wrapper

الأربعاء 15 ماي 2024

مختصرات :

*بقلم: يسري عبد الغني | مصر


من أهم سلبيات ما بعد الحداثة اعتمادها على فكرة التقويض والهدم والفوضى، إذ لاتقدم للإنسان البديل الواقعي والثقافي

والعملي، فمن الصعب تطبيق تصورات (ما بعد الحداثة) واقعيا لغرابتها وشذوذها. و" بذلك، استهلكت (ما بعد الحداثة) قدرتها الإستراتيجية الفعالة في إبراز التحيزات المجحفة، دون أن يكون لها موقف أخلاقي أو سياسي أو اجتماعي. ويعجب المرء من المفارقة بين قوتها العدائية ضد التحيزات والنهاية المحايدة التي تنجم عن مثل هذه الحرب الضروس. ولعل مثل هذه النهاية هي التي دعت الكثير إلى توجيه أصابع الاتهام. فهناك من يقول: إن هذه السمة ذاتها هي التي تجعل "ما بعد الحداثة" متواطئة مع الأشكال الشمولية القمعية التي تسعى إلى الهيمنة والسيطرة والظلم الاجتماعي الاقتصادي. لاغرو والحالة هذه أن تدخل "مابعد الحداثة" مجال العلوم الإنسانية حديثا جدا، وحتى هذا الدخول لم يتسم بالفعالية نفسها التي عرفتها في الفن والأدب والموسيقى والاستعراضات المسرحية وغيرها من مشارب الحياة اليومية التي لا يترتب عليها اتخاذ قرارات حاسمة تمس حياة الإنسان مباشرة. ولعل المفارقة التي تجعلها عاجزة هي معاداتها للثنائية الضدية، إذ إن التضاد أساس المعرفة وأساس التحيز، وبدون التضاد لا يمكن معرفة ما إذا كان توجه ما أفضل من غيره. ولذلك، فإن دفاع "ما بعد الحداثة" عن الهامش جعلها تتقمص خصائصه، إذ انقلب على أهميتها، فأصبحت هامشية لا تغير من الواقع شيئا. وككل هامشي، أصبحت "ما بعد الحداثة" تتمنى أن يتحقق الوئام فجأة، فتسود العدالة، وتختفي الطبقية الهرمية، ويختلط المركز بالهامش، وتلغى الفوارق من غير تحيز أو غاية. هذه هي الطوباوية التي تحلم بها كل المثاليات: حداثية كانت أو ما بعد حداثية." 
ويحاول بعض الباحثين إيجاز مرتكزات ما بعد الحداثة فيما يلي : التقويض ، والتشكيك ، والفلسفة العدمية ، والتفكيك ، وأللا انسجام ، وهيمنة الصورة ، والغرابة ، والغموض ، والتناص ، وتفكيك المقولات المركزية الكبرى ، والانفتاح كوسيلة للتفاعل والتفاهم والتعايش والتسامح ، ويعد التناص آلية لهذا الانفتاح ، كما أن الاهتمام بالسياق الخارجي هو دليل آخر على هذا الانفتاح الإيجابي ألتعددي ، يضاف إلى ذلك قوة التحرر ، وإعادة الاعتبار للسياق والنص الموازي ، وتحطيم الحدود بين الأجناس الأدبية ، والدلالات العائمة ، وما فوق الحقيقة ، والتخلص من المعايير والقواعد الكلاسيكية .
ويلاحظ أن نظرية (ما بعد الحداثة) تقوض نفسها بنفسها؛ نظرا لطابعها الفوضوي والعدمي والعبثي. وفي هذا السياق، يقول دافيد كارتر:" وقد اجتذبت (ما بعد الحداثة) نقدا إيجابيا وسلبيا على حد سواء. فيمكن أن ينظر إليها على أنها قوة محررة إيجابية تزعزع استقرار الأفكار المسبقة عن اللغة وعلاقتها بالعالم، وتقوض جميع لغات الذات التي تشير للتاريخ والمجتمع. ولكن تعد حقبة "ما بعد الحداثة" أيضا أنها تقوض افتراضاتها الخاصة، وتحجب جميع التفسيرات المترابطة. وبالنسبة للكثيرين تعد غير مؤثرة وغير ملتزمة من الناحية السياسية. وأحد الأنواع الأدبية الشائعة التي تمكن من الاعتراف الآني، وتفكك الأنماط الأدبية التقليدية. يحطم كتاب الحداثة الحدود بين الخطابات المختلفة، وبين القصص الخيالية وغير الخيالية، وبين التاريخ والسيرة الذاتية (ومثال ساطع على ذلك هو كتابات و.ج.سيبالد)."

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :