wrapper

الأربعاء 15 ماي 2024

مختصرات :

 

انتقل إلى جوار ربه يوم الأحد  العالم و الدكتور و الملقب بالبروفيسور "عبد الرحمان حاج صالح"  عن عمر ناهز الـ 90 سنة قضى معضمه في طلب العلم و البحث و تلقينه للأجيال على مستوى الوطن و خارجه ..  و بهذا تفقد الجزائر و العالم العربي عالما من الطراز الرفيع 

.. بهذه المناسبة الأليمة و الخسارة الفكرية و الثقافية العظيمة، حاوت " الفيصل " أن تحضر لقرائها ورقة بسيطة مختصرة لمسيرة هذا العالم و المفكر الفذ في تاريخ الإنسانية الحديث.

*

سافر في حياته و بداية مشواره الدكتور عبد الرحمان حاج صالح  من الجزائر إلى مصر وتحديدا إلى القاهرة سنة 1954 لإكمال دراسة جراحة الأعصاب، فإذا بهذه المدينة تغيّر خريطة أقداره، حيث تعرف على تراث اللغة العربية أثناء تردده على جامع الأزهر، فقرر التبحر في علوم اللغة العربية بدلا من الطب، ليصبح قبل وفاته الأحد الماضي بالجزائر، أحد أقطاب اللغة العربية في الجزائر وفي الوطن العربي، بفضل نظريته "الخليلية" الحديثة ، والتي من خلالها كان أول من دعا لإنشاء "غوغل عربي" في الثمانينيات، ومشروع "الذخيرة العربية" الضخم. فالبروفيسور عبد الرحمن حاج صالح، المولود بمدينة وهران، في 1927، وبالرغم من أنه من الجيل الذي ولد في عهد الاستعمار الفرنسي، ودرس الطب باللغة الفرنسية، إلا أن كل ذلك لم يقف أمام تخصصه في علم اللسانيات العربية، من دون أن يكون ذلك عائقا أمام إتقانه للغات أجنبية أخرى. فحاج صالح، الذي هاجر من الجزائر إلى مصر بسبب ملاحقات الشرطة الفرنسية، لنشاطه ضد الاستعمار، استكمل دراسة الطب في فرنسا، كما حصل على ليسانس اللغة_العربية، وعلى شهادة الدراسات العليا في فقه اللغة واللسانيات الفرنسية من جامعة بوردو، وشهادة التبريز في اللغة العربية من جامعة باريس في فرنسا، قبل أن يسافر إلى المغرب للدراسة فيها. ومما يرويه تلامذته عنه، أنه خلال لقائه بعالم اللسانيات الأميركي اليهودي نعوم تشوميسكي، سأله حاج صالح، إن كانت اللغة العبرية اعتمدت على النحو العربي في تطورها، فأجاب تشوميسكي بالإيجاب. وكان ذلك في سنة 1968، عندما توجه حاج صالح، إلى الولايات المتحدة الأميركية بصفته أستاذاً زائراً بجامعة فلوريدا، حيث التقى بالعالم اللساني نعوم تشوميسكي، وقال تلامذته إنه "جرت بينهما مناظرة أفحمت تشوميسكي"، فأبو اللسانيات الدكتور عبد الرحمن حاج صالح، عاد بعد الاستقلال (1962)، إلى الجزائر كأستاذ وباحث في جامعة الجزائر، وتم تعيينه في 1964، رئيسا لقسم اللغة العربية وقسم اللسانيات، ثم انتخب عميدا لكلية الآداب، وفي عام 1980، أنشأ ماجستير علوم اللسان. في الوقت نفسه عكف أبو اللسانيات في إنجاز أطروحة دكتوراه استغرقت منه عشر سنوات خلال فترة السبعينيات، حيث أبدع نظرية جديدة اسمها "المدرسة الخليلية الحديثة" والتي تقوم على أساس "إعادة إحياء الفكر_اللغوي التّراثي وإخضاعه أو تطويره حتّى يتوافق ومتطلّبات الرؤية الحديثة (متطلبات الحوسبة اللغوية، متطلّبات تعليم اللغة العربيّة بمراعاة التقنيّات الحديثة، متطلّبات معالجة بعض الأمراض...). ونال بنظريته الجديدة درجة الدكتوراه من جامعة "السوربون" الفرنسية. ولا يستبعد أن تكون هذه النظرية الجديدة السبب في دعوته لإنشاء غوغل_عربي في 1988، عندما كانت قلة من الشعوب الدول العربية تسمع بـ"الإنترنت". ومن خلال هذه النظرية أطلق مشروعه الضخم "الذخيرة اللغوية العربية". وتبنت عدة دول عربية مشروع الذخيرة العربية ومقره بالجزائر، والذي يقصد به حوسبة كل ما قيل في اللغة العربية من عصر النقوش إلى سنة 2018، سواء كان شعراً أو رواية، ويحوي الكلمة وكاتبها وكيف تطورت وغيرها من التفاصيل المتعلقة بهذا الجانب، بالإضافة إلى معاني الكلمات العربية بالفرنسية والإنجليزية، بشكل تجعلها متاحة على الإنترنت لكل شخص وفي أي مكان وزمان. وتولى حاج صالح، في سنة 2000، رئاسة اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية ثم رئاسة مجمع اللغة العربية. وتحصل في 2010، على "جائزة الملك فيصل في الدراسات" التي عنيت بالفكر النحوي عند العرب، الأمر الذي أثار تعجب بعض العرب الذين يعتقدون أن الشعب الجزائري "مفرنس"، فقال له أحدهم باستغراب "أنت جزائري، وتتكلم العربية، وتحصلت على جائزة عالمية". ويعتبر حاج صالح، شخصية أكاديمية بامتياز، ومع ذلك خاض تجربة ذات صبغة سياسية عندما كلفه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة برئاسة لجنة إصلاح المنظومة التربوية، لكنه سرعان ما استقال منها في صمت، وبرر استقالته في حوار صحافي قائلا: "وجدت نفسي وحيدا ضمن تيار يدعو لفرنسة كل مراحل وأطوار التعليم، وكنت الوحيد، بين أكثر من 150 عضواً، الذي أدعو إلى تعريب التعليم، فلاحظت أنني لا أستطيع تغيير الأمر فخرجت واتجهت لاستكمال مشروع الذخيرة العربية".

ـ إعداد : سعاد طاهر | محفوظي

آخر تعديل على الثلاثاء, 07 آذار/مارس 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :