و هذا التحول بحاجة إلى تجاوز حالة المثقف المقاول في علاقة المثقف مع السلطة الحاكمة و التحلي بثقافة "صديقك من صَدَقك لا من صَدَّقك"، و لا بد من تجاوز حالة الثقافة و الإعلام الذي يقدس السلطة و يحتكر الحق و الحقيقة لأن لدينا الكثير من المثقفين لكن الندرة منهم هم المفكرون و العلماء و الفقهاء لأن الدور الهام للمفكر هو نقد و تصويب حالة المجتمع.
إن العطاء الفني الرفيع لأدباء و علماء المهجر أمثال جبران خليل جبران و أيليا أبو ماضي و أدوارد سعيد و أسماعيل الفاروقي و زويل كان سببه وجود البيئة الممكنة للإبداع و توفر مناخ الحرية اللازمة الذي يساعد المفكر على الإنسجام مع النفس و فهم الواقع و حركة التاريخ و تداول الأمم، و لعل تراجع التعليم من أجل المواطنة و التعليم من أجل الإبداع و توليد المعرفة و تكوين المؤسسة المتعلمة هو الذي أدّى إلى الغربة و الإغتراب في الوطن العربي، و هذا بدوره أدّى إلى فقدان المشاركة الفاعلة في المجتمع و فقدان السيطرة و المعنى و المرجعية الأخلاقية.
و من نتائج الإغتراب (حالة اللامنتمي) ضمور دور المجتمع المدني و العمل التطوعي و هيمنة و وصاية السلطة على نوافذ العمل الإبداعي و الفني و الثقافي.