wrapper

السبت 27 أبريل 2024

مختصرات :

أعمدة الفيصل

سيكولوجية الجماهير ؟!

    د. أحمد القيسي 


يكون من العقل حينما نبحث عن أحوال عالمنا العربي المنهار أن نتساءل ما الّذي يمكن أن يؤثّر فيه ويغيّره ؟ كيف يمكن أن يتحسّن وما الّذي أدّى به إلى هذا الانهيار؟ فإن كان الخلل في الحكومات فأين الشّعب منها ؟ وإن كان الخلل في الشّعوب فما الّذي يمكن أن يحرّكها نحو الأفضل ؟ لماذا ثارت الشّعوب العربية فيما يُسمّى بثورات الرّبيع العربي؟ ولماذا فشلت تلك الثّورات ؟ لعلّ الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج باحثا يتفحّص جوانب عدّة ليفهم الوضع ويفسّره ، ويقدّم الحلّ إن كان ذلك ممكنا . لكنّ المؤكّد أن جزءا من ذلك الحلّ يكمن في دراسة نفسية الشّعوب العربية ، ما الّذي يحرّك هذه الشّعوب وما الّذي يؤثّر فيها ؟ ما الّذي دفعها للثّورة وما الّذي دفعها للسّكوت والخنوع ؟ 

مفهوم السيكولوجية الجماهيرية :
هو امتلاك الجمهور النفسي ميزة الوحدة الذهنية موحدة على عكس الجماهير التي تتجمع بطريقة غير مقصودة . الفرد يتحرك بشكل واعِ أما الجمهور يتحرك بشكل لاواعي ، ذلك يعني أن الوعي فرد واللاوعي جماعي . الجماهير محافظة بطبيعتها على الرغم من تظاهراتها الثورية محافظة أي تعيد ما دمرته وقلبته .
من المعروف إن علم النفس يهتم عادة بدراسة النفسية الفردية وقائم على استبطان الذات الفردية لا الجماعية ، أما علم النفس الإجتماعي هو العلم الذي يدرس سلوك المجموعات في المجتمع وليس الأفراد ، وازدهر بعد الحرب العالمية الثانية ، وهنالك تكامل تام بين العلمين ؛ علم النفس الفردي يكمله علم النفس الإجتماعي ، لأنه من المستحيل عزل السلوك الفردي من محيطه الإجتماعي . ولكن الشيء المتفق عليه بين علماء النفس بمن فيهم فرويد ، إن الفرد ما أن ينخرط في مجموعة محددة حتى يتخذ سمات خاصة لم تكن موجودة سابقاً ، أو قل عنها كانت موجودة لكنه لم يتمكن من البوح بها ، لذلك يمكن القول بأن علم النفس الإجتماعي يختلف من علم النفس الفردي من حيث المنهج والنتائج . علم النفس الإجتماعي تاريخاً طويلاً يمكن أن نعود به إلى أقدم الفلاسفة في العصور مثل أرسطو وأفلاطون ، مروراً بالمفكر العربي ابن خلدون الذي درس مسألة انحطاط الدولة الإسلامية في إسبانيا في القرن الرابع 
  عشر .
بين علم النفس الاجتماعي وعلم النفس الجماعي ، فالثاني هو فرع للأوّل ، علم النفس الإجتماعي يبحث في العلاقة بين الفرد والمجتمع ، أما علم النفس الجماعي هو الذي يبحث عن مسألة الجاذبية الساحرة التي يمارسها القادة على الشعوب ، وهو الذي يشرح السلوك الحماسي للأفراد عندما ينخرطون مع المجموعات ويقومون بأفعال لا يعنيها إلا بعد أن يستفيقوا . في أثناء دراسته لعلم النفس اصطدم لوبون بمسألة الجماهير وهاله أمرها خصوصاً الجماهير المتمثلة بالحركات الشعبية والإرهاب ، وقد ركز لوبون كيف يركز انتباهه ويتناوله من وجهة نظر غير السائدة ويبني عليها نظرية متكاملة ومتماسكة فقد أبتدأ لوبون بتشخيص أوضاع الديمقراطية البرلمانية التي تولدت عن الثورة الفرنسية . لوبون كان يشعر بالاحتقار نحو الجماهير الشعبية لأن روح الجماهير مكونة من الانفعالات البدائية التي دائماً ما تكون بعيدة عن المنطق والعقلانية ، وكما أن روح الفرد تخضع دائماً الإيعازات إلى تحريضات القادة الذي يعرف كيف يفرض إرادته عليها . وفكرة لوبون بشكل مبسط هي أن كل الهزائم التي لحقت بفرنسا كان سببها هجمة الجماهير على مسرح التاريخ . كانت أطروحات وأفكار لوبون ضد الحركات الاشتراكية والعمالية التي كانت تعتقد إن الحراك الجماهيري هو حراك عقلاني ولوبون كان يعتقد غير ذلك.

من الخصائص المهمّة للجماهير حسب لوبون هي تلاشي شخصية الفرد الّتي تميّزه حينما يكون جزءًا من الجمهور، فلا ذكاؤه ينفعه ولا علمه سيمكّنه من اتّخاذ قرارات منطقية سليمة . فالفرد حينما يصبح جزءًا من جمهور ما فهو يتحمّس لأفكار بسيطة نتيجة التّحريض والعدوى للعواطف والأفكار، وقد يفعل أمورا لا يمكن أن يفعلها إن كان وحيداً ، كالتّحطيم والقتل ، والتّضحية في سبيل الهدف دون خوف من الموت . تحدّث لوبون كثيرا عمّا سمّاه العاطفة الدّينية ، وهي ما أشعلت الانتفاضات الكبرى كما أدّت إلى تغييرات كبيرة ، وهذه العقائد الدّينية ليست فقط دينية تخصّ ديناً معيّنا ، بل قد تكون بطلاً أو فكرة سياسية تسيطر على الجماهير . وهذه العاطفة تملك قوّة مخيفة تجعل الجماهير تخضع لها خضوعاً أعمى ، فتمضي بعزم لحماية تلك العاطفة كما تعتبر كلّ من يرفضها عدوّاً .
أثبت علم نفس الجماهير أن سيكولوجيا الفرد تتعارض مع سيكولوجيا الحشد ، وأن للجماعة شخصية كليَّة واحدة تختلف عن الشخصية الفردية . كما أثبت أن الفرد ما إن ينخرط في جمهور مُحدَّد حتى يكتسب سلوكيات خاصة به لم تكن لتوجد فيه لو بقي وحده . فهو يصبح أجرأ وأقوى ، وأقدر على التعبيرعما يجول في رأسه . لقد ذهب هذا العلم عميقاً في تحليل الآليات التي تحرِّك الجماهير وتحدِّد خياراتها ، وأثبت كيف أن القرارات التي تتخذها مجموعة من الأفراد الأذكياء لا تختلف كثيراً عن القرارات التي تتخذها مجموعة أخرى أقل ذكاءً أو تتميّز بالبلاهة . ففي حالة الحشد لا مكان للتفكير المستقل ولا للتفسير الشخصي . إنها الروح الواحدة الغالبة والمسيطرة ، إنها "روح الجماهير". هكذا عندما تتجاوز الجماهير وعيها الفردي تتحوَّل إلى تركيب كلّي ومختلف ، لا يؤمن بالمحاكمات العقلية ، بل بما هو كلي ومؤطر . لذا ينجح في تحريكها الخطاب المهووس ، والأهداف المطلقة ، والأفكار المخدرة التي تبتعد عن الواقع . وبرأي علماء النفس وتحليل الخطاب ، فإن كل ما هو فردي أو معقلن ينزوي في هياج القطيع ، أو يتحوَّل بلحظة إلى ضحية لهياج الجميع دفعة واحدة . إن فهم هذا الأمر أشبه لدى الإنسان الأول بفهم الرعد ، والمطر، والفيضانات . إنه تفسير لآليات ظاهرة قد تكون مميتة ، أو نافعة ، والتحكّم فيها . ضعيف
لقد أفرزت تكنولوجيا الإعلام والاتصال بعداً جديداً في معادلة الاعلام والاتصال بين المرسل والمتلقي ، ولعل هذا الأخير أضحى مجالاً خصباً للكثير من مواقع التواصل الاجتماعية وعلى 
رأسها الفيسبوك لتمرير أجندات وأفكار وبناء مواقف دون أن يشعر هذا الجمهور بالخطورة التي تحيط به ، في السيطرة على الحشد من أهم الطرق الفعالة في إدارة المخططات والسيطرة والتحكم في الجماهير، ولعل أهم نظرية تطرقت في تفسيرها الجانب السيكولوجي ردود فعل الجماهير في تعامله مع المضامين الإعلامية ، نظرية "غوستاف لوبون" الذي تتحدث عن أهم الطرق للتحكم في الجمهور باستغلال عاطفته وتوجيهه برسائل فيها من الخفايا ما لا يمكن تفسيرها إلا بالطالع عن البعد النفسي والعاطفي لردود الأفعال المختلفة تجاه القضايا والمضامين الإعلامية . إن أملها ‍تتبع لتفاعل الجماهير بالقضايا المختلفة التي تتبناها 
مواقع التواصل الاجتماعي ، وعلى رأسها الفيسبوك يدفعنا الى البحث عن كيفية تبني هذه الجماهير مواقفها من منطلق نظرية غوستاف لوبون ، خاصة ما هو متعلق بالقضايا الإجتماعية والسياسية المختلفة التي كثيراً ما تكون من أجل خدمة أجندة الدول الكبرى والشركات الاقتصادية العمالقة من هذا المنطلق نحاول الإجابة على السؤال التالي ما هي 
الأبعاد السيكولوجية للجماهير المتفاعلة مع مضامين مواقع التواصل الاجتماعي ؟
محاولين الإجابة بناءاً على النقاط التالية :

أولاً - شرح نظرية غوستاف لوبون حول "سيكولوجية الجماهير :

أثبت غوستاف لوبون " سنة 5981 في هذه النظرية أن سلوكيات الأفراد تختلف عندما يكونون في مجموعات بسلوكيات نفس الأفراد عندما يفكرون بمفردهم .
 والمعنى العادي لكلمة " حشد " تمثل تجمع أفراد مهما كانت صفتهم ، ومهما كانت جنسياتهم ، أو مهنهم أو جنسهم أو حتى الصفة التي جمعتهم "، لكن من الزاوية النفسية الحشد يأخذ
معنا آخر فهو تجمع ظرفي في سياق معين ، يكون فيها الحشد فاقداً لوعيه ، والأفكار والمشاعر لجميع وحدات الحشد تأخذ المنحى نفسه .
فلا يمكن إعتبار أي تجمع ولو كان بالآلاف حشداً من منطلق علم النفس ، إنما يتطلب الأمر أن يستقرأفراد الحشد على هدف ويخضع لمؤثرات و منبهات ، كما أن الحشد يمكن أن يكون
متفرق الوحدات المماثلة له لكن أفرادها تتقاسم المشاعر نفسها ، الرأي العام تجاه قضية وطنية معينة يصعب الوقوف على الفروق والاختلافات بين الفرد في الحشد ، والفرد نفسه منعزل ، لكن يمكن الوقوف على أسباب التخلف وأسباب التباين والخلاف بين الفرد في الحشد والفرد بمفرده .
السبب الأول – الفرد في الحشد لا يحس بالمسؤولية :
المقصود بهذا الكلام أن الفرد في الحشد مكتسب كرقم يفقد الشعور بالمسؤولية وسط الجماعة ، بل يشعر بالقوة وينصهرمع الجماعة من حيث الشعور بذلك ، ولو أردنا شرح الفكرة
بمثال لكان مثال خروج المعارضة بعد إجراء الإنتخابات الاحتجاج والقيام بأشكال عدة من سلوك العنف أحسن مثال على ذلك ،  قد تجد حتى المتعلم يتصرف بطريقة غير شعورية متبعاً سلوك الجماعة ، كونه رقماً تابعاً وليس مؤثراً .

السبب الثاني - عدوى المشاعر والأحاسيس : 
و يتمثل هذا الجانب بانتقال السلوك العام للحشد الى جميع الأفراد المنتمين إليه ، إذ تجد من يضحي بالكثير من مصالحه الشخصية في سبيل الحشد ، وإذا أخذنا نفس المثال السابق 
لوجدنا أن هناك من يسخر من ماله وعتاده في خدمة الحشد ، 
والبحث عن مصلحة شخصية من وراء ذلك بحكم الإنتماء وانتقال عدوى هدف الحشد إليه .

السبب الثالث - الإيحاء والتنويم المغناطيسي :
في الحشد نجد أن الأفكار تنتقل بالإيحاء كمنبه للتنويم من قبل المنوِم ) بكسر الواو( على النوَم  بفتح الواو ( فالأول يقوم بتحريك الرسائل داخل الحشد وتجد أفراد الحشد يتصرفون بطريقة لا شعورية يكون فيه المجال للنخاع الشوكي .

العوامل البعيدة لعقائد الجماهير وآرائها :

العوامل التحضيرية لعقائد الجماهير- تفتح عقائد الجماهير هو نتيجة لعمل بطيء ونضج سابق      دراسة العوامل المختلفة لهذه العقائد .
1- العِرق : والتأثير المهيمن الذي يمارسه ، إنه يمثل الاقتراحات التحريضية الأسلاف .
2- التقاليد والأعراف : إنها تجسد خلاصة روح العِرق الأهمية الاجتماعية للتقاليد وكيف       أنها تصبح ضارة بعد أن كانت ضرورية ، الجماهير هي القوى المحافظة الأكثر عناداً على        الأفكار التقليدية .
3- الزمن : إنه يقوم بالتهيئة لترسيخ العقائد في الأذهان ، ثم تدميرها على التوالي ، وبفضله    يمكن للنظام أن يخرج من رحم الفوضى .
4- المؤسسات السياسية والإجتماعية : فكرة خاطئة عن دورها ، وتأثيرها ضعيف جداً ، إنها آثار ناتجة ، ولكنها ليست أسباباً ، والشعوب لا تعرف أن تختار المؤسسات التي تبدو لها الأفضل ، والمؤسسات هي عبارة عن إتيكيت تجمع أشياء مختلفة جداً تحت نفس العنوان ، كيف يمكن خلق الدساتير، حاجة بعض الشعوب لبعض المؤسسات السيئة نظرياً ، كحكم المركزية مثلاً .
5 - التعليم والتربية : وخطأ الأفكار الحالية حول تأثير التعليم على الجماهير، معلومات إحصائية ، الدور المثبط للتعليم والتربية الخاصة بالعرق اللاتيني ، والدور الذي قد يمارسه التعليم ، الأمثلة التي تقدمها الشعوب المختلفة .

_ العوامل المباشرة التي تساهم في تشكيل آراء الجماهير:
  هناك علم يستخدم مصطلحات علم النفس بطريقة أخرى ، إنه علم النفس الإجتماعي ، وقد      أصبح أحد أهم العلوم الإنسانية . ويعد (غوستاف لوبون ) أول من تكلم في هذا العلم بكتابه الذي بين أيدينا ؛ حيث أصبح الكتاب مرجعًا مهمًا لفهم نفسيات الجماهير، وطريقة تفكيرها ، والطرق التي تتأثر بها وتتحرك بناءً عليها. ولا نبالغ حين نقول إن الكتاب يُعَدّ دليلًا مرجعيّا ، استخدمه الحكّام وقادة الحركات الجماهيرية لفهم نفسيات الجماهير وتوجيهها نحو الهدف الذي يريده الزعيم ، وخير مثال على ذلك ، الجماهير الغفيرة التي وظّفها (هتلر) في الحرب العالمية الثانية . بل إن (لوبون) نفسه أصبح وجهة ومزارًا لزعماء العالم ، يتوجهون إليه ويتناقشون معه في محتوى كتابه . ورغم مرور ما يقارب الـ 150 عامًا على تأليف الكتاب ، ما زال محافظًا على زخمه وحضوره بين أوساط المثقفين . ويقدم الكاتب إجابات واضحة للعديد من الأسئلة المثارة حول التجمعات الجماهيرية مثل : 
كيف تتهيج الجماهير؟ 
وكيف تتكون الجماعات الثورية في الأصل ؟ 
ما الذي يصهر الجماهير نحو هدف واحد ؟
أهي عقائد معينة أم الدين بشكل رئيس ؟ 
ما دور الزعيم أو القائد في الثورات؟ 
 والأخطر من ذلك هل الجماهير عاقلة وواعية بطبيعة وديمقراطية متفهمة
أم متهيجة وثائرة ؟

1- عصر الجماهير:
إن الانقلابات الكُبري التي تسبق عادةً تبديل الحضارات تبدو وكأنها محسومة من قِبَل تحولات سياسية ضخمة ، ولكن الدراسة المتفحّصة لهذه الظواهر تكشف أن السبب الحقيقي هو التغيّر العميق الذي يصيب أفكار الشعوب . إن الأحداث الضخمة التي تَتَناقلها كتب التاريخ ليست إلا نتاجًا للمتغيرات اللامَرئيّة التي تصيب عواطف البشر. إن الفترة الحالية هي فترة التحوّل والتبدّل ويشكّل جذرها عاملان أساسيان هما : هدم المعتقدات الدينية والسياسية والاجتماعية ، وخلق شروط جديدة كُليًّا بالنسبة للوجود والفكر. إن العصر الحديث يُمثّل فترة انتقالية وفوضوية وليس من السهل التنبؤ بما سيتولد عنها مستقبلًا.

وفي الوقت الذي راحت فيه كل عقائدنا القديمة تتهاوَي ، وأخذت الأعمدة القديمة تتساقط واحدًا بعد الآخر، نجد أن (نضال الجماهير) هو القوة الوحيدة التي لا يستطيع أن يهدّدها أي شيء . إن العصر الذي ندخل فيه الآن هو بالفعل (عصر الجماهير )؛ فلم تعد مقادير الأمم تُحسم في مجالس الحكّام ، وإنما في روح الجماهير . لقد وُلِدت قوة الجماهير عن طريق نشر بعض الأفكار التي زُرِعت في النفوس بشكل بطيء ، ثم بواسطة التجميع المتدرج للأفراد من خلال الروابط والجمعيات ، وقد أتاح هذا التجمّع للجماهير أن تُبلور أفكارها ، ثم راحت تشكل النقابات وبورصات العمل ، وأرسلت مندوبين عنها للمجالس الحكومية .

إن بناء أي حضارة يتطلب قواعد ثابتة ، ونظامًا مُحددًا ، والمرور من مرحلة الفطرة إلى مرحلة العقل ، والقدرة على استشراف المستقبل ، ومستوىً عاليًا من الثقافة ، وكل هذه العوامل غير متوافرة لدى الجماهير؛ فالجماهير بواسطة قوتها التدميرية تمارس عمل الجراثيم التي تساعد على انحلال الأجسام الضعيفة أو الجثث ؛ فَمَعرفة نفس الجماهير تُشكِّل المصدر الأساسي لرجل الدولة الذي يريد ألا يُحكم كُليًا من قِبَلها ؛ فكل الزعماء ورجال الدولة العظام كانوا علماء نفس على غير وعيٍ منهمى؛ فـ (نابليون بونابرت ) مثلًا كان ينْفُذُ بشكلٍ رائع إلى أعماق نفسية الجماهير، ونفسية الجماهير تبين لنا إلى أي مدى تبدو عاجزة عن تشكيل رأيٍ شخصي ما عدا الآراء التي لُقِّنَت لها ؛ فالضريبة الأكثر ظُلمًا يمكن أن تكون الأفضل عَمَليًّا بالنسبة للجماهير إذا كانت الأقل مرئية والأقل ثِقلًا من حيث المظهر؛ فالبشر لا يتصرفون أبدًا انطلاقا من مبادئ العقل النظري البحت .

2- الخصائص العامة للجماهير:
إن كلمة ( جمهور ) تعني في معناها العادي تجمّعاً لمجموعة من الأفراد ، أيًّا كانت هويتهم، ولكن من وجهة النظر النفسية ؛ ففي بعض الظروف المعينة يمكن لِتَكَتُّل من البشر أن يمتلك خصائص جديدة تختلف عن خصائص كل فرد يشكله ، عندئذٍ تتشكل روح جماعية ، عابرة ومؤقتة وهو ما سأدعوه (الجمهور المنظم ، أو الجمهور النفسي ) ، ويصبح خاضعًا لقانون (الوحدة العقلية للجماهير ) .

ومن الخصائص النفسية للجماهير : تلاشِي الشخصية الواعية ، وهَيْمَنَة الشخصية اللاواعية ، وتَوَجُّه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والأفكار ، والـمَيْل لتحويل الأفكار المـُحرَّض عليها إلى فعل وممارسة مباشرة . وهكذا لا يعود الفرد هو نفسه ، وإنما يصبح إنسانًا آليًّا ما عادت إرادته بقادرة على أن تقوده .
إن الجمهور هو أدنى مرتبة من الإنسان المُفْرَد فيما يخص الناحية العقلية والفكرية ، ولكن يمكن لهذا الجمهور أن يسير نحو الأفضل ، وهذا يعتمد على الطريقة التي يتم تحريضه بها ، صحيح أنها بطولات لا واعية إلى حد ما ، ولكن التاريخ لا يُصنع إلا من قِبَل بطولات كهذه .  إن الجماهير تشبه الأوراق التي يلعب بها الإعصار ويُبَعْثرها في كل اتجاه ، وهذه الصفة تجعل من الصعب حُكمها ، ولولا ضرورات الحياة اليومية والتي تُشكّل نوعًا من الميزان الناظم غير المرئي للأحداث لما استطاعت الأنظمة الديمقراطية أن تستمر، وفي كل الخصائص النفسية للجماهير يتدخل (العِرْق ) ؛ فهناك فارق بين الجمهور اللاتيني والجمهور الأنجلوساكسوني؛ فالجماهيرأُنثوية في كل مكان ، ولكن أكثرها أُنثوية هي الجماهير اللاتينية .
إن الجمهور غير قادر على الاحتكام للعقل ومحروم من كل روح نَقْديّة ؛ ولذلك فإنَّه يُبدِي سرعة تصديق منقطعة النظير، وكذلك قدرة هائلة على التضخيم والتشويه ، وينتج عن ذلك أنه ينبغي أن نعتبر كُتُب التاريخ بمثابة كُتُب الخيال الصِّرْف ؛ فهي عبارة عن حكايات وهْميَّة عن وقائع لُوحِظت بشكل رديء ، كما أنها مصحوبة بتأويلات شُكِّلت فيما بعد .
إن الجماهير لا يمكن تحريكها والتأثير عليها إلا بواسطة العواطف المتطرّفة والشعارات العنيفة ، وكذلك التكرار دون إثبات أي شيء عن طريق المُحاجّة العقلانية ، والجماهير لا تعرف إلا العواطف البسيطة والمتطرفة ؛ فالاستبداد والتعصب يشكِّلان بالنسبة للجماهير عواطف واضحة جدًا وهي تحتملها بنفس السهولة التي تمارسها ، وبما أن الجماهير مستعدة دائماً للتمرد على السلطة الضعيفة فإنها لا تحني رأسها بالخضوع إلا للسلطة القوية ، وإن كانت هيبة السلطة متقطّعة فإنها تعود إلى طباعها المتطرّفة ، وتنتقل من الفوضى إلى العبودية ، ومن العبودية إلى الفوضى .
إن الاعتقاد بهيمنة الغرائز الثورية على الجماهير يعني الجهل بِنَفسيّتها ؛ في انفجارات الانتفاضة والتدمير التي تحصل من حين لحين ليست إلا ظواهر عابرة ؛ فإذا ما تُركت لنفسها فإنها تملّ من الفوضى وتتجه بالغريزة نحو العبودية ، صحيح أن الجماهير تقوم بثورات لتغيير أسماء مؤسساتها ، ولكنها - في الوقت ذاته - تشعر بأحترام تجاه هذه المؤسسات ومضمونها ؛ فتجدها تعود إليها في نهاية المطاف . والتأثير على الفرد الـمُنخَرِط في الجمهور يتم بالتركيز على عواطف المجد والشرف والدين والوطن ؛ لذا فالجماهير قادرة على أرفع أنواع الأخلاقية .

3- أفكار الجماهير:
أيًّا تكن الأفكار التي تُوحَي للجماهير أو تُحرَّض عليها ، فإنه لا يمكنها أن تصبح مُهَيمِنة إلا بشرط أن تتّخِذ هيئة بسيطة جدًا ؛ فَبِمُجرّد أن تنغرس فكرة ما في روح الجماهير فإنها تكتسب قوة لا تقاوَم ، ولا يكفي مجرد البرهنة على صحة فكرة ما حتى تفعل مفعولها ، صحيح أنه يمكن للحقيقة الساطعة أن تَلقي آذانًا صاغية ، ولكن سَتَرَي نفس الشخص بعد بضعة أيام يعود إلى مُحاجّاته القديمة وبنفس الألفاظ تمامًا ؛ لأنه واقع تحت تأثير الأفكار السابقة التي تحولت إلى عواطف وتَرَسَّخت ؛ فالجماهير تشبه إلى حد ما النائم الذي يتعطل عقله مؤقتًا ويَترُك نفسه عُرضة لانبثاق صورة قوية ومكثفة ؛ فعلى قاعدة الخيال الشعبي تأسست قوة الدول . إن معرفة فن التأثير على مُخَيِّلة الجماهير تعني معرفة فنّ حُكمها .

4- العوامل المـُشكِّلة لعقائد الجماهير:
إن العوامل التي تُحدّد آراء الجماهير وعقائدها ذات نوعين : 
-العوامل البعيدة  : 
 ومن بين العوامل البعيدة : العِرْق ، وكذلك التقاليد الموروثة ؛ فالجماهير كائن عضوي ، وككل الكائنات العضوية ؛ لا يمكن تغيّره إلا بواسطة التراكمات الوراثية البطيئة ؛ فالقادة الحقيقيون للشعوب هم تقاليدها الموروثة ، وبدون تقاليد ثابتة لا يمكن أن توجد حضارة ، وأيضًا الزمن ؛ فهو الذي يطبخ آراء الجماهير على نارٍ هادئة ؛ فبعض الأفكار التي يمكن تحقيقها في فترة ما ؛ تبدو مستحيلة في فترة أخرى ؛ فالنُّظم السياسية لا تنهار في يومٍ واحد .
وأمَّا المؤسسات السياسية والاجتماعية ، فهي تمثل مَنْتُوج العِرق ، ويلزم أحيانًا عدة قرون من أجل تشكيل نظام سياسي معيَّن ، وعدة قرون أخرى من أجل تغييره ؛ فالشعب لا يمتلك أبدًا أية قدرة حقيقية على تغيير مؤسساته ، ولكنه يستطيع تعديل اسمها عن طريق إشعال الثورات و، وكذلك عامل التعليم والتربية ؛ حيث يمكن البرهنة بسهولة أن التعليم لا يجعل الإنسان أكثر أخلاقية ولا أكثر سعادة ، وأنه لا يغيّر غرائزه وأهواءه الوراثية ، وإذا ما طُبِّق بشكل سيئ فإنه يصبح ضارًّا ؛ فالدولة التي تُخرِّج بواسطة هذه الكتب المدرسية البائسة كل هؤلاء الطلاب لا تستطيع أن توظف منهم إلا عددًا صغيرًا ، وتترك الآخرين بدون عمل ؛ فمع التربية والتعليم تتحسن روح الجماهير أو تفسد ، فهما مسئولان عن ذلك جزئيًا .

- العوامل المباشرة أو القريبة ومنها :
 الشعارات ؛ فمُخيِّلة الجماهير تتأثر بالصوَر بشكل خاص ، وكذلك قوة الكلمات مرتبطة بالصور التي تثيرها ، والكلمات التي يصعب تحديد معانيها بشكل دقيق هي التي تمتلك أحيانًا أكبر قدرة على التأثير ككلمة ('ديمقراطية ) مثلًا ، وعندما تشعر الجماهير بنفور عميق من الصور التي تثيرها الكلمات إثْرَ الانقلابات السياسية ؛ فالواجب الأول على رجل الدولة الحقيقي تغيير هذه الكلمات دون أن يَمَسَّ الأشياء ذاتها بالطبع . إذن فَبَراعة الحكّام تتمثل في معرفة كيفية التلاعب بالكلمات .
ومنها أيضًا : 
الأوهام ؛ فالشعوب تتجه نحو الأوهام كما تتجه الحشرة نحو الضوء ؛ فمن يعرف إيهام الجماهير يصبح سيدًا لهم ، ومن يحاول قشع الأوهام عنهم يصبح ضحية لهم ، وهناك أيضًا عامل التجربة ؛ فهي المنهجية الوحيدة الفعّالة من أجل زرع حقيقة ما في روح الجماهير بشكل راسخ ، وتدمير الأوهام التي أصبحت خطرة أكثر مما ينبغي . وعمومًا فإن التجارب التي عاشها جيل ما غير ذات جدوى بالنسبة للجيل اللاحق ؛ لذا نجد من الضروري تكرار التجارب من عصر إلى عصر من أجل أن تمارِس بعض التأثير وتنجح في زعزعة خطأ راسخ بقوة ، وهناك عامل العقل ، وهو عامل سلبي في التأثير لا عامل إيجابي ؛ فالجماهير لا تتأثر بالمحاكات العقلانية ، ولهذا السبب فَمُحَرِّكو الجماهير لا يتوجهون أبدًا إلى عقلها ، وإنما إلى عاطفتها .

5- محرّكو الجماهير:
ما إن يجتمع عدد من الكائنات الحية ، حتى يضعوا أنفسهم بشكل غريزي تحت سُلطة زعيم ما ؛ يلعب دورًا ضخما بالنسبة للجماهير البشرية ؛ فالجماهير عبارة عن قطيع لا يستطيع الاستغناء عن سيّد ، وتحصل من الجماهير على طاعة وانقياد أكثر مما تحصل عليه أي حكومة .
محرّكو الجماهير يمكن تقسيمهم إلى فئات :

منها رجال ناشطون ذوُو إرادة قوية ولكنها مؤقتة ، وبعضهم الآخر يمتلك إرادة قوية ودائمة ، وهؤلاء القادة ينشرون أفكارهم بين الجماهير عن طريق التأكيد العاري والمجرد من كل مُحاجَّة عقلانية ، مع تكراره باستمرار وبنفس الصياغات والكلمات ؛ فينتهي به الأمر إلى الانغراس في تلك الزوايا العميقة من اللاوَعْي ، حيث تُصنع كل دوافع أعمالنا ، ومن ثَمّ تنتقل هذه الأفكار والعواطف والانفعالات بين الجماهير عن طريق العدوى الفكرية .
وهذه الأفكار لا بد أن تمتلك قوة سِرِّية ندعوها الهيبة أو الاحترام ، وهي نوع من الجاذبية التي يمارسها فرد ما على روحنا وتملأها بالدهشة والاحترام ، وقد تكون هذه الهيبة مُكتَسَبة إما عن طريق الاسم أو الثروة أو الشهرة ، وقد تكون ذاتية أو شخصية وتشكل مَلَكة مستقلة عن كل لَقَب أو كل سُلطة ، وتجعل مَن حوله يطيعونه طاعة عمياء كما تطيع الدابة المتوحشة مروِّضها .
ولكن هذه الهيبة الشخصية تختفي دائمًا مع الفشل ؛ فالبطل الذي صفَّقَت له الجماهير بالأمس قد تحتقره عَلَنًا في الغد إذا ما أدار الحظ له ظهره ، وقد تُنتَزَع بالمناقشة والمجادلة ، فَلِكَيْ يحافظ الشخص على هيبته وتُعجب به الجماهير ينبغي دائمًا إقامة مسافة بينه وبينهم .

6- محدودية تغيّر عقائد الجماهير وآرائها :
هناك العقائد الإيمانية الكُبري والتي تدوم قرونًا عديدة والتي ترتكز عليها حضارة بأكملها ، وتَشَكُّلها وتلاشيها يمثّلان لكل عِرق تاريخي نقاط الذُّروة في تاريخه ، ومن الصعب جدًا تدمير هذه العقائد بعد تشكيلها إلا بعد ثوراتٍ عنيفة ، وبعد أن تكون العقيدة قد فقدت تقريبًا كل هَيْمنتها على النفوس ، وهذا يبدأ من اللحظة التي يأخذ فيها الناس بمناقشتها ونقدها .
وفوق هذه العقائد الثابتة تَتَموْضَع طبقة سطحية من الآراء والأفكار التي تُولَد وتموت باستمرار ، ومدة دوام بعضها مؤقتة جدًا ، وأكثرها أهمية لا تتجاوز مُدّتها حياة جيل واحد .

7- تصنيف الجماهير :
يمكن تقسيم فئات الجماهير إلى :
- جماهير غير متجانِسة : ومنها جماهير مُغْفلة ، كجماهير الشارع ، وجماهير غير مُغْفلة ، المجالس البرلمانية ، وفيما عدا عامل العِرق فإن التصنيف الوحيد المهم بالنسبة للجماهير غير المتجانِسة هو الفصل بين كونها مُغْفلة وغير مُغفلة ؛ والشعور بالمسئولية لدى الثانية متطور، وهو يَفرِض على أعمالِـهم توجُّهات مختلفة غالبًا . 
- وجماهير متجانسة :  وتشمل الطوائف ؛ الزُمَر ، الطبقات ، أما الطائفة ، فتحتوي على أفراد من ثقافات ومهن مختلفة ولا يربطها إلا العقيدة والإيمان الطوائف الدينية ، وأما الزُمْرَة فهي أعلى درجات التنظيم التي يقدر عليها الجمهور؛ فالزُمرة لا تشمل إلا أفرادًا من نفس المهنة كالزمرة العسكرية ، وأما الطبقة فتتشكل من أفراد ذوي أصول مختلفة ، ولا يجمعهم إلا الاشتراك في بعض المصالح وبعض عادات الحياة المتشابهه ومنها الطبقة البورجوازية .

8- الجماهير المُجرِمة :
إن جرائم الجماهير ناتجة عمومًا عن تحريض ضخم ، والأفراد الذين ساهموا فيها يَقْتَنِعون فيما بعد أنهم قد أطاعوا واجبهم ، ويمكننا أن نستشهد على ذلك بحادث مقتل مدير سجن الباستيل ؛ فقد كان قاتِلُه طبّاخًا مُتَجوِّلًا وذهب إلى الباستيل لكي يرى ما يحصل هناك ، ولما رأى الجميع متفقين على قيامه بهذه المهمة ، وأنه يؤدي عملًا وطنيًا ، قام بقتله وقطع رأسه .

9- الجماهير الانتخابية :
يمكن إغراء هذه الجماهير بعدة أساليب منها ، أن يمتلك المُرشَّح الهيبة الشخصية ، وهذه لا يمكن تعويضها بأي شيء آخر . وامتلاك الهيبة وحدها لا يكفي لضمان النجاح ، وإنما ينبغي على الـمُرشَّح أن يَتَملَّق الناخب ويغـمُرَه بأكبر قدر من الوعود ، كذلك ينبغي عليه سحق الـمُرشَّح المضاد عن طريق تكريس الاتهامات بواسطة التأكيد والتكرار .
كذلك فإنَّ البرنامج المكتوب لا ينبغي أن يكون دقيقًا جدًا ؛ لأن خصومه يمكنهم أن يواجهوه به فيما بعد . أما الوعود فيمكنه أن يَعِدَ الناخب بإصلاحات ضخمة دون أي خوف من ذلك ودون الحاجة للالتزام بهذه الوعود ؛ الناخب ينسَي هذه الوعود تمامًا ، على الرغم من أن الانتخابات تكون قد حُسمت على أساس هذه البرامج والوعود . ومن العوامل التي تؤثر على الجمهور الانتخابي : الكلمات والشعارات ؛ الخطيب الذي يعرف كيف يستخدمها يتلاعب بالجماهير ويقودها كيف يشاء .

10- المجالس النيابية :
لا تختلف الخصائص العامة للجماهير البرلمانية عن غيرها من الجماهير؛ فهي شديدة القابلية للتحريض والعدوى ، وفي كل دورة يُبدِي البرلمان آراءً ملتبسة يُغذيها الخوف المستمر من الناخب ، ويتوصل دائمًا إلى موازنة تأثير القادة المحرِّكين ، وهم في نهاية المطاف الأسياد الحقيقيون للمناقشات التي لا يكون للنواب آراء مُسبَقة أو ثابتة تجاهها ؛ فالمجالس النيابية آخر محلّ يمكن للعبقرية أن تشعّ فيه ، ولا أهمية فيها إلا للفصاحة الخطابية المتناسبة مع الزمان والمكان .
وعلى الرغم من كل صعوبات تسييرها فهي أفضل طريقة وجدتها الشعوب حتى الآن من أجل حُكم ذاتها ، ولا يُهدّدها إلا خطران جدِّيَّان هُما : التبذير الإجباري ، والتقييد التدريجي على الحريات الفردية ؛ فَسَنّ القوانين باستمرار يؤدي في نهاية المطاف إلى التقليص التدريجي للدائرة التي يمكن للمواطنين أن يتحركوا داخلها بـِِحُريّة .

11- مراحل تحول الحضارات :
في البداية تجد قلة من الرجال الـمُنْتَمين إلى أُصول متنوعة وقد اجتمعوا بحسب هوى الهجرات والفتوحات ؛ فلا شيء يربطهم ، ثم يمرّ الزمن ويكمل عمله ، وتبدأ هذه الوحدات غير المتجانسة في الانصهار معًا لتشكل عِرقًا واحدًا ، وعندئذٍ يمكن أن تُولَد حضارة جديدة ، وبعد أن تصل الحضارة إلى مستوى معين من القوة والتعقيد فإنها تتوقف عن النمو ، وما إن تتوقف حتى تصبح مُدانة بالانحطاط السريع .
ومن صفات هذه الساعة المحتومة ؛ وهنٌ يصيب المثال الأعلى الذي كان يدعم روح العِرق البشري الصانع لهذه الحضارة ، ومع الفقدان النهائي للمثل الأعلى فإن الأمر ينتهي بالعِرق في نهاية المطاف إلى فقدان روحه ، ولا يعود إلا ذرات متناثرة من الأفراد المعزولين ، أي يعود إلى ما كان عليه في البداية ، وهذه هي دورة الحياة الخاصة بأي شعب : الانتقال من حالة البربرية إلى حالة الحضارة عن طريق ملاحقة حلم ما ، ثم الدخول في مرحلة الانحطاط والموت بمجرَّد أن يفقد هذا الحلم قُوَّته .

سيكولوجية الجماهير

- الكتلة الحرجة :
على الرغم من إمكانية خداع الجماهير و إستلابها و استغلالها وقهرها ، وربما يستمر هذا لفترات قد تطول إلا أن قوانين النفس وقوانين الجماعات تؤدى لا محالة إلى حالة من اليقظة والإفاقة تؤدى إلى غضبة الجماهير ، وهى حين تغضب وتتحرك كدايناصور ضخم يفيق من سُباته شيئا فشيئا وتبدو حركته بطيئة في البداية ثم يتجه إلى من أذاه فيدهسه بلا رحمة وربما يدمر أشياء أخرى كثيرة في طريقه . وهذه الهبّة الجماهيرية وما يتبعها من حركة في اتجاه التغيير تحتاج لتجمع إرادة نسبة معينة من الناس في اتجاه واحد ، وهذا ما يسمى بالكتلة الحرجة ، وهذه الكتلة الحرجة يمكن أن تتكون بإحدى طريقتين :
1 - التراكم : وذلك بالزيادة الكمية على فترات طويلة نسبيا من الزمن حتى تصل إلى مستوى    يؤدي حتما إلى التغيير.
2 - الفطرة : وتحدث حين تستفز مشاعر الجماهير بشكل مؤثر ومفاجئ خاصة فيما يمس لقمة عيشها أو مشاعرها الدينية أو كرامتها الوطنية .
ولهذا تعمل الأنظمة الاستبدادية بوجه خاص على منع تكون الكتلة الجماهيرية الحرجة وذلك من خلال بعض أو كل الآليات التالية :
1- التفتيت : وذلك بتجريم التجمعات وسلب حق التظاهر أو اشتراط تصريحات يصعب الحصول عليها ، أو التفجير من الداخل بواسطة العملاء المندسين في أحزاب المعارضة أو في التجمعات الجماهيرية خاصة الطلاب والعمال لتفجيرها وقت اللزوم من خلال إثارة الخلافات والصراعات .

2- الإجهاض : ويتم من خلال المتابعة الدقيقة و اللصيقة لأي بادرة تجمع جماهيري أو إثارة من أي شخص أو جماعة فيتم إجهاضها قبل أن تبلغ مرادها. ومع تكرار عمليات الإجهاض تسود لدى قوى التغيير حالة من اليأس والإحباط ، فإما أن ينصرفوا عما هم فيه وإما أن يتجهوا إلى العمل السري أو العنف وبهذا يعطوا مبررات اجتثاثهم بدعاوى جنائية تحرمهم من شرف البطولة الشعبية .

3- الترغيب والترهيب : حيث يتم احتواء بعض القيادات المؤثرة من خلال الإغراء بالمناصب والمكاسب أو المكانة الإجتماعية ، ومن لا تنجح معه هذه الوسائل تكفيه العصا الغليظة تهوي على رأسه تردعه وتردع غيره ممن تساورهم أنفسهم بالتفكير فيما فكر هو فيه.

4- الرقابة : وهى عين ساهرة ترصد بدقة أي بادرة تفكير أو نية تغيير وتتعامل معها بأي طريقة من الطرق السابقة ، والرقابة تستدعى عيونا في كل مكان لرصد أفكار واتجاهات ومشاعر الجماهير ، وقد تتم من خلال أفراد سريين أو من خلال أجهزة وتنظيمات أو من خلال مؤسسات شبه علمية .

5- الإبعاد : وهو طريقة للحفاظ على مراكز الرأي والتأثير خالية من أي بادرة تفكير أو تغييرلا يخدم المصالح القائمة ، فتوضع اشتراطات ولوائح معينة تحول دون وصول المعارضين للمراكز أو المناصب المؤثرة . وفى بعض الدول التي تقوم على النظام الطائفي يوضع في الإعتبار أن مستويات معينة من الوظائف لا يتقلدها أبناء طائفة معينة حتى تظل السيطرة في يد الطائفة الأكثر سيطرة .

محركو الجماهير ووسائل الإقناع التي يمتلكونها :
1 - محركو الجماهير: 
الحاجة الغرائزية لكل الكائنات المنخرطة في الجمهور لأن تخضع لأحد القادة المحركين ، ونفسية المحركين ، وحدهم هم القادرون على خلق الإيمان وتأسيس منظمة ما للجماهير، والإستبداد الإجباري للمحركين وتصنيف أنواع المحركين ، دور
 الإرادة .
2- وسائل العمل التي يستخدمها المحركون أو القادة : التأكيد ، التكرار، العدوى ، دور هذه العوامل الثلاثة ، كيف يمكن للعدوى أن تنتشر من الطبقات الدنيا وترتفع نحو الطبقات العليا في المجتمع ،  وكيف يصبح الرأي الشعبي رأياً عام بسرعة .
3-  الهيبة الشخصية : تحديد الهيبة الشخصية وتصنيفها ، الهيبة المكتسبة والهيبة الذاتية أو الشخصية ، أمثلة متنوعة على ذلك ، كيف تموت الهيبة الشخصية .

 محدودية تغيير كل من عقائد الجماهير وآرائها :

1 - العقائد الثابتة  : عدم تغير بعض العقائد العامة ، كما إنها تمثل الدليل الهادي للحضارة ، وصعوبة اقتلاعها بعد انغراسها ، ما هي ميزة التعصب التي تجعل منه فضيلة بالنسبة للشعوب ،  العبثية الفلسفية لعقيدة إيمانية عامة لا تؤثر على انتشارها وتوسعها  .            2- الآراء المتحركة للجماهير : 
الحركية الهائلة للآراء التي ليست متفرعة عن العقائد الإيمانية العامة ، والتغير الظاهري للأفكار والعقائد في أقل من قرن ، التخوم الحقيقية لهذه المتغيرات ، العناصر التي أثر عليها التغير، الاختفاء الحالي للعقائد الإيمانية العامة والانتشار الهائل للصحافة يجعلان الآراء كثيرة التغير والتحرك في أيامنا هذه ، كيف أن آراء الجماهير تميل إلى اللامبالاة بخصوص معظم المواضيع ، وعجز الحكومات عن قيادة الجمهور كما كانت تفعل في السابق التفتت الحالي للآراء يمنع الاستبدادية وطغيانها .

تصنيف الفئات المختلفة من الجماهير ودراستها :

   التقسيم العام للجماهير وتصنيفه :
١- الجماهير غير المتجانسة : كيف تتميز وتختلف ،  تأثير العِرق وتكون روح الجمهور              أضعف كلما كانت روح العِرق أقوى ، وأن روح العِرق تمثل حالة الحضارة  وروح الجمهور حالة البربرية .
٢-  الجماهير المتجانسة : تقسيم الجماهير المتجانسة ، الطوائف والزمر والطبقات .

    الجماهير المدعوة بالتَجريم :
الجماهير المدعوة بالمجرمة ، يمكن لجمهور ما أن يكون مجرماً من الناحية القانونية وليس من الناحية النفسية ، كما أن حالة اللاوعي الكامل لأعمال الجماهير، أمثلة متنوعة لتحليل نفسية الأيلوليين (إحدى جماعات الثورة الفرنسية) في حاجاتهم العقلية وحساسيتهم وضراوة اخلاقياتهم .
   محلفون محكمة الجنايات :
محلفو محكمة الجنايات الخصائص العامة للمحلفين ، وأن الإحصائيات تبين أن قراراتهم مستقلة عن تركيبتهم وكيف يمكن التأثير على المحلفين ، التأثير الضعيف للحاجة العقلية عليهم وأساليب الإقناع التي يستخدمها المحامون الشهيرون  وطبيعة الجرائم التي يتسامح تجاهها المحلفون أو يتشددون ، وفائدة وجود هيئة المحلفين والخطر الكبير إذا ما استبدلت بالقضاة .
الجماهير الإنتخابية :
الخصائص العامة للجماهير الإنتخابية ،  كيف يتم إقناعها ، الخاصية التي ينبغي أن يتحلى بها المرشح ،  ضرورة وجود الهيبة الشخصية ،  لماذا لا يختار العمال والفلاحون مرشحهم من بين صفوفهم إلا نادراً ومدى تأثير الكلمات والصياغات التعبيرية على الناخب ، الفكرة العامة عن المناقشات الانتخابية ،  وكيف تتشكل آراء الناخب ،  وقوة اللجان وجبروتها إنها تمثل الصيغة الأكثر إرهاباً من الطغيان  للجان الثورة الفرنسية ، على الرغم من قيمته النفسية الضعيفة فإنه لا يمكن التخلي عن حق التصويت العام ،  لماذا يظل التصويت متماثلًا حتى لو قلصنا حق التصويت وحصرنا بعدد محدود من المواطنين ، ما يعبرعنه حق التصويت العام في كل البلدان .

 المجالس البرلمانية :
الجماهير البرلمانية تجسد معظم الخصائص المشتركة لدى الجماهير المغفلة غير المتجانسة ،  تبسيطية الآراء ،  قابلية التحريض وحدود هذه القابلية ، الآراء الثابتة النهائية والآراء المتحركة أو المتغيرة ، لماذا يهيمن التردد واللايقين ؟  ودور المحركين أو القادة سبب هيبتهم الشخصية ، إنهم السادة الحقيقيون للمجلس النيابي وبالتالي فإن الأصوات محصورة بأقلية القدرة المطلقة التي يمارسونها وعناصر فنها الخطابي والكلمات والصور ، وينبغي أن يتحلى المحركون من الناحية النفسية بالاقتناع الكامل والعناد ، ولا يمكن للخطيب الذي لا يتحلى بالهيبة الشخصية أن يقنع الآخرين بآرائه ، المبالغة سمة العواطف السائدة في المجالس النيابية سواء أكانت طيبة أم شريرة ، الإرادة المشلولة التي تصل إليها في بعض اللحظات جلسات الجمعية الوطنية أثناء الثورة الفرنسية ، الحالات الخاصة التي تفقد فيها المجالس النيابية خصائص الجمهور ، تأثير الاختصاصيين على المسائل التقنية ،  مميزات النظام البرلماني وأخطاره في كل البلدان ، إنه يتلائم مع الحاجيات الحديثة ، ولكنه يؤدي إلى تبذير أموال الميزانية والتقليص التدريجي لكل الحريات .

فن قيادة الجماهير :
علم الجماهير بين الأيديولوجيات الدينيّة والسياسيّة ؟!

في الماضي كان الدين أو الأيديولوجيا الدينية هي التي تهيّج الجماهير وتجيّشها كي تنخرط في الحروب والثورات ، كالدعوة العبّاسية والحروب الصليبية ، إلخ .. وبعدما تعلمنت أوروبا في العصور الحديثة ، حلّت الأيديولوجيات السياسية محلّ الأيديولوجيات الدينية للقيام بمهمّة التجييش . يقول الباحث  أديلمان في هذا الصدد لقد حلّت السياسة محلّ الدين ، ولكنّها استعارت منه الخصائص النفسية نفسها . بمعنى آخر، أصبحت السياسة ديناً مُعلْمناً .
الباحثون في العقود الماضية اهتمّوا بظاهرة الجماهير وصعودها القويّ على مسرح التاريخ المعاصر وبدأوا يبحثون عن قدرة القادة المحرّكين لهم على التجييش ، على غرار هتلر وموسوليني وستالين وماوتسي تونغ وغاندي . والسؤال الذي يطرحه علم الجماهير، أو علم النفس الجماعي ، هو كيف أمكن لهؤلاء القادة أن يجيّشوا الجماهير بمثل هذا الحجم ؟
هذا ما عمل عليه غوستاف لوبون اكتشاف كيفية السيطرة على الجماهير والتحّكم بها . لكن لم يعد الباحثون اليوم يهدفون إلى ذلك من وراء بحوثهم ، بل يهدفون إلى دراسة الشروط التي تجعل انبثاق ظاهرة الجماهير ممكنة في هذا البلد أو ذاك ، في هذا الظرف الزمني أوذاك .
أما السياق التاريخي السياسي لكتاب غوستاف لوبون سيكولوجية الجماهير، فهو حالة التمرّد الشعبي في فرنسا ، المعروفة بـ كومنة باريس ، إثر خروج فرنسا مهزومة في حربها مع ألمانيا العام 1870. خلال دراسته لعلم النفس اصطدم لوبون بظاهرة الجماهير هذه وهاله أمرها ، وخصوصاً الجماهير المتمثّلة بالحركات الشعبية والإرهاب . وكان الباحثون الإيطاليون قد ألّفوا كتباً عدّة عن هذه الظاهرة واعتبروا هجوم الجماهير على مسرح الأحداث بمثابة عودة أوروبا الحضارية إلى مرحلة البربرية والهمجية . أما لوبون فقد عرف كيف يركّزعلى هذا الموضوع ويتناوله من وجهة نظر أخرى غير السائدة ، ويبني عليه نظرية متكاملة ومتماسكة .
توسّعت الدراسات خلال القرن العشرين في بحث ظاهرة الجماهير من جميع الجوانب ، واحتلّ علم النفس موقعاً مهمّاً في هذه الدراسات حتى بات هناك علم قائم في ذاته هوعلم نفس الجماهير، يهدف إلى دراسة الشروط التي تجعل انبثاق ظاهرة الجماهير ممكنة في هذا البلد أو ذاك ، وفي الظروف التي تجعل الجماهيرعنصراً في الوصول إلى حكم ديمقراطي أو إلى أشكال أخرى من الحكم الاستبدادي .

 

****

 

 

 *مختصرات صحيفة | الفيصل | باريس لمختارات من منشورات الأشهر الأخيرة ـ أفريل 2023
* تتمنى لكم (الصحيفة) عيد فطر سعيد 2023
Aperçu de dernières publications du journal « elfayal.com » Paris , en ces derniers mois. Avril 2023

https://youtu.be/dn8CF2Qd_eo
Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://youtu.be/zINuvMAPlbQ
https://youtu.be/dT4j8KRYk7Q

https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)



إقرأ المزيد...

بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة: أين محمد عبد الله؟

فراس حج محمد| فلسطين


الإعلامي محمد عبد الله، واحد من مذيعي الأخبار في قناة الغد الفضائية، لم يعد يظهر في نشرات الأخبار منذ مدة، كان يبدو على هذا الإعلامي التأثر الشديد حد القهر مما يحدث من تطورات في فلسطين، وخاصة استشهاد المقاومين في نابلس، وفي مخيم جنين، وما شهدته حوارة من حريق استيطاني. كان يحاور ضيوفه وهو في قمة الغضب، يتعثر صوته ويختنق وهو يغصّ بالكلام الحارق.

إقرأ المزيد...

في يوم القدس العالمي الضفةُ درعُ القدس / Lors de la Journée internationale de Qods, la Cisjordanie est le bouclier de Jérusalem

 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

***


On International Quds Day, the West Bank is the shield of Jerusalem

 


وفق الله عز وجل منظمي فعاليات يوم القدس العالمي لهذا العام لاختيار شعار "الضفة درع القدس"، ليكون هو الشعار الجامع لكل الأنشطة والفعاليات المنوي عقدها وإقامتها في مختلف الساحات، ولتكون بمدنها وبلداتها وقراها ومخيماتها محل اهتمام الأمة العربية والإسلامية ومحط أنظارها، إذ سيُرفع اسمها في فعاليات يوم القدس العالمي على مستوى العالم كله، وستُرسم خارطتها، وسيُحدد مكانها، وسيُذكر أهلها وسُيعرف أبطالها، وستُسلط الأضواء على تاريخها، وعلى العمليات الجهادية التي قام بها مقاوموها، وسيعرف المسلمون في كل مكانٍ قدرها ومكانتها، ودورها وأهميتها، وثباتها وصمودها، ومقاومتها ونضالها، وتضحياتها وعطاءاتها، ومعاناتها وآلامها.

إقرأ المزيد...

لم " نخَّ " نتنياهو ؟ / Nous n’avons pas « trahi » Netanyahu ? / We did not “betray” Netanyahu?

 فازع دراوشة  | نابلس ـ فلسطين


مساء اليوم قرر رئيس وزرائهم نتنياهو منع دخول اليهود لباحات الأقصى طوال عشرة الأيام القادمة . وكان آخر دخول لهم قبيل ضحى اليوم العشرين من رمضان 1444 ه . وبذا يكون قد منع دخول بني قومه في العشر أو التسع الأواخر من رمضان .
ولعل ما دفع نتنياهو لاتخاذ قراره ما يأتي :

إقرأ المزيد...

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :