wrapper

الأربعاء 08 ماي 2024

مختصرات :

"نزار قباني:  عظم المرأة...وعاش متجولا في مدن سحرها .. "

 

*
تحل في الـ 30 من شهر أفريل الجاري الذكرى التاسعة عشر على رحيل، أحد كوادر الشعر العربي في العصر الحديث، شاعر أقل ما يقال عنه أنه يقل نظيره

في راهننا اليوم، في حبه وعشقه وامتنانه لمن كانت سببا في وجوده، إنها المرأة التي كان لها أبا وأخا وحبيبا، ومتيما تسير في أنفاسه الأنثى مجرة الدم في العروق، إنه الشاعر نزار القباني الذي تربعت على عرشه الحرائر، فأبدع ونظم شعرا وقصائد دغدغ بها حواسها وعظم من شأنها وتملكت مشاعره وسكنت وجدانه.
30 أفريل 1998 تاريخ  ودعت فيه المرأة من عرف قدرها وتفانى في حبها وعشقها حد النخاع، هذا التاريخ توفي من توشح بمودة المرأة، وعاش يناضل وباحثا في قواميس الحب العشق ليغدق من أحبها ويرى فيها جميع نساء العالم بعبارات أحلى من قطرات الشهد المصفى
وبهذه المناسبة، ارتأت جريدة  "الفيصل" أن تعود بقرائها إلى حياة شاعر الحب والمرأة والوطن .


*إعداد :سعاد طاهر محفوظي

*
 تخرج نزار من الجامعة السورية بشهادة في الحقوق عام1944، ولكنه لم يمارس القانون ولا المحاماة ولا القضاء، بل خدم في السلك الدبلوماسي السوري للفترة 1945-1966.. وتنقل ما بين القاهرة، وأنقرة، ومدريد، وبكين .. كتب الشعر منذ مطلع شبابه ، درس في الكلية العلمية الوطنية بدمشق وفيها التقى أستاذه خليل مردم بك الذي أخذ بيده ودفعه وشجعه ونشر ديوانه الأول " قالت لي السمراء " على نفقته الخاصة وهو طالب في الحقوق.. وخرج عن التقاليد والأطواق متمردا عليها ، إذ ثار عليه بعض رجال الدين وطالبوا بقتله عام 1945 اثر نشره قصيدة ( خبز وحشيش وقمر ) .. استقر في بيروت بعد أن آثر الشعر وترك الوظيفة التي قيدته لسنوات طوال تقدر بقرابة عشرين سنة .. أصدر عدة دواوين تصل إلى 35 ديوانا كتبها على مدى نصف قرن، وله عدة كتب نثرية، وقد أسس نزار دار نشر لأعماله في بيروت تحمل اسم منشوراته، غنى المطربون عدد من قصائده، ومنهم: كوكب الشرق  "أم كلثوم"، الفنانة نجاة والعندليب الأسمر "عبد الحليم"  وفايزة وفيروز وكاظم الساهر، وماجدة الرومي وأصالة وغيرهم...


زوجات نزار القباني


نسبة لنظرته إلى المرأة من طفولته التي حملت التوقير والإخلاص، فإن حياة نزار الرومانسية كانت قاسية، وشرسة، وعاطفية، لكن لم تكن مملة على أي حال.
وقد جمعته العديد من العلاقات مع نساء جميلات، وتزوج مرتين ولديه أربعة أبناء بنتين وولدين
 كان نزرا يزور العراق دوما ويلتقي فيه بأبرز المثقفين والأدباء العراقيين .. وفي بغداد التقى  بلقيس الراوي وتحابا إلى حد العشق، ولكن أهلها منعوا زواجهما، فافترقا وتزوج للمرة الأولى ابنة عمه زهراء، وله منها طفلين هدباء وتوفيق، وشاءت الصدف أن يلتقي بلقيس ثانية بعد سنوات فتحقق حلمهما وتزوجا وعاشا معا، وله منها ولد وبنت، وجاء مصرعها عام 1982 اثر تفجير السفارة العراقية ببيروت وكانت تعمل فيها، فكان ذلك صدمة عنيفة عنده وآثر التنقل في باريس وجنيف واستقر في لندن التي عاش فيها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته... لقد تلقى نزار عدة صدمات قوية في حياته الخاصة ، منها رحيل والدته وهو طفلها المدلل، ووفاة أخته وصال بمرض القلب، وانتحار أخته هدباء التي زوجوها برجل لا تحبه، ومصرع ولده توفيق وهو شاب في مقتبل العمر عندما كان يدرس الطب بالقاهرة .. وبعدها رحيل زوجته الأولى ابنة عمه على اثر مرض .. ومقتل زوجته الثانية بلقيس التي قال عنها نزار في كتاب يحمل مذكراته: بلقيس هي كنز عظيم عثرت عليه مصادفه، حيث كنت أقدم أمسية شعرية في بغداد عام 1962م ويضيف ، قصتنا ككل قصص الحب في المدن العربية جوبهت ب(لا) كبيرة جدا ..وظل وضع نزار على هذا الحال حتى جاء عام  1969م، فيقول نزار "في هذا العام ذهبت إلى بغداد بدعوة رسمية للاشتراك في مهرجان المربد.. وهناك ألقيت قصيدة من أجمل قصائدي كانت "بلقيس الراوي" بطلتها الرئيسية:
مرحبا يا عراق، جئت أغنيك
وبعض من الغناء بكاء
أكل الحزن من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتها النساء
بعد هذه القصيدة التي هزت بغداد في تلك الفترة، تعاطفت الدولة والشعب العراقي مع قضية نزار ، وتولى القادة البعثيون خطبة بلقيس من أبيها.
ومع بلقيس شعر نزار أنه يعيش في حضن أمه، فظلت بلقيس تعامله كطفل وتعوضه عن بعد أمه فقد كان كثير التنقل ولذا نجد نزارا يكتب لها قصيدة بمناسبة مرور عشر سنوات على زواجهما يقول فيها:
أشهد أن لا امرأة
أتقنت اللعبة إلا أنت
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت طفولتي
تمتد خمسين عاما.. إلا أنت
وبعد وفاة بلقيس رفض نزار أن يتزوج، وعاش سنوات حياته الأخيرة في شقة بالعاصمة الإنجليزية وحيداً.


نهاية حياة نزار


شكلت السنوات الأخيرة من حياته صخبا من المعارك والجدل والقصائد السياسية الساخنة وخصوصا في عقد التسعينات من القرن العشرين. وقد قاوم مشروعات السلام والتطبيع مع إسرائيل وعبر عن ذلك في قصائده الشهيرة: المهرولون، والمتنبي، ومتى يعلنون وفاة العرب .. الخ. وقد توفي نزار في 30 أبريل 1998 بلندن ودفن في دمشق وترك أشعاره يرددها الناس.


نزار : ثورة التناقض في التغيير


كان المجتمع العربي يعتز بنخبه المثقفة ومبدعيه حيث كانت  وكانت الاستنارة في الفن والأدب قد وصلت إلى أعلى مداها عند العرب، حيث كانت في نفس الوقت الحياة العربية قبل هزيمة يونيو / حزيران 1967 بسنوات مفعمة بالروح القومية وذكر الأمجاد، وترديد الشعارات، وإذاعة الأغنيات الحماسية، والهوس السياسي، وحمأة الأيديولوجيات، وسماع الخطابات ..
ولم يكن لنزار قباني أي نصيب يذكر، حيث كانت المرأة شغله الشاغل يتفنن في توصيفاتها ويتخيلها كما يريد له خياله ويصورها كما يجمح به فكره، حيث كان نزار يتلذذ بمشاهد خصرها وسيقانها ونهودها وأظافرها وخصلات شعرها .. التي يخلقها ويجسمها تعبيريا برسم كلماته جميعها للناس، ويجلس يترقب ردود أفعالهم على نصوصه وأشعاره .. وكان ذكيا جدا في استخدام الألفاظ البسيطة جدا في خطابه الشعري الذي يدخل النفس مباشرة من دون أية تعقيدات، ونجح في تضمين كلمات عادية يومية يستخدمها الناس صباح مساء ..
لقد تميّز نزار بقاموسه الشعري وتعابيره التي انفرد بها عن الآخرين ، حيث بقي الرجل محافظا على التفعيلة الشعرية، وقد أغرم بموسيقى بعض الكلمات والتعابير التي كانت تثير الأحاسيس وتسخن العواطف .. لقد وجد في البيئة الاجتماعية العربية المكبوتة إلى حد النخاع فرصته التي يستطيع اللعب فيها لعباته العاطفية بكل جرأة وشجاعة وقد ساعدته ظروف تلك المرحلة على استخدام كل التعابير في الجنس والجسد والشهوات، ولكنه اضطر إلى تغيير جملة كبرى من ألفاظه وتعابيره في العشرين سنة الأخيرة من القرن العشرين بسبب تغيّر الظروف في المجتمع العربي تغييرا كاملا، وبسبب فقدانه بلقيس في رحيلها الذي قض مضجعه !
نزار ...


  قارورة الحب والمرأة


تأثر نزار قباني كثيرا في شبابه بانتحار أخته "وصال" - وهي من عائلة دمشقية عريقة - انتحرت عندما أرادوا أن يجبروها على الزواج من رجل لا تحبه، فنذر شعره لحب المرأة منذ صدور ديوانه الأول "قالت لي السمراء" عام 1944 ! وأصبح نزار قبانى من وجهة نظر مثقفي الخمسينات مجرد شاعر مترف برجوازي يكتب عن المرأة وجسدها.
وعندما اتهمه المثقفون والنقاد بالإباحية في شعره وطالبوا بتكفيره كتب قصيدة يدافع عن نفسه فيها قائلا:
يقول عني الأغبياء أني دخلت مقاصر النساء وما خرجت
ويطالبون بنصب مشنقتي لأني عن شؤون حبيبتي شعراً كتبت
أنا لم أتجر مثل غيري بالحشيش .. ولا سرقت ولا قتلت
لكنني أحببت في وضح النهار .. فهل تراني كفرت ؟ !
وبعد أن كان نزار يقول عن نفسه أنه:".... مسؤولا عن المرأة حتى الموت " و "أنني حارس ليلي على باب المرأة! "  نجده يصرح في لقاء لجريدة الشرق الأوسط قائلا: " أهل من الممكن، إكراما لكل الأنبياء، أن تخرجوني من هذه القارورة الضيقة، التي وضعتني فيها الصحافة العربية، أي قارورة الحب والمرأة " .


أروع ما جادت به قريحة نزار قباني عن الجزائر


تأثر الشعراء العرب في العصر الحديث بالثورة الجزائرية التي ألهبت حماسهم وقصائدهم بعظمتها، فانطلقوا يدفعونها ويدافعون عنها إذ أصبحت لديهم رمزا للحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، حيث تحدث الشعر السوري عن الثورة بإسهاب وخلد الشعراء السوريون الثورة الجزائرية أحداثا وشخصيات، وإزاء الإحساس العارم بالثورة الجزائرية عبر نزار القباني وسجل موقفه الحازم والحاد الرافض لممارسات قوى الاستدمار الفرنسي الهمجية الوحشية، ودعمه للشعب الجزائري في كفاحه ومقاومته وثورته.. فقال نزار:
‏‎‎لا يمكن أن يكشف وجه الثورة الجزائرية إلا من رأى إنسانا جزائريا، ‎ولا يمكن أن يعرف طبيعة الثورة إلا من تكلم أو دخل حوارا مع جزائري أو جزائرية..
‏‎إن كل محاولة لفهم الثورة الجزائرية من بعيد تبقى محاولة نظرية أو ذهنية كبعض أشكال الرسم التجريدي، أو بعض أشكال الحب العذري، وأنا لم أخرج من مرحلة الحب العذري الجزائري إلا في نيسان الماضي حين وطأت قدماي للمرة الأولى أرض الجزائر..
‏‎صحيح أن الجزائر كانت قصيدة مرسومة بأكواريوم في مخيلتنا، وكانت ثورتها لؤلؤة تتوهج في قلب كل مثقف عربي، وبين أصابعه، ولكن كل ما كتبناه عن (ليلى الجزائرية) كان على عذوبته وبراءته وصدقه شبيها بما كتبه جميل بثينة في لحظة من لحظات العشق الكبير..
‏‎ومع احترامي للعشاق العذريين، ولدموعهم وصباباتهم، وأشواقهم أحسست بعد أن رأيت الجزائر أنها أكبر من جميع عشاقها، وأعظم من جميع ما كتب عنها..ولا أدري لماذا شعرت وأنا أقف على شرفة غرفتي في الفندق والميناء تحتي مهرجان من الضوء والماء والجواهر برغبة طاغية في البكاء أو الاعتذار من ’’ حي القصبة’’ بأزقته الضيقة وسلالمه الحجرية ومنازله الخشبية التي تخبئ البطولات فيها، كما يختبئ الكحل في العين السوداء.
‏‎آه . . كم هو جميل وجه الجزائر..!!
‏‎‎..إن زيارتي للجزائر وضعت نهاية للكذبة الكبرى التي تقول : إن اللغة العربية مواطنة في الدرجة الثانية في الجزائر، وإن الشاعر العربي فيها غريب الوجه والفم واللسان..
‏‎من قال هذا الكلام؟؟
‏‎إن الجزائر التي دخلتها كانت وجها عربيا تضيء فيه مآذن دمشق وبغداد ومكة ، وتعبق منه مروءات قريش..
‏‎وأرجو أن تسامحوا غروري إذا قلت إنني لو رشحت نفسي في أي انتخابات شعرية في الجزائر لنجحت أنا وسقط ’’ أراغون’’
‏‎عربيا لا يحتاج المرء إلى منظار مكبر ليكشف أن الثورة الجزائرية هي الامتداد الطبيعي لكل الثورات العربية الأخرى ، أو أن هذه الثورات هي امتدادها..
‏‎والثورة الجزائرية حين تعبر عن انتمائها العربي لا تعبر عن ذلك بشكل استعراضي أو برومانسية مر عليها الزمن وإنما تضع ثقلها المادي والدولي والاقتصادي والحربي في كل معارك العرب..
‏‎..وفي كل الحروب العربية - الإسرائيلية، كانت الجزائر معنا تجهيزا وتمويلا، وفي كل مؤتمرات القمة العربية كانت الجزائر مع استمرار الثورة المسلحة وضد أنصاف الحلول وأنصاف الخيارات وأنصاف المواقف..
‏‎وهكذا نرى أن الثورة الجزائرية بعد عشرات السنين من النضال لا تزال في داخل الثورة، ولا يزال كل جزائري مستنفرا وواقفا على خط النار وحاملا بارودته على كتفه تماما كما كان في نوفمبر ..1954
‏‎فتحية للوطن الجزائري العظيم، وتحية للثورة التي لا تأخذ إجازة.
من أقواله
رحل نزار ومازال مثيراً للجدل، وقصائده تحفر عميقاً في وجدان محبيه
- المرأة الشرقية مستودع نفاق كبير..فوجهها وجهان ونفسها نفسان وخارجها وداخلها متناقضان.. تقول شيئاً وتضمر غيره  وتحب رجلاً وتتزوج سواه!...
- خمسين سنة حملت المرأة على أكتافي وقاتلت من أجلها وفي سبيل قضيتها لكنها في عز المعركة تركتني وذهبت إلى الكوافير.
- اروع ما في حبنا أنه ليس له عقل ولا منطق اجمل ما في حبنا أنه يمشي على الماء ولا يغرق.
- عندما تحب المرأة تحب بصوت عال.وتعبر عن حبها بالصورة والصوت أما الرجال فيمتص حبه كما تمتص ورقة النشاف قطرة الحبر، ويتآكل قلبه تدريجيا كما يتآكل محرك السيارة من داخله.
- دمشقُ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي.. أشكو العروبة أم أشكو لكِ العربا.
- اشتقت إليك فعلِّمني أن لا أشتاق.
- لم احبك كشخص فقط بل احببتك كوطن لا أريد الإنتماء لغيره.

*
وهاهو ذا شاعر المرأة نزار قباني قد تفنن في قصيدة " جميلة بوحيرد" أو بالأحرى كما لقبها بـ " جاندارك العرب " يقول :

*
الاسم جميلة بوحيرد
رقم الزنزانة تسعونا
في السجن الحربي بوهران
والعمر اثنان وعشرونا
عينان كقنديلي معبد
والشعر العربي الأسود
كالصيف ... كشلال الأحزان
أربعة للماء وسجان
ويد تنضم على القرآن
وامرأة في ضوء الصبح
تسترجع في مثل البوح
آيات مزقت الأوثان
من سورة مريم والفتح
‏‎اسم مكتوب باللهب
‏‎مغموس في جرح السحب
‏‎في أدب بلادي في أدبي
‏‎العمر اثنان وعشرونا
‏‎في الصدر استوطن زوج حمام
‏‎والثغر الراقد غصن سلام
‏‎امرأة من قسطنطينة
‏‎لم تعرف شفتاها الزينة
‏‎لم تدخل حجرتها الأحلام
‏‎لم تلعب أبدا كالأطفال
‏‎لم تغرم في عقد أو شال
‏‎لم تعرف كنساء فرنسا
‏‎أقبية اللذة في "بيغال"
*
‏‎أجمل أغنية في المغرب
‏‎أجمل طفلة أتعبت الشمس ولم تتعب
‏‎يا ربي هل تحت الكوكب
‏‎يوجد إنسان
‏‎يرضى أن يأكل أن يشرب
‏‎من لحم مجاهدة تصلب
***
‏‎أضواء "الباستيل" ضئيلة
‏‎وسعال امرأة مسعولة
‏‎أكلت من نهديها الأغلال
‏‎أكل الأنذال
‏‎"لوكوسف" وآلاف الأنذال
‏‎من جيش فرنسا المغلوبة
‏‎انتصروا الآن على أنثى
‏‎أنثى كالشمعة مصلوبة
‏‎القيد يعض على القدمين
‏‎وسجائر تطفأ في النهدين
‏‎ودم في الأنف والشفتين
‏‎وجراح جميلة بوحيرد
‏‎هي والتحرير على موعد
‏‎ومقصلة تنصب والأشرار
‏‎يلهون بأنثى دون إزار
‏‎وجميلة بين بنادقهم
‏‎عصفور وسط الأمطار
‏‎الجسد الخمري الأسمر
‏‎تنفضه لمسات التيار
‏‎وحروق في الثدي الأيسر
‏‎في الحلمة
‏‎في...
‏‎في..يا للعار
‏‎الاسم جميلة بوحيرد
‏‎تاريخ قرون بلادي
‏‎يحفظه بعدي أولادي
‏‎تاريخ امرأة من وطني
‏‎جلدت مقصلة الجلاد
‏‎امرأة دوخت الشمس
‏‎جرحت أبعاد الأبعاد
‏‎ثائرة من جبل الأطلس
‏‎يذكرها الليلك والنرجس
‏‎يذكرها زهر الكباد

***
قــــــــــــالوا عن نــــــــــــــزار


 نزار مدرسة شعرية وحالة اجتماعية وظاهرة ثقافية وأسماه حسين بن حمزة (رئيس جمهورية الشعر)، كما لقبّه بـ(أحد آباء القصيدة اليومية)، إذ قرّب الشعر من عامة الناس.
قال الأديب والشاعر عبدالوهاب البياتي أنه تنسم ياسمين دمشق حين قرأ ديوان "قالت لي السمراء" حيث قال :"لما قرأت "قالت لي السمراء" شممتُ رائحة دمشق، وقلت لنفسي أنه لا يمكن لأي شاعر أن يكتب مثل هذا الديوان، إلا إذا كان دمشقياً تنسم ياسمين دمشق، وذاق فاكهة فصولها الأربعة، وأصغى إلى أنين نافورات الماء في باحات بيوتها القديمة.
أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي:  وصف قصيدة نزار بأنها جماهيرية محتفظة بأناقتها وقال حجازي ماذا أقول عن نزار قباني وهو ملء السمع والبصر، نجم منذ ظهر لم يخفت ضوءه أبدا، بل يزداد كل لحظة تألقا وتوهجا؟ هل أتحدث عن نزار قباني الأخ الأكبر والصديق العزيز؟ ولكن نزار قباني بالنسبة لي شاعر كبير أولا وقبل كل شيء، شاعر كبير بما كتب، ولكنه شاعر كبير أيضا بما أعاد الشعر إلى الناس أو أعاد الناس إلى الشعر، بما أيقظ حاجتهم للقصيدة، وبما قرب القصيدة للناس، وجعلها أكثر دفئا وإنسانية، دون أن يكون ذلك على حساب جمالها، فقد ظلت قصيدته الجماهيرية محتفظة بأناقتها ودلالها وفتنتها.
محمد الفيتوري:  لا أستطيع أن أتصور الساحة الشعرية خالية من إطلالة هذا الفارس العربي النبيل. إنه بالنسبة لي وللكثيرين من أبناء جيلي واحد من البناة العظام الذين أسهموا بفعالية مدهشة في إعادة تصميم المعمار الشعري القديم، بان أضافوا إلى القصيدة العربية من وجداناتهم وغيروا من مواقع الجمال والتناسق في تشكيلاتها وبثوا أشعة الحياة في كثير من زواياها ومنحنياتها. من سنوات بعيدة ربما تجاوزت العقود الخمسة وهو يتقدم كتيبة الشعراء المقاتلين من اجل الحب والفرح والحرية من اجل تعميق الإحساس بالجمال والارتفاع بقيمة الإنسان.
أما سعدي يوسف فقال أنه لم ألتق نزار قباني إلا مرتين، فصل بينهما ربع قرن من زمن مضطرب، اللقاء الأول كان في البصرة، أما الثاني فكان في المغرب الأوسط، تونس تحديداً، حيث اشتركنا في ربيع القيروان. إلا أن الوشيجة الحميمة التي بدأت مع "قالت لي السمراء" ظلت في عنفوانها الآسر، حتى اليوم. بدا لي نص نزار، في الارتطام الأول، طريفاً مستطرفاً، حتى إذا صدر ديوان قصائد تأكد لي أن الشاعر أدخل نصه المدخل الصعب، وهكذا وضعته في القائمة الأليفة التي أتابعها بحرص وحب وانتباه، كتب نزار قباني كثيراً، وتضخمت مع الزمن أعماله الكاملة، إلا أن ديوان "قصائد" هذا، ظل لدي الأثير، باعتباره الديوان الذي أسس شاعراً.
ومن جهته اعتبر رجاء النقاش أن نزار قباني واحد من أكبر شعراء العرب في القرن العشرين. ولو أننا اخترنا قائمة من عشرة شعراء نعتبرهم أهم شعراء العرب في هذا القرن، لكان نزار قباني واحدا منهم . بل أنه يحتل مكانة في الصفوف الأمامية. ونزار أشبه بالبحيرة التي تصب فيها روافد عدة. منها الرافد الكلاسيكي الذي يحمل إلى شعر نزار معجما كاملا أصيلا من الكلمات العربية الصافية والأنغام الموسيقية القوية الغزيرة، ومنها الرافد الرومانسي بعذوبته ورقته وعشقه للحياة بكل أفراحها وأحزانها، ومنها الرافد الواقعي الذي يلتفت إلى مشاكل المجتمع ويعبر عنها بلغة عصرية ناضجة. وبالطبع فإن هذه الروافد جميعا تلتقي في مزيج شعري شديد الحيوية والجمال والتأثير.
أما عباس بيضون أكد أنه من دون نزار ما كان شاعر ولا كان الشعر، حيث قال أنه يحسب أن لكل منا "نزاره" الخاص. اذ يبدو أن اكتشاف نزار قباني جزء من اكتشاف شبابنا نفسه، والأرجح أن "قالت لي السمراء" و"طفولة نهد" و"أنت لي" و"قصائد" كتب وضعتنا فوراً في قلب شبابنا، وبدونها ما كنا لنعرف أن له لغة خاصة، وان لهذا "التوق" و"الموران" اللذين لم يبلغا بعد الرشد مكاناً في الكتابة والتعبير. عمر كتابة نزار بعمر شبابنا، وأحسب أنها هكذا لكل جيل جديد، شيء كالرقصة الأولى، ويندر أن نتذكر هذه القصائد على أنها شعر فحسب. انها قطعة من عمر، وإذا تذكرناها تذكرنا معها أنفسنا، فلا عجب أن يكون في حياة كل منا عهد لنزار قباني. نزار قباني، على هذا، شيء لا يمكن زحزحته من حياتنا بالهين. انه ليس كتاباً فحسب ننساه على الرف أو نرميه خارج المكتبة، بل هو ليس مجرد شعر، فهذه الكتب التي "رُجمت" من الجيل الذي سبقنا واعتبرت دون "الرشد" و"النضج"، قرأناها نحن على أنها أخف من أن تكون جزلة، وأكثر حرية من أن تكون عصماء، وأقل وقاراً من أن تكون جليلة مأثورة. قرأناها على أنها ليست تماماً من "الديوان"، وليس لها مثال صريح في أدبنا، ولا تذكر بالفحول وقد تذكر بشعراء أدنى في طبقات الصوت وطبقات الشعراء.
أما الشاعر لخضر خلفاوي فقد رثى نزار قباني في مقطع من نصه الشعري " هذا حزني " الصادر ضمن ديوانه المترجم : المساء فهمه: رسالة مفتوحة إلى الله!" لعام 2014 عن " لارماتون" باريس :


ـ حتى ذاكَ الشاعِر الذي أُحِبُّهُ في
شِعرِهّ رَحلْ!!
عاشَ ” نزار” حزين..
ومات ” نزار” حزينْ..
وصرتُ أنا من بعده هذا ـ اليتيمْ ـ!!
لقد ترك لي إرْثهُ الثقيل بالوجع و الأحزانْ..
وقصيدةٌ طويلةٌ لم تكتمِلْ إلى حينْ؟!
يا لِإرثِكَ العظيم!!!
لماذا مُتَّ يا ـ أبي ـ ؟؟!
وصيّة ” ليلى العامرية “..
ومسودّة مفتوحة للنقاش،،
تخُصُّ بني العباس وملوكِ بني أُميَّه..
وأُخرى قابلة للتسويد أكثر ، بعد حمَلاتِ التهويد..
أفرزتها اجتماعات الجامعة العربية!!

*

ـــــــ مصادر مختلفة بتصرف و اقتباس منها مجلة " الوسط".

آخر تعديل على السبت, 29 نيسان/أبريل 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :