، تلك الصحيفة التي استمرت من سنة 1923 إلى سنة 1929 ، وكان صاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ / عبد القادر حمزة ، والد كل من الإعلامية / كريمان حمزة مقدمة البرامج الدينية ، والإعلامية القاصة / جيلان حمزة ، وما يهمنا في هذا المقام المقالات المتأخرة ، أما المقالات النقدية القديمة فهي تقوم بمهمتها الكبرى في دعم الفهم الجديد للأدب بإعادة نشرها وتيسير الرجوع إليها في كتاب بعد أن كانت مبعثرة في الصحف السيارة . وفي واقع الأمر أن أستاذنا / العقاد قد أهدى تاريخ أدبنا العربي الحديث بذلك جهدًا عظيمًا بجمعه لمعظم مقالاته ونشرها في كتب ، أذكر لك منها : (بحوث في اللغة والأدب ) ، صدر سنة 1970 ، بعد وفاته ، و (بين الكتب والناس) ، صدر سنة 1952 ، و (ساعات بين الكتب) ، صدر سنة 1929 ، و (على الأثير) ، صدر سنة 1953 ، و (الفصول) ، صدر سنة 1922 ، و (مراجعات في الآداب والفنون) ، صدر سنة 1926 ، و (مطالعات ) ، صدر سنة 1956 ، وغيرها ، وغيرها . مقالات العقاد لم تكف بعد عن مهاجمة القديم ، ولكن بطريقة هادئة جدًا هذه المرة ، وعادلة تتحرى الحق ، وتعمد إلى الشرح والإفهام قبل الهجوم العنيف والصخ المباشر ، ولتقرأ معي مثالاً على ذلك ، وليكن مقالتيه عن (الأدب كما يفهمه الجيل ) ، وأذكر لك هنا أن هاتين المقالتين نشرتا بمجلة (المشكاة) ، المقالة الأولى نشرت في منتصف شهر يناير سنة 1923 ، في الصحيفة الثالثة من المجلة ، أما المقالة الثانية التي نشرتها نفس المجلة فيرجع تاريخها إلى أول فبراير من نفس العام ، ونجدها في الصحيفة الأولى من المجلة . هاتان المقالتان المطالع لهما يجد فيهما الأستاذ / العقاد يضع المقياس الحي والقوي لمعنى الأدب في ذاته ، وفي علاقته بالحياة ، وفي قدرته على تطويرها والنهوض بها ، وفي سبيل ذلك يشجب العقاد المعنى الرخيص للأدب ، والذي ينتشر في عصور الضعف ، وهو أنه وسيلة للتلهي والتسلية ، وهذا المعنى للأدب طالما نسبه العقاد إلى رجال المدرسة القديمة في فهمها للأدب ، وفي إقبالهم عليه ، واحتفائهم به . مقالة العقاد : (القديم والجديد ) يعرض فيها فكرته الرائعة في تحرير أبعاد هذه القضية الخطيرة التي لعبت أدوارًا شتى في الحياة الأدبية والفكرية والاجتماعية لبلادنا ، والذي يلفت النظر أن الأستاذ مازال مقيمًا على شجب الموقف التقليدي في فهم الأدب وإبداعه ، وهو يقرر في مطلع مقالته تعريفًا يرى أنه المزية المطلوبة في الأديب ، هذا التعريف يراه غير قابل للخلاف من أحد الفريقين : المجددين والقدماء ، إن شرط الأدب عنده أن يكون مطبوعًا على القول ، أي غير مقلد في معناه ولفظه ، وأن يكون صاحب هبة في نفسه وعقله ، لا في لسانه فحسب ، أي يجب أن تسأل نفسك بعد قراءته : ماذا قال ؟ ، لا أن يكون سؤالك كله : كيف قال ؟ ، فهو مطالب بشيء جديد من عنده ينسلب إليه وتتعلق به سمته ، ويخرجه عن أن يكون نسخة مكررة لمن تقدمه . هكذا يقرر العقاد في كتابه (المطالعات ) ، وفي مقالته المنشورة في البلاغ بتاريخ 15 أبريل 1924 ، والرجل يؤكد لنا أن كل من كتب على أسلوب من تقدمه في الفكر واللفظ فليس بأهل لأن يعد من الأدباء النابهين ، وهو ليس بذي هبة مأثورة في الأدب ، لأنه مقلد يحتذي مثال غيره . أقول لك : إن كتاب (مطالعات في الكتب والحياة) للعقاد بما فيه من مقالات سابقة أو لاحقة يعتبر نشره خطوة مهمة نحو التأكيد والتقدم بالمفهومات الجديدة التي يجب أن تسوده ، والتي في مجرد إذاعتها تأكيد لشجب الاتجاه التقليدي الذي يقف له العقاد بالمرصاد ، ولكن العقاد في هذه المقالات المهمة لا يستخدم العنف بل يهتم بالقضايا يعرضها ، وبالأفكار يشرحها ، على نحو يصل منه إلى ما يريد من رفع اتجاه ، وشجب آخر بأسلوب موضوعي متكامل .
آخر تعديل على الخميس, 23 آذار/مارس 2017مختصرات :
مطالعات في الكتب والحياة
- الأربعاء, آذار 22 2017
- نخبة
- مدير الموقع
*بقلم: د. يسري عبد الغني | مصر
الكتاب الذي أمامي الآن بعنوان (مطالعات في الكتب والحياة ) هذا الكتاب كتبه الأستاذ / عباس محمود العقاد ، وأخرجته المطبعة التجارية بالقاهرة ، سنة 1924 . هذا الكتاب يحوي مجموعة من المقالات المهمة بعضها نشر من قبل ، وبعضها كان مما نشرته صحيفة البلاغ
من أحدث مدير الموقع
- الحرب على غزة: تحقيق لـ"نيويورك تايمز": أين كان الجيش الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر؟
- « السندباد و الملكة »: إصدار جديد للكاتب المصري « محمد عزام »
- الوضع في الأراضي المحتلة: اليوم التالي لانتهاء العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين
- الجزائر تجدد رسميا تمسكها بالحق المشروع لإفريقيا في العضوية الدائمة بمجلس الأمن
- متى سنزيل النقطة عن الــ (غ)؟
وسائط
El-Fayçal Météo طــ الفيصل ـــقس
- سخرية الفيصل
- أعمدة الفيصل
-
الحرب على غزة البطلة: صور النصر المفقودة وأماني العدو المستحيلة
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي La guerre contre l’héroïque…
-
عد انتهاء مدة الهدنة الإنسانية توقعات واحتمالات/ نبل المقاومة وخسة الاحتلال في ملف الأسرى والاعتقال
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي نبل المقاومة وخسة الاحتلال في…
-
رأي: تعثرٌ عسكري في الميدان وتخبطٌ سياسي في الكيان أمّا نتنياهو فهوَ مُستهزئ من القمة العربية الإسلامية و بقراراتها!
رأي بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي Opinion: Essoufflement militaire sur…
-
الاستعادة الخلدونية:
مولاي عبد الحكيم الزاوي ابن خلدون علامة فارقة في مُنجز…
-
/عرب إسرائيل الجدد! / The new Arabs of Israel!/ Les nouveaux Arabes d'Israël !
بقلم: أحمد القيسي | لندن هل سقطت الغيرة والنخوة…
-
*ما هذا الخجل يا كُتّاب و يا مبدعين.. يا قامات الاِفتراض!
ـ كتب: لخضر خلفاوي Pourquoi cette timidité, ô…