصول إليه.
 
أدرك الإسرائيليون أن المقاومة الفلسطينية التي يواجهونها مقاومةٌ عنيدةٌ صابرةٌ، قادرةٌ متمكنة، مستقلة حرة، قوية فاعلة، مدربة مؤهلة، تملك قرارها وتنفذ وعيدها، ولا تبالي بحجم تضحياتها، ولا تقعدها غارات عدوها، وقد هالهم قدرتها على قصف مدنهم، واستهداف تجمعاتهم، والنيل من هيبتهم، فصواريخها باتت دقيقة الإصابة بعيدة المدى قوية الأثر، تصيب كل مكانٍ وتهدد كل بقعةٍ في كيانهم، وقيادتها لا تتردد في القصف، ولا تمتنع عن الرد، وقد تمكنت في ظل أحلك الظروف وشدة القصف، أن تمطر المدن والبلدات الإسرائيلية بعشرات الرشقات ومئات الصواريخ، التي لم تتوقف حتى اللحظة الأخيرة من المعركة.
 
استيقظ الإسرائيليون عشية عدوانهم البغيض على قطاع غزة، واعتداءاتهم العنصرية على حي الشيخ جراح وسكانه، ومحاولاتهم المتكررة لتهويد المسجد الأقصى والسيطرة عليه، أنهم باتوا وحدهم لا أحد معهم، فالمجتمع الدولي أخذ ينفض عنهم ويتخلى عن دعمهم، وينأى بنفسه عن سياستهم، والولايات المتحدة الأمريكية انتقدت سلوكهم وعابت قيادتهم، ومارست ضغوطاً عليهم، وإن لم تعلن صراحةً تخليها عنهم، إلا أن تصريحات إدارتها تشير إلى تغييرٍ في خطابها، وغضبٍ في نبرتها، وعدم رضى لدى قيادتها.
 
إنها المقاومة العنيدة والشعب الصابر، والأمة الحاضنة والعمق الداعم، الذين غيروا المعادلات وبدلوا الواقع البئيس إلى واقعٍ جديدٍ، وفرضوا قواعدهم وأرهبوا عدوهم، فنحن اليوم على أعتاب مرحلةٍ جديدةٍ نكوي فيها وعي العدو ولا يكوي وعينا، ونغزوه ولا يغزونا، ونهدد أمنه ولا يهددنا، ونقتحم بلداته ولا يقتحمنا، ونخرج له من جوف الأرض خلف خطوط النار ونباغته، ونقاتله على "أرضه" وبين مستوطنيه، وننقل المعركة إلى قلبه وشماله، وجنوبه وأقصاه، فلا نكتوي بالنار وحدنا، ولا تفتك الحرب بأهلنا، ولا نشرد في أرضنا، ولا نحرم من وطننا، وإنما يذوق العدو بأسنا، وتطاله صواريخنا، حتى يدرك أنها أرضنا وهذا هو وطننا، وأن عليه الرحيل من بلادنا والتخلي عن أوهامه في أرضنا.
 
بيروت في 8/6/2021

 

****

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 29/ 30 أفريل ـ ماي 2021 ـ
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 29 et 30 mois (avril et mai 2021)
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174
*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=LTuxqpDqnds

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

آخر تعديل على الجمعة, 11 حزيران/يونيو 2021

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :