wrapper

الجمعة 26 أبريل 2024

مختصرات :

ـ كتبت: سحر القوافي ـ الجزائر



تميمة عطر وقصة النثر الشعري المستحدثة

المؤكد اليوم أننا أمام جنس أدبي جديد متحرر من كل القيود والمقاييس المتعارف عليها في تحديد الأجناس الأدبية المتداولة في الساحة الأدبية.. جنس يعتمد التداعي الحر للخواطر والأحاسيس.. إنها قصة النثر الشعري ..مصطلح جديد أطلقته على هذا الجنس الأدبي المستحدث الذي يجمع بين الفن القصصي وقصيدة النثر..لقد كتبته بنفسي وكنت مترددة في أمر جنسه. وها أنا أجده عند الكاتب الليبي المبدع "إبراهيم عبد الحميد" متجليا بوضوح وسطوع يجعلك تتبين فعلا أنه جنس أدبي يختلف عن بقية الأجناس الأدبية المعروفة وبيقين كبير حتى لو هاجمني النقاد والكتاب وبعيدا عن قيود التصنيفات والدراسات والبحوث الأكاديمية وغربال النقد.


إن قصة النثر الشعري عند الكاتب الكبير "إبراهيم عبد الحميد" بديعة في التصوير أنيقة في اللغة رقيقة في الأحاسيس انسيابية في أسلوبها تدهشك وتسحرك برمزيتها وجمال سردها ووهج صورها وعمق خواطرها وألوانها السريالية وتجلياتها الصوفية التي تزيحك من عالم المادة وتبحر بك في عالم الروح..معتمدة في نسج حبكتها على الدفقات الشعورية العفوية.. يتحرك أبطالها وتنمو أحداثها وتنتقل بسلاسة في الزمان والمكان ..تطوف بك في فضاءات الذاكرة لتنتشلك من واقعك إلى عالمها ومن حاضرك إلى أحلامها وتموجاتها المربكة والمذهلة. لقد تفوقت قصة النثر الشعري أو السرد الشعري عند الكاتب على القصة والقصيدة إذ جمعت من جمال القصة وسحر القصيدة ومزج منهما ببراعة قلما نجدها عند الكتاب..فهي تمتعك وتدهشك بسردها الماتع وأسلوبها الأنيق وتأثيرها الشديد فتشدك إليها من أول كلمة حتى ٱخر حرف ..وتجد نفسك مصلوبا إليها مبحرا في عوالمها الصوفية الحالمة وأحاسيسها الحية المبعثرة ورسائلها الرامزة المشفرة..وتكامل صورتها الشعرية المبتدعة.. يتحرك أبطالها خارج فضاء الزمان والمكان .. المكان مكانهم والزمان زمانهم..يختصرون العصور ويتأرجحون بين الماضي والحاضر ويستشرفون المستقبل ويتحركون في الأمكنة بلا قيود.
إنها قصة بكل مقوماتها وقصيدة شعر نثرية لا تلتزم الوزن الخليلي إنما وزنها الحقيقي وبحرها الموسيقي الدفقات الشعورية العفوية بهدوئها وانفعالاتها وهيجانها ..تلك هي الموسيقى الحقيقية الخفية التي تجذبك إليها أكثر من أي وزن خليلي فتستعذب الانصات إليها بكل جوارحك .. وكثيرا ما نجدها على تفعيلة معينة وقوافي منسجمة متناسبة تتغير من دفقة شعورية إلى أخرى..من رجز إلى متقارب إلى كامل..خاصة في حضور الموهبة الشعرية..فيسبكها الكاتب بملكته الفطرية..
لقد أطلق الكاتب على هذا الجنس الأدبي الدفقات الشعورية..يقول في تقديم مجموعته القصصية الموسومة تميمة عطر :" اخرج من سكون صمتك ومن الفراغ المحيط بك وأحمل كلماتك على ظهر قلبك..واعدو نحو بحر ذاتك ،جفف حزن المعاني،خلص الكلمة من ٱسر القيود وانر دربك واسبق الزمان ودع الدفقات تتدلى من غصون شعورك وأودعها كل أسرار قلبك لتتوضأ من نهرك وتخلص من لغة المستحيل وارتشف وتجرع صورك الإبداعية من عناصرك انت وتنقل في غيابات روحك ولا تخف من القناصين وانغمس في ألوان لوحاتك وانهض من دكنة التصنيف فأنت جنس نفسك "
إن قصة النثر الشعري عند الأديب الليبي القدير "إبراهيم عبد الحميد" تثر دفقات دفقات لتتحول إلى سيول جارفة يستحيل الإفلات منها دون الغرق في بحرها الذي تصب فيه..تعب من عطره العجيب فينشيك ويثملك..عطر الأرواح الملائكية النقية المغمسة في صوفيتها الساحرة الملازمة لمناجم الطهر النوراني..لتحملك إلى فصل من فصول الروحانية.. تعزف تراتيلها وتنفخ الحياة والأحاسيس في حروف حية وكلمات وصور وأخيلة تدهشك ألحانها وتمتلكك نبضاتها وكأنما تسمعها من بين ضلوعك..إنه الحس الإنساني حينما يبلغ مراتب الصوفية وينسلخ من شرنقة المادة وأصفادها الواهية..فهي الصفاء والنقاء والطهر ينسج حروفا حريرية ناعمة متناغمة تنير عتمة الخواطر والأفئدة..
يقول الكاتب في قصته النورانية المعنونة "ارتباك" :على ظلال سكون الذاكرة.. تفيء روحك ،ينبشك ضجيج الصمت.. تدغدغ الكلمات ضفاف القلب، مرغما تسكن عذابك العذب..تنهمر الكلمات سخية لتبثك على ورق الزمان..تميمة، طلسما، ايقونة للفرح، يسقيك الفرح قطرة قطرة من رحيق الحب..تشتعل فيك جذوة الحياة نور يتلألأ.."
وفي شاعرية دافقة يواصل الكاتب سكب أحاسيسه النورانية المتطلعة إلى الصوفية المتحررة "طوبى لك أيتها المباركة ..اخرجيني من صومعة عشقك..يقلقني صمتك..عالية أسوار سجنك..اسقيطيني من كل حساباتك ..ودعيني اتوحد مع خمر دمي..علني أسري على الشفاه أغنية للحياة يرددها كل السكارى..وكل الحيارى..واتركي شكي يستحم في يقيني..بوحي لعنة مسجونة في منذ بدء تكويني ولم اتوضأ بدمعي لكي أتطهر من عتمة جنوني"
بهذه الدفقات الشعورية الحالمة الساحرة بلا قيود كأرواح نورانية ترسم توهجها وظلالها الحروف والصور الشعرية التي تجعلك تسبح في فضائها المفتوح المنفلت من كل قيود الصنعة والكتابة..هنا الإبداع الحقيقي الذي كسر قيود النقاد وقطع كل أطناب اعرافهم المتداولة..يتحرر من سلطان العقل والرقابة في سريالية ورمزية وصوفية عجيبة ..هذه الفضاءات الحرة جعلتني أتحرر في قراءتها من كل مقاييس النقد المعروفة وأتجرد من كل الأحكام المعدة لأتهادى في عفوية تحت ظلال الحروف المنسوجة من وميض الروح..فتسلقت خيوطا متدلية من سماء الكاتب ..فهو يقول في قصة النثر الشعرية الموسومة "احتيال": بيني وبينك سور من الخوف.. وبيني وبينك مسافات شاسعة من عدم التفاهم..فأنا حر طليق اسبح بكل الفضاءات بلا قيود ،اعيش اللحظة وأنت سجين افكارك وذعرك من الغد المجهول ، وهم الوصول إليك ضرب من المستحيل ".
لقد كانت اللوحات الشعرية "تميمة عطر" يتدفق شذاها ليملأ الصدور بعبق أريجها السحري وكما نثرت الكاتب إلى شذرات وهي تنفجر نثرتني وانا أقرأها..يقول فيها ململما أوجاعه وخيباته وأحلامه وعشقه الأسطوري الذي يلازم روحه في كل أحوالها هذه المرأة أو هذا الوطن يقول في "قنينة العطر" : " حاول أن يقترب منها ولكنه سمع دوي صوت انفجار هائل اقتحم صمت المكان..اخترق جدران هياكل المنازل..وفي ترنح صرخ لا لا قارورة العطر..وتطايرت أشلاء جسده على كل حبة رمل في ميدان الساحة الترابية"
وليس بعيدا عن هذه القصة نجد الأنفاس تتردد في "طيف": "بكل وحشية وجموح وهيجان..تسكن روح جدي مجموعة من الأساطير.. تملؤك رعبا.. فقد عاش حياته مطاردا في جحيم العواصف الرملية.. يطارد الجن في فراغ الصحارى الوحشي ..يجري خلف قطعان السحب الهاربة من قيظ السكون..المهيمن حد الدمار"
إنها القصة التي سرد من خلالها قصة الإنسان وقصة الفرد العربي وقصة المواطن الليبي ووطنه.. وبشاعرية متفردة مفعمة بروح الأساطير والرمزية والتشويق والخيال الخلاق يسافر بنا الكاتب في عالم التاريخ فيعيد بناء الزمان والمكان بمنظور نفسي وطني يتوغل بنا في قصته "طيف" :" ومن قرية إلى قرية يفتح الأبواب لنسائم الفجر الجديد ويطرد كل الغرباء الذين انجرفوا إلى داخلنا وسيترك لنا كتبا مليئة بالبطولات ويجعل نور الشمس يتسلل إلى بيوتنا ينير لنا الطريق ..جدي طيف لمن يتذكرون ومن لا يتذكرون.."
لقد رميت بغربال النقاد مجبرة أمام هذا المد الإبداعي العاتي وهذا الزخم الروحي الدافق ..فمن المستحيل أن نستجمعها في غربال عتيق أو مألوف.. فهذه دفقات روحانية متحررة من وعاء المكان وأسوار الزمن..إنها تباشير ولادة جنس أدبي مستحدث.. فطوبى للأديب بإبداعه المتميز وشكرا له لأنه منحني يقين وجود قصة النثر الشعرية.
دراسة نقدية بقلم : سحر القوافي ـ الجزائر

*****

روابط لتحميل الملحق الشهري العدد 15 ديسمبر2020
https://pdf.lu/3Rba

https://www.fichier-pdf.fr/2020/02/09/------15-2020/

Fichier PDF ‎⁨ « ملحق الفيصل الشهري العد15جانفي 2020 »⁩.pdf

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
‎لتحميل الملحق الشهري العدد 15 ديسمبر 2020
‎و مشاركته عبر التويتر أو الرسائل القصيرة هذا الرابط الخاص:
https://pdf.lu/3Rba

‎المسنجر و البريد الإلكتروني و واتس آب استعملوا هذا الرابط :
https://www.fichier-pdf.fr/2020/02/09/------15-2020/

‎لمشاركته على موقع أو مدونة يجب نسخ هذا الرابط و لصقه على محرك البحث:

Pour télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 14 en
format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :
*****
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
@elfaycalnews

: journalelfaycal
‎ـ أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of
freedom of expression and justice click on this
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على السبت, 15 شباط/فبراير 2020

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :