wrapper

الجمعة 26 أبريل 2024

مختصرات :

ـ كتبت: هند زيتوني


الشعر هو الدم الآخر الذي يسكننا، وعندما يفورُ شريانه نعرف بأننا أمام عملية مخاض لولادة قصيدة جديدة. لا أشكّ في أن الشاعر فراس حج محمد يملك شرياناً متميزاً، يضخ له حروفاً  متفردة لا يملكها أحد. كما قال الشاعر سعدي يوسف "السير مع الجميع، بخطوة وحيدة".


وأنا أطالع ديوانه الرائع "وشيءٌ من سردٍ قليل" وجدت نفسي بحالة نيرفانا لم أعهدها من قبل. فعندما بدأتُ القراءة، حملني طائر الشعر وهبط بي على أغصان قصائده المتفردة التي تتميز بالبيان الساحر والشاعرية العذبة. وكأنني كنت أستمع لأوركسترا تعزف على الحرف الباذخ البديع، الجريء والشفاف.
 فلا بد من أن أعترف في البداية بأن هذا الشاعر الفلسطيني- هو ناي في فم القصيدة–  وما زال يمشي كل يوم إلى كرمة الشعر ليعتّقَ خمراً، وبما أن الشعر لا يمكن شرحه، لأنّه ابن الحدس والتأويل- كما قال أحد الأدباء- ولكن عندما سيقرأ هذا الديوان علماء اللغة والبلاغة سيجدون أنّ هناك الكثير من الشعر المميز الذي لا يُخفي نفسه. والصنعة الشعرية البديعة التي صيغت بلغة غنية بالمفردات، بالإضافة إلى السرد النثري، والخيال الآسر.
وكذلك سنجد أنَّ هذا الشاعر البديع، لديه قدرة هائلة على ترويض الأفعال والأسماء، وكأنه يخلق أبجدية جديدة ونمط جديد لكل ديوان يكتبه. فهذا الديوان يختلف عن الدواوين التي قرأتها له، فبعد أن تقرأه تشعر أنه قصيدة غزل وحب طويلة كتبت بحرفية عالية المستوى. لا شكّ في أنه شاعر نمت على أصابعه أغصان الحروف وأزهار المعاني، وتلك موهبة ومنحة إلهية أغبطه عليها.
الشاعر فراس حج محمد شاعر الحب والمرأة بلا منازع لهذا الوقت ولكل وقت، شاعر يكتبه الشعر بلا تكلف، بلا صور معقدة أو غريبة، تسيل منه لوحات الشعر كشلال يتراقص على  قيثارة النجوم. للمرأة مكانة كبيرة في دواوينه، يعرف كيف يصفها، وكيف ينتقي الكلمات المناسبة لها. يقول:
إلى امرأة تحب قصائدي وتولّهي
وتمليني عليّ قصيدة من وحي عبقر
يا حلوتي هذا الصباح إليك سُكّر (ص 172)
ويقول: في قصيدة شهية فعل الأمر:
تعالي واشعلي جسدي
وذوبي في الغواية
واحملي عني يدي لتستريح بموج شعرك
واقطفي عسلي كيما تعود شهيتي، جذلى
ترتّل في السماء نقيّ سردك ...! (ص 7)
أي موسيقا تنهمر من تلك الكلمات؟ وأي جمال آسر تحمله مفرداته؟
عندما نتابع القراءة، نجد أن الشاعر جمع بين الشعر الأيروسي والصوفي. وقد يتعجب منه القارئ كيف يفعل ذلك، ولكن لا أرى أيّ إشكال في ذلك؛ فمزج الألوان جميل في اللوحة الفنية. مثلاً من الممكن أن تمزج بين الأحمر والأسود أو الأبيض والرمادي، هذا يضفي جمالاً على المضمون الشعري في سياق الكتابة ويمنحه نوعاً من التنوع.
الصورة الشعرية مذهلة، وجامحة وثمّة حدس، قلق وشغف يدفع الشاعر للكتابة، وقد يكون هناك للشاعر أنوات تتدفق بالشعر وتفيض بالعاطفة، أشعر أنها تنقلنا إلى ارتفاع معين في السماء، لتبعدنا عن وجع الأرض. كما أنها صورة، ناطقة، تكاد تقفز من الورقة. إنه شاعر يفرد بساط جموحه وعشقه بأناقة وجمال وجرأة وينثر عليه حروفاً مضمّخة بالحب والشهوة والغريزة العفوية. يقول في مقطع آخر:
تعالي كي تأكلي الثمرة
وآكل حبة التوت الشهي على وجع المياه
تعالي واغرسي الشهوة فيَّ
كي أقوم إلى معابد نشوتي
ثم يقول: تعالي مثل عصفور شهي النقر في شفتي
لأكتبَ من جديد ما أراه (ص 11)
هنا تتجسد الصورة الشعرية الأيروسية بمنتهى الجمال والأسلوب البديع. ثم نجده يقول: جائعٌ لسيل الضوء من قمرٍ يضاجع غيمةً
تلهو على أطراف كون
جائع للسرد (ص 37)
ثم ينتقل إلى أبيات لها صبغة صوفية حين يقول: "الحب إعجاز إلهي كما القرآن". (ص 104)
وغردي على غصني القريب من الله
كناراً ذاب في قلب الكنار
أعطني بنتاً تُحبُ الله والدنيا
تحب الناس والحيوان والأحلام، والدفلى (ص 14)
ثم يقول في هذه الصورة الشعرية البديعة:  
وأخيراً تسقط الشمس بعيدة عني ويطفئ الله العالم عند المغيب
تؤدّبني، سنوات عمري الستة والأربعون واكتفي بالأغاني. (ص54)
وأيضا:
قبليني
كي أحفظ مفردات الله
قبل ظهور الجنة والدركات السفلى من نزل الجحيم.
قبليني بشرعة عيسى وأحمد
لينهض كل شيءٍ من عدم (ص 93-94)
ثم إن للثورة والسلام والوطن حصة في شعر الشاعر، حيث يقول:
قبليني كي أشعر أنني قد صرت حياً
حراً
رجلاً ثورياً، فالآتي ليس كضربة نرد (ص 91)
اللافت في هذا الديوان المذهل التناص القرآني الجميل الذي بدأ به العنوان فكان موفقاً في ذلك:
- (وشيءٌ من سردٍ قليل)
- كل ما في الأمر أن فراشةٌ تشهد (أن لا إله إلا الحب)
- لو كنتُ  فظاً أو غليظ القلب لانفضت طيور الشعر من حولي
- يحملني الحُبّ على تفسير قرص الشمس
- وجه له عينان باسمتان ويقول لي بغنجٍ (هيتَ لك)
ويكتب عن الحب فيقول:
يا حب لا تكُ قاسياً فتكسرني
وغلغلني بكلك كي أعيش في صوري على المرآة
أراك حياً مثل وحي الله. (ص 23)
كما قلت سابقاً للشاعر فراس حج محمد، مدرسة شعرية خاصة، حيث يبتعد عن الكتابة المتكررة والمقلّدة. هي كتابة بكر- لم يجترحها أنس ولا جان- يجب أن ننتبه لهذا الأمر ونغرف من بحر إبداعه. فهو قامة فلسطينية مميزة. لا أريد منكم أن تسموا شارعاً باسمه، ولا أن تطبعوا صوره على عملة ورقية، ولكن أتمنى أن يدرج شيئا من شعره في برامج التدريس، ليتعلم الجيل الجديد من إبداعه، لأننا سنجد في حدائق هذا الشاعر ما ننهل منه الكثير من مدرسة شعرية راسخة، قد تكون عوناً للأجيال القادمة.

كاتبة سورية مقيمة في أمريكا

****

 

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

آخر تعديل على الإثنين, 28 شباط/فبراير 2022

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :