من بداية عهدته الرئاسية ، و هو مصرّ على تطبيق برنامجه بكل حذافره؛ في اعتقاده أنه سيعيد للولايات المتحدة الإمريكية قوتها الاقتصادية و هيبتها و تجنيبها وجود " جرذان " الأجانب الذين ينهكون كاهل المجتمع الإمركيمي و يتطفلون على اقتصاده ! بل ألغى جملة من الاتفاقات و القوانين التي تم اعتمادها من طرف إدارات البيت الأبيض المتعاقبة ! رغم موجات الرفض و الاحتقان داخل الولايات من طرف الملايين المساندين للمترشحة السابقة هيلاري كلينتون ، و الملايين الذين لا ينتمون الى الحزب الديمقراطي ، من الأصول اللاتينية و الإفريقية و الأقليات الأخرى المختلفة من مسلمين و هنود الذين شكلوا منذ زمن بعيد النسيج الاجتماعي المتنوع في الدين و العرقيات ؛ إلا أن " مجنون أمريكا" الجديد مصمم على الذهاب و المضي ضد التيار الداخلي و الدولي و انتهاج سياسة بدأت ترعب الجميع في الداخل و الخارج ، و بإجماع معظم الملاحظين في " الجيو-سياسة" أن " دونالد ترامب" بصدد جرّ الولايات المتحدة إلى طريق لا يطمئن أي طرف. أسلوبه " التعنتي" و " المتسارع " في تطبيق بعض بنود برنامجه الانتخابي اللامنطقية مع الواقع و الديمقراطية و التحولات الحالية التي ظلت الولايات المتحدة الأمريكية فيما مضى تتشدق و تفتخر بها منذ عقود من الزمن !
هاهو " مجنون أمريكا" ماض نحو خلق ـ رغم أنف أغلبية أمريكية ـ أزماتا و ربما كوارثا غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث ، للتذكير أن المترشحة " هيلاري كلينتون" قد تفوقت في العد النهائي على منافسها" دونالد ترامب" بأكثر من مليونين صوت" ، لكن الآجال القانونية حسب الأعراف الأمريكية لا تسمح لـ " هيلاري كلينتون " باسترجاع حقها في رئاسة الولايات المتحدة من خلال المحكمة الدستورية!
• قراره الذي دخل حيّز التطبيق و التنفيذ مساء يوم الجمعة في طرد و منع المسلمين من الدخول إلى تراب الولايات، وهو قرار من جانب واحد مع جارته المتمثّلة في الدولة المكسيكية و اختلاق أزمة ديبلوماسية ، و إلغاء امتياز " الحماية الاجتماعية " التي كرسها " أوباما" لصالح محدودي الدخل و الطبقات الفقيرة ، و إلغاء اتفاقيات الـ" transpacifique" أو ـ عبر المحيط الهادي ـ في التعاملات و التبادلات التجارية و العزم على تطبيق سياسة الانغلاق أو الانطواء الاقتصادي و التركيز على التصنيع و الانتاج مئة بالمئة على الخبرات الأمريكية ؛ كلها إجراءات تضعه في خانة " اللاعقلانية" في إنجاح ما يحلم به !
• إيران من بين الدول الإسلامية السبع التي مستها لائحة المنع بالنسبة لرعاياها، و جاء رد الجمهورية الإسلامية الفارسية سريعا ؛ حيث قررت المعاملة بالمثل و حظر لمدة ٣ أشهر دخول رعايا الولايات المتحدة إلى تراب الجمهورية الإسلامية ! فهل سيعيد " ترامب" النظر في الاتفاق الذي وقعته إدارة " أوباما" مع نظيرتها " الإيرانية؟
• تبقى الدول الست ( العربية )، و هي : العراق، سوريا ، ليبيا ، اليمن ، السودان ، الصومال التي لم تُبدِ أي ردة فعل إزاء هذه الإجراءات المهينة و الاستفزازية !
• أتفهم وضعية الدول العربية المدرجة ضمن قائمة الدول الإرهابية التي تعتبرها الإدارة الأمريكية الجديدة مهددة للاستقرار و الأمن في الولايات المتحدة و تعتبرها مصدرة للتطرف و العنف !
• فهذه الدول الشقيقة ، صارت " مجبرة لا بطلة " في ضوء تخاذل و انحطاط أخلاقي و سياسي لما يُسمى بمنظمة " جامعة الدول العربية " ! هذه الدول للأسف الشديد فقدت كامل السيادة و السيطرة على الأمور داخليا ( سياسيا و أمنيا ) بعد ما تمّ تفجيرها و تقزيمها بافتعال حروب و نزاعات لا حصر لها ، و زرع ظاهرة الإرهاب و التطرّف و التشجيع على النزعات الانفصالية مع خيانة الأوطان الأصلية الأم ؛ و كل هذا تم وفق برمة محكمة للإدارات الأمريكية المتعاقبة بحجة حماية الأقليات و العرقيات و تصدير الديمقراطية إلى هذه الشعوب و القضاء على الأنظمة - الموصوفة بالديكتاتورية - التي تهدد مصالح الولايات و حلفائها في المنطقة !
• الآن الولايات الأمريكية تريد أن تقنع العالم بأنها تريد حماية نفسها من وباء التطرّف و الإرهاب الذي أنشأته بالأمس بنفسها و مَوَّلَتْه وساعدته في الاستفحالداخليا في كل المنطقة !
• منع المسلمين التوجه إلى التراب الأمريكي المدرجة بلدانهم في القائمة السوداء المذكورة و استثناء الأقليات المسيحية ؛ تؤكد نية " ترامب" في اعتزامه على مواصلة "صراحة" دون التباس الإدارة الجديدة في تشديد الحروب العقائدية العرقية و التأكيد على أن الإسلام هو العدو الذي يجب ردعه و قمعه و استئصاله !
• رد رئيس الحكومة الكندي " جيستين ترودو " جاء سريعا حيث وجه نداءً و دعوة استقبال إلى كل الأقليات و العرقيات .. و أن كندا ترحب بهم في أي وقت و أبوابها مفتوحة لمن يرى نفسه ضحية و مهددا من طرف سلوكات " عنصرية و فاشية " و مهددة حياته ، مؤكدا في رسالته التي تناولتها الفضاءات الإجتماعية أن أرض كندا ( أقرب جارة الولايات المتحدة ) مفتوحة دون ميز في الدين و العرق لصناعة مستقبل أفضل من خلال مجتمع متنوع و متسامح ".
• لقاء " ترامب " الأخير بـ " تِرِيزة ماي" رئيسة حكومة بريطانيا لم يكن بمحض الصدفة ؛ فهو يريد استغلال قضية " البري-اكزيت" و الخروج المبرمج للملكة من منظمة الاتحاد الأوربي ، و استعمال " بريطانيا العظمى" كعنصر داخلي لتفجير منظومة الاتحاد الأوروبي كقوة اقتصادية و سياسية ، بالرغم من أن بريطانيا معروفة دوما - تاريخيا - بمساندتها العمياء غير المشروطة لكل الأفكار الامريكية و السياسات المنتهجة من قبل الإدارات المتعاقبة ، كما أنها تعتبر دائما ( البنت المدللة للولايات المتحدة الأمريكية ) ؛ فهل ستنجر بريطانيا هذه المرة وراء السياسة المنتهجة من قبل الإدارة الأمريكية الحديدة بإدارة " ترامب" و تجرُّ معها " تِرِيزة ماي " و شعبها نحو مجاهيل سياسية و اقتصادية قد تكون وخيمة ، و تندم على تركها للاتحاد الأوروبي !؟
• فرنسا على لسان رئيسها " هولاند" عبرت عن موقفها خلال مكالمة هاتفية أولى يوم السبت مع " ترامب " : أن الانعزال و الانطواء عن النفس على ضوء التحولات الراهنة و الأزمات التي تشهدها المنطقة لا تسمح بخلق توازنات ترضي جميع الأطراف ، و ستؤدي بأمريكا إلى وضع نفسها إراديا في عزلة دولية لا تخدم الشعب الأمريكي بالدرجة الأولى، رغم تشديده على ضرورة تكاثف الجهود بين كل الشركاء و الأطراف .. و جدد " فرانسوا هولوند " تمسكه بالمبادىء الأساسية في احترام حقوق الإنسان ، بِمَا في ذلك حقوق اللاجئين من حماية و استقبال في إطار المبادئ الدولية لحقوق الإنسان.".
• ربما وصول " ترامب" إلى سدة الحكم هو شرّ في ظاهره خير على القارة الأروربية، التي ستستغلُّ هذه التوجهات الجديدة للإدارة الأمريكية و نيتها في " الانعزال" و تقوّي بذلك أسباب اتحاد المجموعة الأوروبية حتى و لو كان ذلك من غير " تريزة ماي" رئيسة وزراء بريطانيا.. و تكون بذلك فرصة تاريخية غير متوقعة " جيواستراتيجيا " لدعم التواجد الأوروبي في المسائل الكبرى دوليا، كوحدة سياسية و اقتصادية و عسكرية. أما احتمال توحّد الدول العربية لأول مرة في ،التاريخ و حذوها حذو الدولة الفارسية " إيران" بكل شجاعة و سيادة فهذا أمر مستبعد، لأن معظم الدول العربية للأسف تمتلكُ سيادة صورية ، و مصالح أنظمتها مرتبطة بشكل وثيق مع السياسة الأمريكية ، و قد يكون " ترامب" الرئيس الأمثل و الحليف القوي لهذه الأنظمة العربية الفاسدة يساعدها على قمع شعوبها باسم الحرب على الإرهاب، لهذا سارعت بعضها في تهنئته و التحدث إليه عقب تسلمه مهامه ( سنعود إلى هذا الموضوع لاحقا)!.
• ربما هو شرُّ في ظاهره خير كبير للدول التي عاشت و تعيش الهيمنة الأمريكية ، في هذه التوجهات الجديدة المتطرفة للولايات المتحدة الإمريكية ؛ و سينفرج الخناق " الوصائي" عندما ستنشغل الولايات المتحدة الأمريكية في " حرب أهلية داخلية " ، و بانفلات أمني غير مسبوق ، و إمكانية انتشار العنف و اللاأمن بسبب الرفض الداخلي الأمريكي؛ خصوصا أن معظم الشعب الأمريكي مسلحا و لا تخلو البيوت الأمريكية من الأسلحة المختلفة!
• أو ربما يتمّ تصفية " ترامب" جسديا من قبل " مجنون" أو أطراف لا تتفق مع سياسته الداخلية و الإجراءات التي يعتبرها إصلاحاتا جوهرية لحماية المواطن الأمريكي.
• عموما كل المؤشرات و النوايا التي كشف عنها هذا الأخير توحي بأنه بصدد كتابة " سيناريو كارثي " يعجّل بنهايته أو بعدم استمراره على رأس الإدارة الأمريكية!
مختصرات :
حربٌ أهلية.. عالمية.. إقالة أم اغتيال ؟!
- الأحد, كانون2 29 2017
- مدير الموقع
- وسائط
ماذا ينتظر " دونالد ترامب":
*الفيصل | باريس
لا يتوقف " ترامب" عن توقيع مراسيمه المجنونة و القيام بإجراءات استئصالية في أيامه القليلة
من أحدث مدير الموقع
- الحرب على غزة: تحقيق لـ"نيويورك تايمز": أين كان الجيش الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر؟
- « السندباد و الملكة »: إصدار جديد للكاتب المصري « محمد عزام »
- الوضع في الأراضي المحتلة: اليوم التالي لانتهاء العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين
- الجزائر تجدد رسميا تمسكها بالحق المشروع لإفريقيا في العضوية الدائمة بمجلس الأمن
- متى سنزيل النقطة عن الــ (غ)؟
وسائط
El-Fayçal Météo طــ الفيصل ـــقس
 
- سخرية الفيصل
- أعمدة الفيصل
-
الحرب على غزة البطلة: صور النصر المفقودة وأماني العدو المستحيلة
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي La guerre contre l’héroïque…
-
عد انتهاء مدة الهدنة الإنسانية توقعات واحتمالات/ نبل المقاومة وخسة الاحتلال في ملف الأسرى والاعتقال
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي نبل المقاومة وخسة الاحتلال في…
-
رأي: تعثرٌ عسكري في الميدان وتخبطٌ سياسي في الكيان أمّا نتنياهو فهوَ مُستهزئ من القمة العربية الإسلامية و بقراراتها!
رأي بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي Opinion: Essoufflement militaire sur…
-
الاستعادة الخلدونية:
مولاي عبد الحكيم الزاوي ابن خلدون علامة فارقة في مُنجز…
-
/عرب إسرائيل الجدد! / The new Arabs of Israel!/ Les nouveaux Arabes d'Israël !
بقلم: أحمد القيسي | لندن هل سقطت الغيرة والنخوة…
-
*ما هذا الخجل يا كُتّاب و يا مبدعين.. يا قامات الاِفتراض!
ـ كتب: لخضر خلفاوي Pourquoi cette timidité, ô…