وتحدثت عنه تحت عنوان "الغياب الأول". إذ لا يشكل مثالا وقدوة لرجل مستقبلها وفارس أحلامها، وبذلك تكون عقدة أوديب بارزة في الرواية بشكل عكسي، أو ربما تجاوزتها بشكل كلي، وهذا ما نلحظه في المقول السردي: "لم أبحث عنك في رجال آخرين. أحببتهم في اختلافهم لأبقيك غائبا. تفتحت على الحب مع أولئك الرجال يا أبي..."
ذلك الأب صاحب القبعة الريفية، والسروال المشمر، والسترة الخفيفة، الذي تنعته بالجاهل الأمي، ويتجلى هذا في مواطن عدة في الرواية، مثل: "أنت الأمي"، وأيضا في: "لا تعلم بذلك لأنك لا تجيد القراءة"، وهو ما عزز جرأتها في البوح عن الألم الذي عاشته منذ الصغر، ومدى الهامشية التي عانت منها فقط لكونها بنتا؛ لتتشكل صورة الأب لديها في كونه أبا يفتخر دوما بأنه والد الذكور، ويلعن زوجته أم البنات، وفي هذا السياق، تقول الراوية: "كنت تخاطب أمي فتقول لها "أبنائي" عن أشقائي و"بناتك" عني وعن شقيقاتي، تلفظ "أبنائي" دائما باعتزاز، ويعتري نبرتك النزق، والهزء، والبغض والغضب أحيانا، وأنت تقول "بناتك". وهكذا وجدت البطلة نفسها تصرف النظر عن أن تكون أمّاً، ما دامت الأمومة تجلب كل هذه التعاسة والتمييز بين الذكور المبجلين والإناث اللواتي غير جديراتٍ بالحياة.
هذا القهر الذي شعرت به البطلة نتيجة التهميش والإقصاء والنظرة الدونية من والدها دفعها أنْ تبالغ في عنادها له وكرهه لدرجة أن تمنت له الموت "تمنيت هذه المرة لو تموت يا أبي".
إنَّ الصورة التي ظهرت فيها شخصية الأب في الرواية لا تخرج عما هو معهود عن صورته في الرواية العربية، وخاصة تلك التي كتبتها كاتبات عربيات، فثمة صورة نمطية سلبية للأب في الرواية العربية، وربَّما عكست هذه النظرة مواقف تلك الأديبات من المجتمع وسلطته الأبوية البطريركية التي تتسلط على المرأة/ البنت/ الزوجة/ وكل ما هو أنثوي، فالأب هو مثال السلطة وربَّما شكل في اللاوعي تجسيدا للسلطة الأكبر تلك التي استقر عليها المجتمع. فليس والد مليكة فقط من يحمل تلك الأفكار السلبية عن الابنة، بل إنَّها صورة قديمة ومتجذرة في الوعي العربي الإسلامي منذ الجاهلية وحتى الآن، ومهما حاول القرآن الكريم التخفيف من حدتها إلا أنَّ الوعي وترسباته أكبر من التأثير الديني، فلم يلتفت الأب/ الرجل/ الذكر إلى قول الله تعالى: ﴿وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساء ما يَحْكُمُونَ (59) ﴾ .إنَّ الأب في الرواية يمسك بناته على هون وضِعَةٍ، فهن أقل مرتبة في نظره من أبنائه الذكور، إلى درجة أنه ينسب الذكور له "أبنائي"، والبنات لأمهن "بناتك"، تعميقا لهذا التجسيد المهين لوضع المرأة، فهم جميعا- ذكورا وإناثا- إخوة أبناء أم واحدة ورجل واحد، إنه الإقصاء وعدم الاعتراف.
إنَّ ما تحدثت به مليكة مقدم عن صورة الأب الغائب، يكشف عن مدى تمردها عليه ويظهر ذلك في اختيارها ضمير "أنت" في الخطاب، وفي توظيف هذا الضمير في مخاطبة شخص غائب أو تتمنى غيابه، كأنَّك تريد أنْ تستحضره أمامك مكتوفا ذليلا، وهنا تحاول مليكة مقدم التمرد على والدها الذي يمثل السلطة مرتين، مرة بإقصائه من السرد فلا يلوح إلا غيابا والثانية في محاولة قتله معنويا والتخلص منه.
لم يعد الأب في الرواية هو أب مليكة مقدم فقط، بل هو أب النموذج والمثال الذي يعكس مجتمع كامل، وبذلك تكون الرواية قد عالجت الموضوع من جانبين؛ جانب ذاتي يخصّ الساردة مليكة مقدم، وجانب يتخذ صفة العموم، تعنى به كل امرأة في هذا المجتمع المقهور بهذه السلطة وبهذا يكون المتن الحكائي عبر شخصية الأب قد عمم التجربة الذاتية للمؤلفة لتأخذ أبعادا عامة وبذلك تكتسب التجربة الذاتية صفة العموم، وهذا ما يطمح إليه السرد في التخييل الذاتي عبر مراوغته بين المرجعيات الواقعية والتخييل الروائي ذاته، إذ لا يمكن التوقف عند صورة الأب واعتبارها صورة أب مليكة وحدها، بل صورة كل أب مهووس ومعبأ بأفكار الرجعية والجهل والتخلف.
****
Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 25/ ديسمبر 2020 ـ جانفي 2021
https://fr.calameo.com/read/006233594d978f067c2c3
طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 23 et 24 mois (octobre et novembre 2020
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://www.calameo.com/books/0062335945021221c6506
*****
ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of
freedom of expression and justice click on this
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون
مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)
آخر تعديل على السبت, 13 شباط/فبراير 2021