wrapper

الأحد 28 أبريل 2024

مختصرات :

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

عبثية المخططات الأمريكية واستحالة الأهداف الإسرائيلية

 

يحاول الإسرائيليون والأمريكيون معاً خلال عدوانهم المشترك المستمر على قطاع غزة، تنفيذ مخططاتهم القديمة وتحقيق أهدافهم الجديدة، واستدراك ما عجزوا عن تنفيذه خلال السنوات الماضية، وانتهاز الفرصة التي أتاحها العدوان لفرض رؤيتهم الخاصة بالقوة العسكرية، وتحت عصف القصف وكثافة النيران، مستغلين حالة الإجماع الغربي معهم، والتحالف الذي شكلوه ضد الشعب الفلسطيني، وحالة الاستخذاء الرسمي للأنظمة العربية المعنية، التي قد تخضع وتقبل، وتوافق، رغباً ورهباً، على المخططات وتشارك في تنفيذها.

 

يتدرج الإسرائيليون والأمريكيون معاً في أهدافهم المعلنة، ويتحركون بينها صعوداً ونزولاً وفق مجريات الميدان العسكرية، والظروف السياسية والرأي العام الدولي، الذي يساهم ولو بقدرٍ ضئيل جداً في تحديد مسار العمليات العسكرية، ومآل التوجهات السياسية والحلول الممكنة والخيارات المتاحة، ولكن من الواضح تماماً أنهما لا يستطيعان الاستقرار على رأي، ولا يتمكنان من الثبات على موقف، فالأحداث متوالية وهي تتغير بسرعة، والوقائع على الأرض تتبدل وتفرض نفسها، ويصعب عليهما تجاوزها أو السيطرة عليها.

فهما يتطلعان إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه، وتهجيرهم إلى مصر ومنها إلى دول العالم المختلفة، والتخلص كلياً من عقدة القطاع التاريخية، والشفاء التام من الصداع المزمن الذي يسببه لهم منذ سنوات النكبة، ولا يكون هذا إلا بإخراج الفلسطينيين منه، وإعلان ضمه إلى الكيان الصهيوني، وفرض سلطتهم وسيادتهم عليه، لكن شرط أن يكون خالياً من سكانه الفلسطينيين.

ولما تعذر عليهما تحقيق هذا الهدف، الذي بدا مستحيلاً أمام إرادة الشعب الفلسطيني، الذي يرفض كلياً منطق الهجرة واللجوء والنزوح، ويقدم أبناؤه في سبيل ذلك أرواحهم وبيوتهم وممتلكاتهم، لجأ الإسرائيليون إلى دفع سكان شمال قطاع غزة للتحرك جنوباً نحو رفح وخانيونس والمعسكرات الوسطى، بحجة أن الجنوب آمن، وفيه مؤنٌ ومساعداتٌ، واللاجئون فيه وإليه سيكون في مأمنٍ ولن يتعرضوا للخطر، إذ لن تغير عليه بزعمهم الطائرات الحربية، ولن يقصف من البر والجو والبحر.

رفض الفلسطينيون في شمال قطاع غزة خطته، ولم يستجيبوا إلى توجيهاته وإرشاداته، ولم يخافوا من تهديداته وغاراته، وقد رأوا إخوانهم يقتلون في جنوبه، ولا يأمنون في مدنه ومخيماته، وشاهدوا العدو يغدر بمن صدقوا وعوده ووثقوا في بياناته وحاولوا الانتقال إلى الجنوب، إذ استهدف قوافلهم، وقصف بيوتهم، ودمر أماكن الإيواء ومدارس ومقار الأمم المتحدة التي لجأوا إليها طلباً للأمن والسلامة، ولكن غدر العدو كان أسبق وأسرع، فقرر من نجا من سكان الشمال العودة إليه، والبقاء فيه والثبات عليه، وكان أكثر من 70% من سكانه قد رفضوا الخروج منه أصلاً، وأصروا على البقاء فيه رغم القصف الوحشي والتدمير المهول، وبذا فشل العدو في مخططه البديل.

لما تعذر تهجير الكل ونقل الجزء وحشر الجميع في منطقة صغيرة في الجنوب بعد وادي غزة وصولاً إلى الحدود المصرية، بدأ الحديث عن إخراج "المسلحين" الفلسطينيين من قطاع غزة، مقابل الحفاظ على حياتهم وعدم المس بهم، تماماً كما حدث مع مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.

إلا أن هذا العرض ترفضه المقاومة ولا يقبل به الشعب، ولا يبدو أبداً أنه يشبه بحالٍ خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، فغزة هي بلدهم وأرضهم ووطنهم، ولا يوجد في قاموس المقاومة مكان لمفاهيم الخروج والإبعاد والترحيل وغير ذلك، بل يقوم قاموسها المقاوم على الانتصار التام والغلبة المطلقة، والثبات على الأرض والصمود أمام التحديات، وطرد جيش الاحتلال بقوة النار تحت وقع عملياتها التي توجعه وتؤلمه، وتكبده خسائرة متزايدة في الأرواح والآليات والمعدات.

لن يتوقف العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية عن محاولة البحث عن أهداف جديدة، ورسم مخططاتٍ بديلة، فهم حتى نهاية الأسبوع الرابع من عدوانهم المشترك على قطاع غزة، وعلى شعبنا الفلسطيني كله في القدس والضفة الغربية ولبنان، لم يتمكنوا من إحراز تقدمٍ، أو تحقيق نصرٍ، أو إنجاز وعدٍ، ولن يتمكنوا أبداً من تحقيق شيءٍ يوهمون به مستوطنيهم، أو يرضون به مجتمعهم المتهالك وشعبهم الخائف. 

إن أهدافهم بعيدةٌ ومستحيلة، ومخططاتهم وهمٌ وعبثٌ، بينما أهدافنا عقيدة وغاياتنا مقدسة، وسيبقى القطاع صامداً، والمقاومة قويةً، وسيبرأ أهلنا من الجراح، وسيحتسبون ما قدموا شهداءً في سبيل الله، وسينهضون من جديد، وسيواصلون الطريق، وسيعيدون بناء ما دُمِّرَ وعمران ما خُرِّبَ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.

***

إنهاك المقاومة وإضعاف الحاضنة غاية العدو الراهنة


باتت الخطة الأمريكية الإسرائيلية في حربهما السافرة ضد قطاع غزة جليةً واضحةً، بعد أن تبين لهما أن المقاومة الفلسطينية رغم مضي شهر على عدوانهما الغاشم ما زالت بخير، وأنها لم تتأثر كثيراً بالقصف الجنوني المستمر،

وأنها ما زالت في مقارها ومكامنها، تتمتع بالقوة، وتتحكم بالقرار، وترصد تحركات جيش العدو وتهاجمه، وتلتف خلف خطوط النار وتباغته، وتتحكم في مسار العمليات، وتعيد تنظيم صفوفها إثر كل معركة، وتحقق إنجازاتٍ صادمةً له، وتعزز نجاحاتها بالصوت والصورة، التي تسجل كل عملياتها بثقةٍ وثباتٍ، وتوثق اختراقاتها من نقطة الصفر لحشود الجنود وأرتال الدبابات والآليات، وتجبر العدو على الاعتراف بخسائره، والإعلان عن قتلاه وجرحاه، الذين يزدادون كل يومٍ عدداً ويرتفعون رتبةً.
 
أمام هذا الواقع المستعصي على العدو تغييره، والمتعذر عملياً تجاوزه بالمواجهة المباشرة، فالمقاومة على الأرض بشهادة كبار ضباطه وقادة جيشه، ما زالت قوية وتتحكم في الميدان، وتستطيع أن تدير المعركة باتقان، وهي في مواجهة جنودهم أجرأ وأشرس، وأقدر على الاقتحام والالتحام، والمباغتة والمفاجئة، لهذا عمد المستشارون العسكريون الأمريكيون، الذين باتوا لا يثقون في قدرة الجيش الإسرائيلي على إدارة المعركة، ويخافون من تركه وحيداً في مواجهة المقاومة، التي قد ينحاز إليها آخرون يساندونها ويشاغلون الجيش، ويقاتلون معها ويخففون العبء عنها، إلى اعتماد خطة الإنهاك المستمر والإجهاد الكامل، ومضاعفة الثمن وعموم القصف، ومواصلة القصف العنيف المدمر.
 
يبدو أنهما قد اتفقا على الخطة ومضيا في تنفيذها حتى النهاية، فهما يريدان من خلال القصف المستمر من الجو والبر والبحر، والتدمير الممنهج للمباني والمساكن، وشطب الأحياء وإزالة المناطق، وارتكاب المجازر تلو المجازر، واستهداف سيارات الإسعاف والدفاع المدني، وقصف الأسواق والمخابز، والمدارس ومقار الإيواء الدولية، وقتل الناس عامةً في الشوراع والطرقات، وفي باحات المستشفيات وعلى بواباتها، واستهداف التجمعات السكانية واللاجئين إلى الأماكن التي يظنونها آمنةً ومحميةً، وإعادة قصف الأماكن المقصوفة، واستهداف المواطنين الذين يهبون للمساعدة، ويهرعون لإنقاذ الجرحى واستخراج الشهداء من تحت ركام المباني التي يحولها القصف إلى ترابٍ وبقايا ركامٍ.
 
إلى جانب القصف فقد عمدا إلى تشديد الحصار والتضييق على السكان، وحرمانهم من الماء والكهرباء والغذاء والدواء، ومنع قوافل المساعدات وقصف الشاحنات، والسماح بإدخال أعداد قليلة منها، وحصر كمياتها وتحديد أنواعها، وإدخال ما لا يلزم وحظر ما يلزم، لفرض حالة قاسية من الجوع والعطش على عامة المواطنين، إلى الدرجة التي لا يجد فيها أطفالهم شربة ماء أو كسرة خبز، ولا شيئاً مما يقيم أودهم ويحفظ حياتهم، وقد تأكد لهما أن هذه المعاناة في تزايدٍ مستمر، وأن الإحساس بالجوع والعطش سيزيد الظروف العامة سوءً، وسيسبب في تردي صحتهم، مما قد يضعف قدرتهم على الصمود والثبات، ويوهي عزيمتهم ويفتت إرادتهم على الصبر والمواجهة.
 
إنهما معاً، العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية، يريدان أمام شلال الدم النازف، ومسلسل المجازر الذي لا يتوقف، ومعاناة الشعب التي تتضاعف، وعجز المجتمع الدولي عن التحرك الفاعل، وجبن الأنظمة العربية وتخاذلها، وربما صمتها وقبولها، أن يزرعا الفتنة بين الشعب والمقاومة، وأن يدفعا الشعب الحاضن للمقاومة للانفضاض عنها والتخلي عنها، ورفع الصوت ضدها وشجب عملها، أو أن يدفعا المقاومة أمام معاناة الشعب وحمايةً له من المزيد من القتل إلى رفع الراية البيضاء والاستسلام، وإلقاء السلاح والخضوع لشروط الاحتلال، وتسليم الأسرى والإفراج عنهم دون قيدٍ أو شرطٍ، وإلا فإن الحرب ستطول، والمعركة ستستمر، وستبقى رحى القتل دائرة وآلة التدمير ماضية.
 
ذاك ما يريدان وهو ما إليه يهدفان، لكن الشعب العالم بمؤامرتهما، والعارف بمخططاتهما، ثابتٌ على أرضه، وصابرٌ مع مقاومته، مقاتلٌ معها ومضحٍ في سبيلها، وراضٍ عنها ومحبٌ لها، وواثقٌ بها ومطمئنٌ إليها، وعاضٌ على جرحه ومحتسبٌ ألمه، وباقٍ مع شبابه معها، يدفع إليها بزهرة أبنائه وخير رجاله، وسيبطل بإذن الله كيدهما، وسيرده إلى نحرهما، وسيثبت لهما أنه بدمه عليهما سينتصر، وبصبره على عدوانهما سيغلب.

 

 

 

****

 

 

 *مختصرات صحيفة | الفيصل | باريس لمختارات من منشورات الأشهر الأخيرة ـ 2023
* 2023
Aperçu de dernières publications du journal « elfaycal.com » Paris , en ces derniers mois. 2023

https://youtu.be/dn8CF2Qd_eo
Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://youtu.be/zINuvMAPlbQ
https://youtu.be/dT4j8KRYk7Q

https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

آخر تعديل على الأحد, 05 تشرين2/نوفمبر 2023

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :