wrapper

السبت 04 ماي 2024

مختصرات :

* بقلم: خالد بدوي | مصر

الدراجة الصغيرة عاما كاملاً مصدر سعادة للطفلين، وهى أَيضا نقطة صراع كبيرة وآلة تحطيم لبعض من أثاث الشقة الزجاجي، الوالد لم يجد مناصاً من البحث عن حل، بعد أن تحطمت القديمة، أيام مرت والصغيران يبْكيان الدراجة المُحطمة، ظلت معهما

عاما يتشاجران عليها، يتبادلان الركوب، إن ركبها أحدهما ركلها الآخر بقدمه وهو يصيح يبكي يستغيث من بطش أخيه، الحل هو الإستقلالية تريح الجميع من عناء الضجيج غير المنقطع، الشكوى والغيرة الفطرية فقرر أن يبتاع لكل منهما دراجة خاصة به، رغم علمه بعواقب هذه الخطوة..
اليوم حافظة نقوده عامرة لتلبية حاجات صغاره، يتذكر القيمة النقدية للدراجة المُحطمة منذ عام، أمسك بيد كليهما يقصدون حانوت بيع الدراجات بقوة الدفع، صار الطفلان يتقافزان حوله ، كل منهما يصف تلك الدراجة الجديدة بما تحمله من صفات جميلة، يتحدثان عن اللون والشكل المناسب كما رسمها فى مخيلته ليالٍ طويلة، رغم زحام الشارع وضجيجه الوالد ينصت إليهما، يشعر بالغبطة بهذه المساجلة الكلامية البرئية التي سوف تُكبده العيش المُدقع شهرا كاملا.
التردد الذي اِنتابه لأيام قبل أن يتخذ القرار بتشجيع من الزوجة تبخر بمجرد سماع كلمات الصغير المضُحكة: بأنه سوف يحمل الدراجة الجديدة إلى سريره عند النوم ليدثرها معه خشية عليها من البرد.
بحانوت الدراجات بعد طول الجْدل والحيرة اختار كل منهما واحدة، أخرج الرجل من جيبة حافظة نقودة التي سرعان ما فرغت تماماً.
نظرً البائع إليه مندهشا بعد أن استلم النقود يسأله : ان كان يريد أن يبتاع واحدة فقط ؟..
الحيرة ملأت عين الرجل، وطلب من الصغيرين بأن ينتظراه بالصالة الأخرى على المقاعد الخشبية.
الطفلان لا يتوقفان عن إغاظة كل منهما الآخر بأن يصف دراجته التي اختارها بأنها الأجمل، يواصلان الضحك غير المنقطع، الفرحة جعلتهما لم يبصرا مسحة الحزن على وجه الوالد، الذي عاد بعد دقائق ومعه البائع، الذي تحدث للطفلين بتودد شديد، أخبرهما أنه اتفق مع والدهما سوف يْصنع لكل منهما دراجة مثل التي اختارها، لكن تصنيع الدارجة يستغرق عدة أيام، وعندما شاهد تبرمْهُما، ظل يقنعهما أن تلك الدراجتين اللتين بالمحل ليستا للبيع بل هما للعرض فقط .
عاد الصغيران يتطلعان بعينين ملئيتين بالأمل إلى "كوز" الذرة المشوي على نار هادئه، يحمل كل منهما "كوزة" الساخن لا يستطيع التهامه، تقافز أحدهما وتعالى صوته بالضحك والصخب الشديد، الوالد شاخص البصر إلى الشارع الممتد إلى سور الجبّانة، بحذر شديد من مطبات الطريق زجر صغيره بقوة: كُف عن هذا الفعل يا بكر وإلا ؟.
أتاه صوت صغيره أنا لست ببكر، بل صابر..
نام الوالد على سريره تتلقفه الظنون والخوف، أغمض عيناه على صوت يأتيه من الغرفة المجاورة، الصغيران مازلا يثرثران بأحلام اليقظة، عادت الزوجة بعدما لملمت بقايا الدراجة القديمة كما طلب منها الزوج، تستوضح الأمر.
رقد على جانبه الأيسر وجهه نحو الحائط الخرساني، صامتاً، الزوجة تتفحص جسدة النحيل..

 

آخر تعديل على الجمعة, 10 آذار/مارس 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :