wrapper

التلاتاء 14 ماي 2024

مختصرات :

 *بقلم: د. يسري عبد الغني | مصر

الكتاب الذي أمامي الآن بعنوان (مطالعات في الكتب والحياة ) هذا الكتاب كتبه الأستاذ / عباس محمود العقاد ، وأخرجته المطبعة التجارية بالقاهرة ، سنة 1924 .
هذا الكتاب يحوي مجموعة من المقالات المهمة بعضها نشر من قبل ، وبعضها كان مما نشرته صحيفة البلاغ

، تلك الصحيفة التي استمرت من سنة 1923 إلى سنة 1929 ، وكان صاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ / عبد القادر حمزة ، والد كل من الإعلامية / كريمان حمزة مقدمة البرامج الدينية ، والإعلامية القاصة / جيلان حمزة ، وما يهمنا في هذا المقام المقالات المتأخرة ، أما المقالات النقدية القديمة فهي تقوم بمهمتها الكبرى في دعم الفهم الجديد للأدب بإعادة نشرها وتيسير الرجوع إليها في كتاب بعد أن كانت مبعثرة في الصحف السيارة .
وفي واقع الأمر أن أستاذنا / العقاد قد أهدى تاريخ أدبنا العربي الحديث بذلك جهدًا عظيمًا بجمعه لمعظم مقالاته ونشرها في كتب ، أذكر لك منها : (بحوث في اللغة والأدب ) ، صدر سنة 1970 ، بعد وفاته ، و (بين الكتب والناس) ، صدر سنة 1952 ، و (ساعات بين الكتب) ، صدر سنة 1929 ، و (على الأثير) ، صدر سنة 1953 ، و (الفصول) ، صدر سنة 1922 ، و (مراجعات في الآداب والفنون) ، صدر سنة 1926 ، و (مطالعات ) ، صدر سنة 1956 ، وغيرها ، وغيرها .
مقالات العقاد لم تكف بعد عن مهاجمة القديم ، ولكن بطريقة هادئة جدًا هذه المرة ، وعادلة تتحرى الحق ، وتعمد إلى الشرح والإفهام قبل الهجوم العنيف والصخ المباشر ، ولتقرأ معي مثالاً على ذلك ، وليكن مقالتيه عن (الأدب كما يفهمه الجيل ) ، وأذكر لك هنا أن هاتين المقالتين نشرتا بمجلة (المشكاة) ، المقالة الأولى نشرت في منتصف شهر يناير سنة 1923 ، في الصحيفة الثالثة من المجلة ، أما المقالة الثانية التي نشرتها نفس المجلة فيرجع تاريخها إلى أول فبراير من نفس العام ، ونجدها في الصحيفة الأولى من المجلة .
هاتان المقالتان المطالع لهما يجد فيهما الأستاذ / العقاد يضع المقياس الحي والقوي لمعنى الأدب في ذاته ، وفي علاقته بالحياة ، وفي قدرته على تطويرها والنهوض بها ، وفي سبيل ذلك يشجب العقاد المعنى الرخيص للأدب ، والذي ينتشر في عصور الضعف ، وهو أنه وسيلة للتلهي والتسلية ، وهذا المعنى للأدب طالما نسبه العقاد إلى رجال المدرسة القديمة في فهمها للأدب ، وفي إقبالهم عليه ، واحتفائهم به .
مقالة العقاد : (القديم والجديد ) يعرض فيها فكرته الرائعة في تحرير أبعاد هذه القضية الخطيرة التي لعبت أدوارًا شتى في الحياة الأدبية والفكرية والاجتماعية لبلادنا ، والذي يلفت النظر أن الأستاذ مازال مقيمًا على شجب الموقف التقليدي في فهم الأدب وإبداعه ، وهو يقرر في مطلع مقالته تعريفًا يرى أنه المزية المطلوبة في الأديب ، هذا التعريف يراه غير قابل للخلاف من أحد الفريقين : المجددين والقدماء ، إن شرط الأدب عنده أن يكون مطبوعًا على القول ، أي غير مقلد في معناه ولفظه ، وأن يكون صاحب هبة في نفسه وعقله ، لا في لسانه فحسب ، أي يجب أن تسأل نفسك بعد قراءته : ماذا قال ؟ ، لا أن يكون سؤالك كله : كيف قال ؟ ، فهو مطالب بشيء جديد من عنده ينسلب إليه وتتعلق به سمته ، ويخرجه عن أن يكون نسخة مكررة لمن تقدمه .
هكذا يقرر العقاد في كتابه (المطالعات ) ، وفي مقالته المنشورة في البلاغ بتاريخ 15 أبريل 1924 ، والرجل يؤكد لنا أن كل من كتب على أسلوب من تقدمه في الفكر واللفظ فليس بأهل لأن يعد من الأدباء النابهين ، وهو ليس بذي هبة مأثورة في الأدب ، لأنه مقلد يحتذي مثال غيره .
أقول لك : إن كتاب (مطالعات في الكتب والحياة) للعقاد بما فيه من مقالات سابقة أو لاحقة يعتبر نشره خطوة مهمة نحو التأكيد والتقدم بالمفهومات الجديدة التي يجب أن تسوده ، والتي في مجرد إذاعتها تأكيد لشجب الاتجاه التقليدي الذي يقف له العقاد بالمرصاد ، ولكن العقاد في هذه المقالات المهمة لا يستخدم العنف بل يهتم بالقضايا يعرضها ، وبالأفكار يشرحها ، على نحو يصل منه إلى ما يريد من رفع اتجاه ، وشجب آخر بأسلوب موضوعي متكامل .

آخر تعديل على الخميس, 23 آذار/مارس 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :