wrapper

الجمعة 26 أبريل 2024

مختصرات :

الفيصل ـ نشرـ باريس:

إيمانا منها بأهمية الفكر و الإبداع الأصيل و المتميّز و الهادف البناء و الإختلافي في الرؤى لإثراء النقاش الثقافي الأدبي ككل، تواصل " الفيصل" بنفس النوايا و الإصرار لمد يد العون لكل من يفتقد إلى الصوت النزيه للتعريف بقدراته و ملكاته الإبداعية في مختلف الأجناس الأدبية العربيةو ها نحن نقدم بهذه التجربة في سبيل دفع متميزينا من الأدباء الذين غيبتهم من جهة ظروفهم الخاصة و من جهة أخرى سياسات التعتيم و الإبعاد و الإقصاء لخيرة أفراد المجتمع الذين يسكنهم هم واحد ، و هو الارتقاء بالمجتمع و تهذيبه و توعيته من خلال الإبداع و الفكر النيّر.

 

ـ انطلقت في السنة المنصرمة عملية تشجيع الأدباء و المبدعين العرب من كل قطر دون ميز أو حساسية في نشر تسلسلي لكل من يرغب لمخطوطات أعماله الروائية و القصصية و الشعرية، مصحوبا بغلاف من تصميم الفيصل بغية شد انتباه " دور النشر العربية" النزيهة التي تتأصّل و تتنصَّل متبرئة  من تلك الدور المشبوهة و الشبيهة بدكاكين " النشر للرداءة  و النصب و توزيع الاحتيال!". من مسلسل رواية " باب الشمس" للأديب المغربي " حسين الباز" إلى مسلسل "امرأة من الجنوب" للمبدع المصري " خالد الحديدي" جديرة بالقراءة و المتابعة من قبل القراء و المهتمين و كذلك المبدعين. ننشر حيثياتها في فصول (أجزاء)  تشجيعا للمبدع  " خالد الحديدي" ـ مصر ـ على ما يحاول من أفكار جديرة باحترام الجميع.ـ نتمني لكم قراءة ممتعة مع مسلسل مخطوط رواية "امرأة من الجنوب".

كل الحقوق محفوظة للفيصل و للمؤلف، و كل جهة تودّ استغلال هذا العمل الأدبي أو التقدم بعرض نشر لطبعه ورقيا أو إلكترونيا الاتصال بالصحيفة و بالمؤلف لمدارسة ذلك. 

الفيصل  ـ  باريس

****

رواية : "امرأة من الجنـــــ13 ــ 14ـــوب

بقلم: خالد الحديدي

ـ  الفصلان الأخيران :

اندفعت سيارة سامي قاصدا المقابر. كانت أضواء مصابيحها القوية تبدد العتمة، أوقف سامي السيارة عن كثب ونزل يشق المقابر الموحشة يبحث عن قبر والده سمع نشيج مكتوم ينبعث من قبة الشيخ صالح، أوجس خيفة لحظات ثم اندفع نحو باب القبة، وقف سامي يتأمل في دهشة المرأة الجالسة عند القبر "من هذه المرأة؟ " استطاع بعد برهة أن يعرفها "انها زينب أم خالد زين، صديق الطفولة. هل مات ولدها ايضًا؟ ". سمعت زينب الخطوات عند الباب والتفتت ورأت شبح سامي على ضوء القمر، تملكها رعب شديد واندفعت نحوه كالنمرة الشرسة فحاد عنها بصعوبة وخرجت لا تلوى على شيء وتلعنه وتنعته بأنه أحد رجال الأمن اللذين أخذوا ابنها وغاب صوتها بعيدًا، اقترب سامي من قبر والده، جلس

وقد اعتصره الألم، كان يشعر بالضياع وأن لا أحد يريده.

- أبي الحنون كم افتقدتك، لم يعد لي أحد في الدنيا، تخلى عني جميع الناس، بما فيهم أمي، أرجوك أن تغفر لي يا أبي كنت ابنًا عاقًا، لم أفهم حقيقتك، كنت يا أبي في القرية كالشمعة تضيء للناس وتحرق نفسك. ليتك لم تمت يا والدي، كنت غفرت لي بنفسك المتسامحة.

ظل سامي يندب حظه العاثر عند قبر أبيه في المقابر الموحشة ونعيق البوم يملأ المكان، ويزيد من كآبة سامي، نهض وخرج من القبة يشق المقابر في طريقه إلى السيارة. ركب السيارة واستدار بها نحو الصحراء وانطلق، توقف تفكيره تمامًا، "لم يعد يعرف من هو! وإلى اين يذهب، لم تكن هناك جدوى لبداية جديدة. ". مع ازدياد اضطراباته الداخلية. كانت سرعة السيارة تزداد. ظلت مصابيح السيارات القادمة في الاتجاه المقابل في هذا الطريق الوعر تلقي ظلالًا موحشة على وجه سامي المتكدر. انتهت كل المعادلات التي تحفزه على البقاء على قيد الحياة ولم يعد يذق طعمًا لها، فقط المرارة والسيارة منطلقة كالسهم. اراد انهاء حياته بيده أدار المقود بحدة، طارت السيارة في الهواء وهوت في الوادي السحيق

كانت هذه الليلة من أطول ليالي القرية، جاءت شيماء تحمل وليدها إلى قبر والدها، جلست تبكي داخل القبة وتطلب الغفران.

- اغفر لي يا أبي لو كنت أعرف أنك سترحل ما هربت، وبقيت معك لأودعك الوداع الأخير. ظلت شيماء جالسة عند القبر، اقترب رجل ممطيًا حمارًا من باب القبة، كان الحاج إبراهيم. نهضت شيماء وقد تملكها الفزع الشديد، تنظر إلى القادم الجديد.

- أنا إبراهيم يا بنتي، لا تخافي! سامحيني لقد اخطأت في حقك وفي حق المرحوم والدك! وجهت له نظرة احتقار وهرولت عائدة إلى القرية تحمل وليدها الذي أخذ يبكي بشدة. نزل الحاج إبراهيم من الحمار، دخل إلى القبة، ركع جوار القبر يندب حظه العاثر ويتمسح بشاهد القبر وقد خنقته العبرات.

- أعفو عني يا عدلي، كنت أنت الغني بنفسك العالية وكنت أنا الفقير بمالي القذر، إن لم تعفو عني فعلي لعنة الله والناس أجمعين! يرحمك الله ياعدلي لقد انتصرت على مرة أخرى

نهض الحاج إبراهيم ومسح الدموع التي فاضت من عينيه مدرارًا وخرج من القبة إلى الظلام الشاحب الذي يلف المكان بعد أن مال القمر إلى الأفول مؤذنًا بالساعات الأولى للفجر. كانت الرياح تعبث بأوراق أشجار والنخيل المتيبسة مصدرةً صوتًا كالفحيح، مضى الرجل يشق القبور على ظهر حماره وعند طرف المقابر خيل له انه سمع صوتًا مألوفًا يتردد في اذنيه " عفوت عنك. عفوت عنك " أطلق الرجل زفرة حارة وتمتم "اللهم أعشنا في سلام وامتنا في سلام وادخلنا دارك دار السلام"، ذهب بحماره إلى القرية التي كان يخيم عليها الصمت إلا من نباح الكلاب الذي كان يتداعى من بعيد.

الفصل الرابع عشر:

كان الماء ينساب رقراقًا. واشعة الشمس الذهبية، تعانق الماء معلنة حياة جديدة بدأت تدب في القرية وفي أوصلها تدريجيًا. كانت زينب تجلس عند حافة القناة عند مرسى المعدية تعب الماء عبا، وصلت المعدية إلى الشاطئ وبدأ القرويون يتدافعون للنزول إلى البر دافعين الدواب أمامهم. نزل شاب طويل القامة نحيف تبدو عليه آثار السفر والعناء، نظرت زينب من خلف الشجيرات إلى ذلك القادم الغريب، لم تكن تعرف انه خالد فلذة كبدها الذي فجعها فيه رجال الأمن، عاد خالد كأنه تقدم به العمر ألف عام، اخذ خالد يشق طرقات القرية المتربة. مر جوار منزل بشير الجزار، الذي كان يعمل معه صبي جزار أحيانًا في الماضي، هرعت الكلاب الشرسة لاستقبال صديقها القديم خالد، تعرفت الكلاب الوفية على اليد التي كانت تطعمها في الماضي، الكلاب التي لفظت أحمد ابن بشير وجعلته يترك البلدة نهائيًا، استقبلت خالد استقبال الأبطال. كان أشرف وكمال يقفان أمام منزلهما، لمحا خالد القادم عند نهاية الزقاق

- من القادم الجديد يا كمال؟

نظر كمال إلى الرجل القادم من بعيد تتراقص حوله الكلاب

-يا إلهي. انه خالد!

كان اللقاء بين الأصدقاء الثلاثة حافل بالشجن، الزمن الذي فرقهم بالأمس عاد يجمعهم الآن، تعالى صوت زهرة من داخل الدار، كانت تستفسر عن القادم الجديد، لم تسعها الفرحة عندما خرجت وواجهت خالد القادم من المجهول، كانت حرارة اللقاء شديدة، حتى انهم لم يفطنوا إلى زينب التي اقبلت تشق الطريق المترب في طريقها إلى المقابر غير آبهة بهم، التفت خالد إلى أمه في استغراب، أصبح شكلها مفزعا، تمزقت ملابسها واسود لونها وتساقط جل شعرها الطويل الجميل، تعرف خالد على أمه، القى حقيبته الصغيرة واندفع خلفها يناديها.

- أماه. أنا خالد! وقفت زينب بغتة وقد رن صوت ابنها في أذنها كالجرس عله أوقظ ذاكرتها النائمة، والتفتت تحدق فيه مليًا وهو يوسع الخطى نحوها، ثم انصرفت عنه تنوح "ولدي خالد أخذه رجال الأمنولدي لن يعود". شعر خالد كأنما هناك خنجر انغرز في صدره، عرفته الكلاب الوفية ولم تعرفه أمه. انهار خالد باكيًا " ما الذي حدث في هذه الدنيا؟ " اقترب منه كمال وأشرف يهونون عليه الأمر وعادا به إلى البيت.

- لا عليك يا خالد، كانت الصدمة فوق احتمالها، زهرة ستتكفل بها فهي لا تثق بأحد غيرها منذ وفاة أبي.

- هل مات عمي عدلي ايضًا؟

- نعم يا خالد مات أبي والحديث ذو شجون هيا بنا الآن.

دخلوا إلى المنزل، وتهالك خالد على المسطبة دافنًا رأسه بين يديه. جلس الصديقان امامه يحدقان فيه في أسى عميق.

اندفعت زهرة خلف زينب التي ولت مبتعدة في طريقها إلى مكانها المعهود، المقابر. وقد بدأ الظلام يلف المكان بعباءته السوداء المرصعة بالنجوم. عند قبر عدلي جلست المرأتان تندبان وتنوحان. كان نواحهما يشق صمت المقابر الموحشة ممزوجًا بنعيق البوم وحفيف الأشجار، أشجار النخيل والدوم المتيبسة. وأنين الساقية البعيدة. كانت هذه مأساة الخراب الذي خيم على هذا البلد.

(انتهت)

ـــــــــ

  طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل :

https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على السبت, 16 شباط/فبراير 2019

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :