wrapper

الجمعة 03 ماي 2024

مختصرات :

 ـ بقلم: د. أحمد القيسي | لندن 

 

سعت الجهود الرامية الحثيثة إلى بيان كيف مكنت أدوات القوة الناعمة الولايات المتحدة الأمريكية من تحقيق استراتيجيتها لإحداث تغييرات بنيوية في بعض مفاصل النظام العربي ، و تحليل وتقييم الآثار المترتبة للقوة الناعمة في إطار العمل الاستراتيجي المنظم لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة العربية . واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي في الإجابة عن تساؤلاتها التالية : كيف وظفت الولايات المتحدة الأمريكية عناصر قوتها الناعمة لتنفيذ أهداف سياستها الخارجية في المنطقة العربية ؟ و الآثار المترتبة على توظيف الولايات المتحدة لقوتها الناعمة ؟


و توصلت الدراسة الى نتائج من أهمها أن القوة الناعمة ، رغم مغريات شعاراتها وجاذبية أدواتها ، فإن نتائجها لا تقل خطورة عن النتائج المترتبة على استخدام القوة العسكرية وأدوات الضغط الإقتصادية . وإذا كانت الغاية من القوة الناعمة تغيير الأنظمة السياسية وابدالها بنماذج جديدة ، فإن عملية التغيير هذه أكدت جملة معطيات منها ، فشل مشروع بناء الدولة الوطنية والتي  أصبح البديل عنها الدولة الإقصائية التي أكدت بدورها ايضا مسار التفكيك ، أي  تفكيك الدولة وإذا كانت القوة الناعمة وإعادة بنائها وفق معايير جديدة تحكمت فيها الولاءات الطائفية والعرقية . 
حملت معها ، بقصد أو بدون قصد ، إستراتيجية تفكيك الدولة ، فإنها لم تكن بمنأى عن تحمل مسؤولية تفتيت المنطقة العربية ، في الشعارات المطالبة بضرورة الصالح وتطبيق الديمقراطية ، والتأكيد على الحرية وحماية حقوق الإنسان ، ورغم أهميتها ، إلا أنها ، وبفعل عوامل عدة ، مثلت واحدة من الأدوات التي أسهمت في عملية التفتيت . ولكل ما تشهده بعض الدول العربية ، هو خير دليل على ذلك . وأن الاستراتيجية الامريكية ، ومن خلال توظيفها أدوات القوة الناعمة ، لم تكن قد توافقت ، مع إستراتيجية الكيان الصهيوني ، الذي كان يسعى وما يزال الى إضعاف الدول العربية بتجسيدها الجغرافي ، سواء كانت دول الطوق العربية ، ودول العمق العربي ،  أنجزت حالة التفتيت على صعيد الدولة الوطنية ، كما عملت على تفكيك مفاصل  النظام الإقليمي العربي الذي كان يمثل هاجساً أمنيا مقلقا ًفي حال توحد عناصره وفي ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة فإنها توصي بما يلي :

 ١- العمل على زيادة الوعي الوطني في كيفية التعامل مع موجات العولمة بمختلف تصنيفاتها الثقافية والعلمية  العالمية والسياسية .

٢- العمل على معالجة مظاهر الخلل في البنية الداخلية للدولة من خلال التعرض  المجتمعية كالبطالة ، والفقر، الأوضاع الصحية ، التعليم ومكافحة الأمية ، والانتخابات التشريعية والتداول السلمي للسلطة وإصلاح القضاء  والتاكيد على أن تكون هوية الدولة هي الهوية الجامعة لكل أبناء المجتمع بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم لتحقيق الإندماج  الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والثقافي .

دور الـقـوة الـناعـمة فى تدعيم مكانة الدولة  عالميا ؟!
مازالت الآليات والوسائل القديمة والأدوات التقليدية مثل القوة العسكرية ودبلوماسية القوة ودبلوماسية الصراع ( فعالة ومحل استخدام من قبل الدول والحكومات في ظل هذا العالم المعقد والمتشابك يبزغ التساؤل حول كيف تحقق الدول الصغرى مصالحها الوطنية من جانب ، وكيف تنجح في التأثير على التفاعلات الإقليمية وتوسيع  نفوذها  الخارجي  ومنافسة  الدول الأكبر والأقوى منها على المستوى  الإقليمي ، دون تعريض أمنها واستقرارها القومي للخطر من جانب آخر ، وقبل كل ذلك من دون التخلي عن قيمها ومبادئها الوطنية .. إن الإشكالية التي تتعارض مع منطق السياسة الواقعية السائد في مجال التحليل السياسي للعلاقات الدولية من أهم الآليات والوسائل التي ساهمت في تعزيز وتقوية المكانة الدولية المتميزة التي باتت تتمتع بها دول مثل دولة الإمارات العربية المتحدة في المجتمع الدولي ما يسمى بدبلوماسية القوة الناعمة ، حيث نجحت في خلق نموذج للتعايش للعديد من الثقافات المتواجدة على أرضها ، بروح من المحبة والوئام والتفاهم .
هناك أسئلة ومناقشات من جراء بحوث ودراسات خصت أثر الحرب الناعمة أو القوة الناعمة على المجتمع العربي وخاصة دول الخليج العربي ومنها الإمارات انموذجاً من ومن هذه الأسئلة والطروحات التي طغت عليها هذه التساؤلات الدراسية منها :
 منها أن هذه الأسئلة تحاول هذه  تقديم أجوبة عليها فيما يتعلق بالقوة الناعمة الإماراتية ،وتشمل : 
ما هي مصادر القوة الإماراتية بوجه عام ؟
 ما هي مصادر وأشكال القوة الناعمة الإماراتية ، والخليجية بشكل عام ؟ 
كيف ساهمت القوة الناعمة الإماراتية في تعزيز القوة والنفوذ الإماراتي الخارجي ؟
وعلى الرغم من أهمية هذه الدراسة وعلى الرغم من شعبية مفهوم القوة الناعمة كمفهوم نظري بصورة عامة ، والقوة الإماراتية الناعمة على المستوى العملي ، إلا أن كلتا الظاهرتين لم يتم دراستها من قبل الباحثين العرب بصورة كافية ! حيث لوحظ من خلال إجراء مسح سريع للأدبيات العربية التي تناولت الظاهرتين  وتحديداً القوة الناعمة الإماراتية وجود نقص كبير في المكتبة العربية بهذا الخصوص حولها . ولذلك تتصدى الدراسة لبحث وتفكيك هذه الظاهرة ، وتعتبر بذلك واحدة من الدراسات القليلة التي تتناولها , كما أنها تقدم جديداً في التحليل الإمبيريقي لما يسمى بالدبلوماسية الثقافية وتأثيرها ودورها في تعزيز وتوسيع القوة والنفوذ الخارجي للدول والتطبيق على الدول العربية . 
تنطلق هذه الدراسة من فرضية رئيسية هي أن تزايد النفوذ الخارجي الإماراتي يرتبط
بالأساس بقوتها الناعمة ، أي أن هناك بالتالى علاقة طردية بين هذين المتغيرين .
وتقسمة هذه الدراسة إلى :
 أربعة أجزاء . الجزء الأول : يناقش بصورة منهجية ماهية القوة في العلاقات الدولية من منظور واقعي .
 أما الجزء الثاني يستعرض ويناقش بصورة نقدية مفهوم القوة الناعمة في العلاقات الدولية ، وماهية مصادرها ومقوماتها , وكيف تقوم الدول بتوظيفها لتحقيق مصالحها القومية . 
الجزء الثالث يرصد مظاهر الصعود الإماراتي والخليجي بوجه عام وماهية مقوماته ، وأبعاده ، وأهدافه . 
 الجزء الرابع يركز على تحليل كيف استفادت ووظفت دولة دولة الإمارات هذه القوة لتوسيع وتعزيز قوتها ونفوذها الإقليمي ، وذلك عبر تشريح وتفكيك الدبلوماسية الثقافية الإماراتية، من خلال منهج تكاملي يؤمن بأن قوة دولة الإمارات العربية المتحدة تجد دعائمها وسندها الأول من قوة دول مجموعة »مجلس التعاون لدول الخليج العربية المعروفة بإسم دول مجلس التعاون كون الإمارات تعد جزءاً لا يتجزأ من دول الخليج العربية بصورة خاصة ، ومن محيطها العربي بصورة عامة . بمعنى أن قوة الإمارات من قوة دول مجلس التعاون ، والعكس بالعكس .
أولا : القوة في العلاقات الدولية والجدل  
    المفهوم النظري   
القوة مفهوم أساسي في علم السياسة ، يماثل مفهوم المال في الاقتصاد ، ومفهوم الطاقة أو الحركة في الفيزياء . وهي مفهوم واقعي بالأساس جعله رجال دولة وعسكريون ودبلوماسيون مثل نيقولا ميكافيللي ، ونابليون بونابرت ، و الإسكندر هاملتون وبنجامين فرانكلين ، وونستون تشرشل ، و كارل فون كلاوفيتز ، وهيلموت فون مولتكه ، أوتو فون بسمارك ، و كليمنس فون مترنيخ ، ومفكرون واقعيون مثل ثوسيديديس، وتوماس هوبز ، وجاك جان روسو ، وفريدريك نيتشه ،و إدوارد كار ، وسي رايت ميلز ، و هانز مورجانثو ، كينيث والتز و جون ميرشيامر وغيرهم ، جوهر لدراسة حقل العلاقات الدولية ، التي نظروا لها على أنها ساحة ومسرح للصراع الأبدي بين الدول من أجل تحقيق أكبر حيز ممكن منها ، لفرض السيطرة والتحكم في بقية الدول الضعيفة لخدمة وتحقيق المصالح الوطنية للدول .
في حين يتفق علماء السياسة حول أهمية القوة ، إلا أنهم يختلفون حول كيفية فهمها  و تعريفها وقياسها لعوامل نجاح سياسة القوة الذكية في الولايات المتحدة الأمريكية ؟! 
إن استعادة مكانة الولايات المتحدة عالمياً يرى كل من ناي أرميتاج في مقال نشر لهما
بصحيفة " واشنطن بوست "  Post Washington" "في التاسع من ديسمبر 4007 والمعنونة بـ "قف عن الجنون ، أمريكا ، أصبحت ذكية "Smart Get .America . Mad Getting Stop" فأن عليها التركيز على خمس أشياء أساسية  هي ،:
 إعادة تقوية التحالفات والشراكات والمنظمات التي تتيح لواشنطن مواجهة مصادر الخطر المتعددة ، وعدم الحاجة إلى بناء تحالف جديد عند مواجهة كل تحدي جديد .
 أن يكون هناك إهتمام على مستوى الإدارات الأمريكية بالتنمية على المستوى الدولي ، مما يساعد واشنطن على تطوير برامج المساعدات ، بحيث تكون أكثر تكاملا وتوحدا ً، والذي يربط المصالح الأمريكية مع تطلعات الأفراد في كافة أنحاء العالم ، والتي تبدأ ب
الإهتمام بالصحة العالمية وإنشاء مؤسسات التي تسعى إلى الربح في الخارج ؛
 إعادة إستثمار الدبلوماسية الشعبية ، لخلق روابط بين الأفراد ، والتي تتضمن مضاعفة الاعتماد السنوي لبرنامج "فولبرايت ""Program Fulbright"، الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز التفاهم والتبادل العلمي والثقافي بين شعبها وشعوب دول العالم .
 الارتباط بالاقتصاد العالمي بالتفاوض حول مناطق التجارة الحرة مع دول منظمة التجارة العالمية الراغبة في التحرك تجاه تحرير التجارة ، استنادا إلى القاعدة الدولية ، وتوسيع مناطق التجارة الحرة لتشمل الدول التي لم تحلق بركب العولمة .  
القوى الناعمة .. سلاح القرن دفاعاً وهجوماً ؟!

 

القوة الناعمة مفهوم صاغه جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع ؛ إذ قال جوزيف إنه مع القوة الناعمة "أفضل الدعايات ليست دعاية ، موضحا أنه وفى عصر المعلومات ، تعد "المصداقية أندر الموارد".. كما تعنى القوة الناعمة أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق ، ومن خلال الدعم فى مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن ، ما يؤدى بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به ثم اتباع مصادره .
فقد صدر في العاصمة البريطانية لندن في فبراير الماضى مؤشر القوة الناعمة العالمى لعام 2023 ، حيث تم إعلان نتائج التقرير الدولى الذى تعده مؤسسة "براند فاينانس" بالتعاون مع جامعة أكسفورد ، وهي مؤسسة تعمل فى مجال تقديم الاستشارات وتقييم العلامات التجارية لمختلف دول العالم ، ومقرها فى لندن وتوجد بأكثر من 20 دولة ، ويحضر القمة العالمية للقوة الناعمة التى تقام سنويا عدد كبير من الصفوة المختارة من المسئولين الدوليين والحكوميين والدبلوماسيين والإعلاميين والمختصين فى قطاعات الأعمال والاقتصاد والثقافة والعمل الدبلوماسى بما لا يقل عن 500 مدعو . وتقوم المؤسسة منذ 20 عاما بتقييم ما لا يقل عن أكبر 5000 آلاف شركة ومؤسسة وهيئة فى العالم لإقرار مؤشر الدول الأكثر تأثيراً عن طريق القوى الناعمة خاصتها ، وتعلن فى صدر صفحتها الرئيسية على الإنترنت أنه "كلما كانت القوة الناعمة للأمة أقوى ، زادت قدرتها على جذب الاستثمار وتسويق منتجاتها وخدماتها ، وأن القوة الناعمة تعنى قدرة الدولة على التأثير فى مختلف الفاعلين الدوليين (الدول – الشركات – المجتمعات – الأشخاص) من خلال الجذب والإقناع بدلاً من اللجوء للإكراه وأدوات القوة التقليدية .
وتتناول منصاتها الإعلامية مناقشات على مدار الساعة تتنوع في موضوعاتها ذات الصلة ، فتجد مثلاً نقاشات حول "دور الاستدامة فى تطور القوة الناعمة ، ودور الرياضة في تطور القوة الناعمة ، وما إلى ذلك، بالشكل الذي يوحي لك بأن هذا الموقع هو الأب الروحى لكل صانعي القوى الناعمة فى العالم . ويتم تقييم الدول المشمولة بالتقرير السنوى ، الحائز على اعتماد الأيزو العالمى ، وفق عشرة معايير رئيسية هى : التأثير العالمى الملحوظ للدولة ، وسمعة الدولة ، والمعرفة العامة بالدولة ، والأعمال والتجارة فيها ، والثقافة والتراث ، والتعليم والعلوم ، والحوكمة ، والعلاقات الدولية ، والإعلام والاتصال ، والشعوب والقيم وحظى عنصر التأثير العالمى بالحصة الكبرى فى تقييم كل دولة بواقع 30% من إجمالى القوة الناعمة ، فيما نال معيارا سمعة الدولة والمعرفة العامة بها نسبة 10% من التقييم لكل منهما ، وتوزعت الـ 50 % الأخرى على باقى المعايير وقد حلت دولة الإمارات فى المركز الأول عربياً والعاشر عالمياً فى معياري التأثير العالمى والعلاقات الدولية من وجهة نظر جمهور مُؤلَّف من 55 ألف شخص شاركوا فى دراسات إعداد التقرير العالمى لمؤشر القوة الناعمة 2023 الصادر فى الآونة الأخيرة خلال أعمال القمة العالمية للقوة الناعمة . كما حلت السعودية فى المرتبة الـ 19، وتركيا فى المرتبة الـ 23، وقطر فى المرتبة الـ 24، وإسرائيل فى المرتبة الـ27 ، والبرازيل فى المرتبة الـ31 ،والكويت في المرتبة الـ35 ، ومصر فى المرتبة الـ38 والخامسة عربياً ، ولبنان فى المرتبة الـ 46 وهو الأمر الذى يؤكد أن القوة الناعمة ليست بالضرورة قوة أخلاقية ، فهي مفهوم يعتريه الكثير من المراوغة ، بل هى قوة إيديولوجية ما سواء خير أو شر أو ما بينهما من اللون الرمادى . وقد صرحت مؤسسة براند فاينانس أن القاهرة تقدمت 14 مركزا في مؤشر جودة التعليم الصادر عن دراسة 78 مؤسسة تعليمية وبحثية مصرية ، كما تقدمت مصر 38 مركزا فى مؤشر الدول الأكثر أمانا ، ولاسيما بعد اختيار القاهرة مقرا لمنظمة منتدى غاز شرق المتوسط ، كما حصلت مصر للعالم الثالث على التوالى على جائزة الدولة ذات التراث الأكثر ثراء فى العالم ، حسب تقييم المؤشر خلال أعوام 2020 و2021  و2022  .
كما أشار التقرير إلى احتلال مصر المرتبة الأولى عربياً وإفريقياً من حيث عدد الجامعات المدرجة بتصنيف تايمز البريطانى ، بإدراجها 23 جامعة إضافية خلال الـ 8 سنوات الأخيرة ، حيث تم إدراج 26 جامعة بالتصنيف عام 2023 ، مقابل 3 جامعات عام  2016. 
وهو الأمر الذى يجعلنا فى حيز من المشاعر المتضاربة بين فرحة الوصول إلى مراكز متقدمة مقارنة بالأعوام الماضية بعد فترة تعثر طويلة ، ومكانتها التى تستحقها عربياً بل دولياً بالنظر إلى كل المقومات التي تمتلكها على كل الأصعدة الثقافية والحضارية والتاريخية والفنية ، ولا يحسن أستغلالها أو تسويقها .
إلا أن تلك الأدوات كقوة ناعمة ما تزال فى إطار كونها أدوات منفردة ضمن عشرات الأدوات الأخرى التى يمكنها أن تتقدم مشهد القوى الناعمة المصرية إزاء كل الأزمات التى تتعرض لها بين الحين والآخر، بل يمكن الجزم بالقول إنها يمكنها أن تكون وسائل هجوم مبكر لا فقط وسائل دفاع ، وأداة غاية فى الأهمية لتسويق الذات للآخر بمنتج قوى يستحق الخروج للنور والتحليق فى السماء الفسيحة لقوى التأثيرات .
فمصر وبدون أدنى شبهة مبالغة تمتلك كل المقومات التى تؤهلها لاعتلاء منصة مصاف الدول ذات التأثير الدولى ، بعناصر قوتها وبأختلاف أنشطتها ، على جميع المستويات الطبية والبحثية والرياضية والفنية والحضارية والتراثية والسياحية والدينية .. وهو ما يمكن تنظيمه وصياغته في إطار استراتيجي وفق خطة للدولة تتبناها فى إطار ما يُعرف فى علوم الإدارة الحديثة بإسم العلامة التجارية للدولة Branding أو الصورة الذهنية المأخوذة عنها Stereotype ، تماما كما يتبادر إلى ذهنك صورة ناطحات السماء حينما يذكر اسم مدينة دبى ، أو الماكينات أو السيارات حينما يذكر اسم ألمانيا ، أو النظام والنظافة حينما يذكر اسم اليابان .
الفرص لا تنتهى بمقومات دولة بحجم وقدر وقيمة مصر ت، والعالم متعطش للتفرد والتميز والأفكار المبتكرة وهى صفات لصيقة بطبيعة الدولة المصرية ، وبشكل خاص فى العصر الحالى الذى تتحول فيه كل مفردات المجتمع إلى خاصية التحول الرقمى ورقمنة كل الخدمات الحكومية المقدمة من ناحية ، وإحداث طفرات على مستوى كل الصناعات من ناحية ثانية ، والوصول بمستوى المنتج الفني والرياضي والسياحي إلى العالمية ، ولا سيما مع وجود فرص ذهبية كقرب نقل الحكومة والعاملين بها إلى العاصمة الإدارية الجديدة ، وإعلان قرب افتتاح المتحف المصرى الكبير، وترشح الدكتور/ خالد عنانى- وزير السياحة والآثار السابق ، لمنصب أمين عام منظمة اليونسكو .
وهي أمور تجعل الطريق ممهداً أمام الدولة المصرية القفز بخطوات لمكانة متقدمة في مؤشر القوى الناعمة وغيره ، حيث لا يمكن أيضا الاعتماد عليه أو الارتكان إليه بوصفه نموذجا يعكس بكامل موضوعية أو شفافية قدر الدول أو حجم تأثيرها ، فهو فى نهاية المطاف يقوم بتقييم أداء شركات ومؤسسات وحجم تأثيرها وفق تقييمات خبراء ومتخصصين قد لا يمكن التعويل على مصداقيتها بشكل كبير، ولكن يظل الهدف والغاية قائمين من باب إحقاق الحقوق وإثبات قدر الدولة بإمكاناتها المتعددة 

 

تعدد حدود مفهوم القوة الناعمة، فقد عرفها جوزيف ناي بأنها "القدرة التي من خلالها يتم الحصول على النتائج التي يريدها المرء ، بمعنى أنها قدرة طرف ما على التأثير والجذب تجاه الطرف الآخر دون استخدام أي شكل من أشكال العنف ، ومن أجل الحصول على الأهداف أو النتائج التي يسعى لتحقيقها أحد الأطراف ، فقد جاءت بعض التعريفات الأكثر شمولية لمفهوم القوة الناعمة ، نتيجة التغير الذي حصل في الجوانب السياسية ، والاقتصادية ، والثقافية ، ودخول عامل التكنولوجيا بشكل واسع ضمن الخطة الإستراتيجية الشاملة للولايات المتحدة ؛ مما دعا إلى إعادة النظر في ذلك المفهوم ، حيثُ عُرّفت القوة الناعمة بأنها "القدرة على الحصول على ما تريد من طريق الجذب والإقناع والتعاون بدلاً من الإرغام واستخدام القوة المسلحة ، او العقوبات الاقتصادية وسواها من أشكال الإكراه" .
لقد أفرزت التطورات السياسية التي شهدتها البيئة الدولية حقيقةً مفادُها ، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تكون فاعلةً ومستمرة بالسيطرة والنفوذ على أنساق النظام الدولي عبر القوة العسكرية فقط ، إذ إنها لم تنتقل من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة إلا نتيجة تحولات اشترطت عليها إعادة النظر باستراتيجية القوة التي وظفتها ، لذلك سعت هذه الدولة العظمى إلى تعظيم دور القوة الناعمة في تعزيز القدرات الاستراتيجية لها ودعمها ، وأن هذا التعظيم للقدرات ليس وليد اللحظة وإنما نتيجة تراكم مؤشرات الدور العالمي الذي تضطلع به الولايات المتحدة ، فضلاً عن المقومات التي تمتلكها من ثقافةٍ وقيم سياسية وسياسة خارجية ، مما مكنها من أداء هذا الدور الفعال والشامل . إن توظيف القوة الناعمة في الإستراتيجية الأمريكية لم يكن وليد اللحظة كما أشرنا ، وإنما كان له توظيف في حقب مختلفة ، ابتداءً من الحرب الباردة وما لعبته الاستراتيجية الأمريكية تجاه الإتحاد السوفياتي عبر إستخدام القوة الناعمة المستندة إلى وسائل الإعلام وأدوات الدبلوماسية العامة ، فضلًا عن المراتب العليا التي احتلتها في مجال التعليم والإنترنت والحاسوب وقبول المهاجرين والعمالة ، "هذا كله ساعدها على أن تؤثر في الآخرين وتعظم من إمكانياتها على المستوى الدولي وتكون قادرة على تحقيق أهدافها دون اللجوء إلى الإكراه" .
      بعد إنتهاء الحرب الباردة بدأت الولايات المتحدة مرحلة جديدة من مراحل إدارة النظام الدولي المستند إلى نظام القطب الواحد ، وبعد ولاية الرئيس بوش الإبن الثانية التي دعت بلاده إلى أن تغير من سياساتها التي ساهمت في نفور الكثير من المؤيدين بدلاً من جذبهم كما صرح به أغلب صناع القرار هناك ، لذا اتجهت الولايات المتحدة إلى العمل الجاد في كيفية امتلاك رؤية جديدة لتوظيف القوة الناعمة من أجل تعويض الخسائر في المرحلة السابقة ، فضلاً عن "الإخفاقات التي أصابت سياساتها خلال ولاية بوش الابن الثانية ، لذلك شددت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كونداليزا رايس على التواصل ، وأطلقت شعاراً جديداً يدعى بـ (المثالية العالمية) الذي كان يهدف إلى إشراك الاخرين بشكل فعال ، والإصغاء إليهم وعدم التراجع عن الأهداف المثالية". ثم سعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك إلى استمرار توظيف القوة الناعمة أثناء حكم الرئيس الحالي باراك أوباما ، والابتعاد عن منطق القوة العسكرية واستخدامها ، وهذا ما أكده أوباما خلال خطابه الذي ألقاه حين تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في العاشر من يناير – كانون الثاني عام 2009 ، وعمل على تطبيق سياسة القوة الناعمة على أرض الواقع من خلال تعزيز حكمه ، ودعم التبادل العلمي وتشجيعه والتعاون في مجال الأبحاث ، والسعي عبر تحقيق الأمن الغذائي ، وأمن الطاقة ، والمساعدات الإنسانية ، فضلاً عن اتخاذ خيار الحوار مع النظام الإيراني ، والتراجع عن ضرب سوريا ، والدفع نحو الحوار لحل الأزمة .
بعد مرحلة 11 أيلول 2001 "نجحت الإدارة الأمريكية عبر منظريها - الذين كان أغلبهم من المحافظين الجدد - في إستثمار هذه الفرصة وتوظيفها في خدمة أهدافها الاستراتيجية بدلاً من أن تكون عائقاً أمامها كما تصور البعض"، وأن الأحداث التي رافقت مرحلة ما بعد عام 2001 وفرت المناخ المناسب عبر التدخل عن طريق مبررات عديدة في منطقة الشرق الأوسط ، كان من بين تلك المبررات مكافحة الإرهاب ، والقضاء على القاعدة ، وغيرها من المسميات التي ظهرت للساحة الدولية آنذاك ، حينما تولت إدارة الرئيس باراك أوباما الحكم بأسلوب مغاير لما كانت عليه إدارة الرئيس بوش الابن ، فقد انتهجت أسلوباً إستراتيجياً من ناحية تطبيق القوة الذكية (Smart Power) التي كانت بمنزلة عامل مساعد لتطبيق القوة الناعمة تجاه الشرق الأوسط ، فكان من بين الأهداف الرئيسة للقوة الذكية هي :
تحقيق الانتعاش الاقتصادي عن طريق خطة إقتصادية تشمل حزمة حوافز لمواجهة الأزمة المالية والركود الإقتصادي الذي أصاب الإقتصاد الأمريكي ، بعد أن استطاع الرئيس أوباما إقناع الكونغرس بالموافقة على خطة إنقاذ للأزمة المالية التي تبلغ كلفتها (825) مليار دولار.
تأمين مصادر الطاقة ، حيثُ أشار تقرير أعدّهُ مجلس الإستخبارات الوطنية الأمريكية عام 2010 إلى أن السنوات الخمس عشرة المقبلة ستشهد صراعاً محتدماً على الطاقة ، نظراً لتغيير موازين القوى العالمية واعتماد الكثير من الدول في صعودها على القوة الإقتصادية .
مواجهة القوى والتكتلات الإقتصادية الكبرى من خلال توظيف الهيمنة الرضائية في السياسة الخارجية الأمريكية التي من خلالها يمكن إطالة أمد السيطرة الأمريكية إلى مدى أبعد .
إنهاء عسكرة السياسة الخارجية وإعادة الإعتبار للقوة الناعمة ، وهذا ما صرح به وزير الدفاع السابق روبرت غيس الذي دعا إلى تكريس المزيد من المال والجهد لتنمية القوة الناعمة ، وقد أشار أيضاً إلى أن المؤسسة العسكرية وعلى الرغم من أنها تتمتع بقدرة هائلة فيما يتعلق بالقوة العسكرية إلا أن الركون إلى وزارة الدفاع بحجة قدرتها على تحقيق الأهداف لابد من أن يشوه صورة السياسة الخارجية الأمريكية .
إدامة التفوق العسكري الأمريكي ، إذ اتجهت الإدارة الأمريكية نحو إدامة تفوق القوات المسلحة ، وتطوير خبراتها ، وإعادة بعض التعديلات على تشكيلاتها ، وحجمها ، وتسليحها بغية التقليل من الإنفاق عن طريق بناء جيش ذكي وصغير الحجم يعتمد على الجانب التكنولوجي والبرامج المتطورة ، وهذا من شأنه أن يخلق بيئة عسكرية ملائمة لإداء المؤسسة العسكرية التي من شأنها الحفاظ على الأمن القومي .
أميركا والقوة الذكية تجاه الشرق الأوسط ( نماذج مختارة ) :
إيران
أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال حملته الإنتخابية وبعد وصوله إلى الرئاسة عن إعتماد مقاربة جديدة تجاه الملف النووي الإيراني تقوم على تأخير الخيار العسكري ، وتقديم سياسة التفاوضات المباشرة للتعامل مع الأزمة ، ويكون ذلك في إطار إستراتيجية جديدة تبناها كأسلوب جديد لإدارة الملفات العالقة . جاءت رغبة إدارة الرئيس أوباما في توظيف القوة الناعمة تجاه إيران ، نتيجة قراءة واقعية بعدم فعالية إستخدام القوة الصلبة ، فضلاً عن حسابات إقليمية واضحة مفادها أن اللجوء إلى الخيار العسكري ليس مجدياً ، نظراً إلى تدني مؤشرات النجاح عند استخدام هذا الخيار، فضلاً عن أن توجيه ضربة عسكرية وقائية إلى المنشآت النووية لن تقدم سوى تأخير البرنامج النووي لسنوات أطول ، وبالتالي جعل القوات الأمريكية في أفغانستان والخليج العربي والعراق وجميع المصالح الأمريكية في المنطقة عرضة للخطر وأهداف انتقامية إيرانية .
لذلك عرض الرئيس باراك أوباما الدبلوماسية الذكية للتعامل مع الملف النووي الإيراني، وذلك عن طريق إجراء المفاوضات المباشرة من أجل التوصل إلى إتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي ، وهذا ما تم بالفعل بعد مفاوضات استمرت 18 شهراً وتم عقد الأتفاق في 15-7-2015 في ڤيينا ، وبموازاة ذلك فقد أظهرت الولايات المتحدة إمكانية فرض عقوبات على إيران في حال فشل الاتفاق ، إشارة إلى عدم استبعاد الخيار العسكري ، لكن في آخر المطاف أبدى الطرفان من خلال المفاوضات سعياً جاداً لإنجاحها من طريق الرأي العام العالمي ، فضلاً عن توجيه الخطابات فيما بينهم ، وتذليل العقبات من أجل سير المفاوضات وتحقيق الأهداف المنشودة للطرفين .
تونس
اختارت الولايات المتحدة الأمريكية التعامل مع الثورة التونسية عبر ثلاث مراحل :
اتسمت المرحلة الأولى لها تجاه الثورة التونسية بممارسة التعتيم الإعلامي على أحداث الثورة على الرغم من سلمية مظاهرها وتوافق مطالبها مع ما تنادي به الولايات المتحدة من تعزيز للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان . أما المرحلة الثانية فتزامنت مع فشل الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في إجراء الإصلاحات وقيامه بإنزال الجيش إلى الشارع وقمع المظاهرات ، فبدأت الإدارة الأمريكية تطلق تصريحات مفادها أنها تحترم إرادة الشعب التونسي ، أما المرحلة الثالثة فجاء خلاها إعلان الولايات المتحدة الأمريكية وقوفها إلى جانب الشعب التونسي ودعمهِ لتمكينه من بناء نظام سياسي ديمقراطي قائم على أساس حرية التعبير والمشاركة السياسية وحقوق الإنسان .
مصر
سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية في مصر المتمثلة بـ (حق مرور القوات البحرية الامريكية إلى قناة السويس ، واستمرار اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل ، وتعاون مصر مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب) ، وعليه فقد وظفت الإدارة الأمريكية الأداة الدبلوماسية تجاه التغيير في مصر، حيثُ صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن النظام المصري مستقر، ولديه فرصة للاستجابة إلى مطالب الجماهير، وشجعت الحوار بين الحكومة والمعارضة بهدف التوصل إلى اتفاق وتسوية سياسية ، لكن سرعان ما اتسعت الاحتجاجات وتطورت المجريات على الساحة السياسية ، فبدأت الولايات المتحدة بتغيير وجهة نظرها حيال التظاهرات مطالبة بانتقال سلمي للسلطة إلى عمر سليمان (نائب الرئيس) ولكنها أدركت أن هذا الخيار مرفوض من قبل المحتجين ، فقررت البحث عن بديل آخر يشكل ضمانة للمصالح الأمريكية لذلك بدأت بإجراء اتصالات مكثفة مع المعارضة المصرية ولاسيما (الإخوان المسلمين) بهدف تأمين مصالحها لمرحلة ما بعد حسني مبارك .
كان الاتفاق الأمريكي الضمني مع قيادات الإخوان المسلمين يقضي "بأن تؤمن الولايات المتحدة وحُلفاؤها الدعم السياسي والاقتصادي للأنظمة الإسلامية الجديدة بهدف تمكينهم داخلياً، مقابل الحفاظ على اتفاقيات السلام مع إسرائيل واحتواء المتشددين"، وقد ارتكزت إدارة الرئيس أوباما إلى رؤية براغماتية تقوم على تطوير علاقات قوية مع القوى الإسلامية في معظم بلدان ما يسمى بالـ (الربيع العربي) .
ليبيا
تبنت الإدارة الأمريكية خيار رحيل الرئيس الليبي معمر القذافي ، وتأتي هذه الرغبة من أجل السيطرة على النفط والغاز الليبي ، لتأمين مصادر الطاقة إلى أوروبا ، الأمر الذي سينعكس على تماسك حلف الناتو وتفعيل مهامه الإستراتيجية مستقبلاً ، فضلاً عن أنه سيؤدي إلى قطع الطريق أمام القوى المنافسة في هذه المنطقة ، ولاسيما الصين التي سمح لها القذافي بدخول شركاتها إلى قارة إفريقيا من خلال البوابة الليبية ، حينما نجحت الصين بالحصول على استثمارات هائلة للطاقة في مدينة بنغازي حيث يقدر عدد العاملين في قطاع الطاقة الليبية 30 الف صيني ، فدخول الولايات المتحدة تجعلها اقل قدرة على منافستها في ظل عالم يتسم بالتحول.
      قررت الولايات المتحدة اعتماد إستراتيجية القوة الذكية لإضعاف قدرات النظام الليبي وذلك عن طريق اعتماد أربع آليات :
توظيف وسائل القوة الناعمة الأمريكية لتدريب الناشطين الليبيين وتمويلهم .
شن حملة دبلوماسية لعزل نظام القذافي أو تطويقه إقليمياً ودولياً تمهيداً للإطاحة به .
توظيف تكتيك القيادة من الخلف .
تقديم المساعدات والحوافز لإعادة إعمار ليبيا .
سوريا
لقد أوضحت مجريات الأحداث بعد عام 2011 في سوريا بأن هناك أطرافاً دوليةً تقف على خط الصراع إلى جانب النظام السوري الحالي وهذه الأطراف تتمثل بـ (روسيا ، والصين ، وإيران ) وبخلفيات جيوستراتيجية عكستها تصريحات وزيري الدفاع الروسي والصيني ، وعليه " فإن إستقراء واقع الصراع في سوريا دفع الولايات المتحدة إلى استبدال الخيار العسكري المباشر لإسقاط نظام الأسد وذلك لعدة أسباب" :
وقوف كل من روسيا والصين إلى جانب النظام في سوريا واستخدامهما لحق النقض (الڤيتو) في مجلس الأمن ضد أي مشروع يُجيز التدخل العسكري الأمريكي في سوريا .
خشية صناع القرار في الولايات المتحدة من أنحراف المهمة أو السقوط في المستنقع السوري كما هو الحال في حرب العراق وأفغانستان .
السياسة المالية التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد وصول الرئيس باراك أوباما تعتمد على استراتيجية ذكية غير عسكرية تتلاءم مع قيود الأزمة المالية عام  2008.
وجود عوامل موضوعية تتمثل بانتماء الرئيس أوباما إلى الحزب الديمقراطي الذي يُرجح السياسة الداخلية على السياسة الخارجية ، ولا يُحبذ توظيف القوة العسكرية .
وبناءً على ذلك توصلت الولايات المتحدة مع حُلفائها إلى رؤية مشتركة ترتكز إلى عدم التدخل العسكري في سوريا ، لأنه مكلف وينطوي على تطورات وتبعات كبيره ، فعملت على ارهاق نظام الأسد واستنزافه إلى حين سقوطه ، وذلك عن طريق توظيف أدوات القوة الذكية التي هي كالاتي :
الدعوة إلى التحول السياسي : دعت الولايات المتحدة بشار الأسد إلى التنحي عن السلطة نزولاً عند رغبة الشعب ، وأعلنت أنها لن تفرض التحول في سوريا ، بل ستدعم الجهود الرامية إلى إقامة دولة ديمقراطية تتسع للسوريين جميعاً .
فرض العقوبات الاقتصادية .
شن حملة دبلوماسية لعزل سوريا إقليمياً ودولياً .
تسليح المعارضة السورية والتنظيمات المسلحة "المعتدلة" كما أسمتها ، وذلك على وفق مبدأ توزيع الأدوار.
توظيف تكتيك بالإنابة والاستعداد للمرحلة الانتقالية .
وعلى وفق ذلك فإن الولايات المتحدة حين توظيفها للقوة الذكية تجاه الشرق الأوسط ودول الوطن العربي كافة اخصت بها من تريد جر البساط من تحته ومنها سوريا فإنها تسعى إلى تحقيق أهداف أخرى غير معلنة ، فهي تعمل على استنزاف قدرات سوريا والقوى الداعمة لها ، وتفكيك الدولة السورية من خلال استراتيجية العداءات بين مكونات المجتمع السوري ، فضلاً عن تحويل سوريا إلى كيان هشٍ ودولةٍ ضعيفة تُسهم في عدم تحولها إلى مصدر تهديد لإسرائيل . ولا زال المخطط الأمريهودي يسير بكل سلاسة وإرادة لما تريده من سياسة القوة التاعمة أو الحرب الناعمة بك صورها  .

 

 

*****

 

 

 *مختصرات صحيفة | الفيصل | باريس لمختارات من منشورات الأشهر الأخيرة ـ أفريل 2023
* تتمنى لكم (الصحيفة) عيد فطر سعيد 2023
Aperçu de dernières publications du journal « elfayal.com » Paris , en ces derniers mois. Avril 2023

https://youtu.be/dn8CF2Qd_eo
Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://youtu.be/zINuvMAPlbQ
https://youtu.be/dT4j8KRYk7Q

https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :