هذه الحملة " الحامل" لأطنان من الإنشغالات الشعبية و الجماهيرية التي لم يتم إيجاد حلول جذرية إلا للقليل منها منذ زمن طويل من الـ" الحملات" التفقيرية التقشيفية التقزيمية للشعب و التهميشية للشباب.. لهذا لُوحظ فتورا شبه شاملا و عزوف قريب من الرفض لفعل و جدوى الانتخاب .. بحكم أن ككل مرة تُخان أحلام و آمال و مطالب الشعب و بالأخص فئة الشباب.. يذكر أن الفضاءات المخصصة للملصقات الترويجية الخاصة للمترشحين لهذه التشريعيات تتعرّض بين الفينة و الأخرى إلى التمزيق و الإتلاف أو إلى التشويه و تعويضها بكتابات و رسائل ساخطة على الوضع الاقتصادي و الإجتماعي الذي هو نتاج " الفشل السياسي" الذي انتهج سياسة الهرب إلى الأمام منذ العهدة الثانية للزعيم المريض و المقعد أو القعيد !
*
الحكم الراشد و الرشيد لا يمكن أن يمنّ على مواطنيه بالانجازات التي تم تحقيقها ، فهذه أمور طبيعية متعلقة بمهام و مسؤليات ( هؤلاء) الذين تم اختيارهم من طرف الشعب، و هم من وجهة نظر ديمقراطية بمفهومها العالمي أُجراءٌ عند " الشعب" و مكلفون بالعمل على تحقيق برامج وُعِدَ بها في حملات انتخابية سابقة عديدة! إلا أن العقلية الجزائرية و العربية و " العالم ـ ثالثية ـ تعكس الآيات في تقاليد الحكم و التسيير و يعتقد المسير أو الوزير أو الحاكم نفسه سيدا على من انتخب عليه و على " الناخب" الطاعة لكل أمر، بل يُنظر من طرف بعض " سفهاء السياسة" في الجزائر على أن الشعب ملكا لهم و وجب عليه السمع و الطاعة و عدم مناقشة أيّ أمر طيلة كل عهدة ، بعد نسيانهم أنهم في كل مناسبة " انتحالية" و ليست إنتخابية يلهثون وراء أصوات ـ المضحوك عليهم ـ من الشعب و يرسمون الجنة للمواطن بأسلوب " ثلاثي الأبعاد"! .. و حال انتهاء الحملة و ظهور نتائج تقسيم مناصب التسكّع في البرلمان و الحانات و النوادي الأوروبية و العالمية يُنسى أو تنسى جل مطالب الشعب و ترمى في سلة الزبالة!
لهذا ليس غريبا على الشارع الجزائري الذي أنهكته سياسات الكذب و الاحتيال و النهب الإقتصادي و الصفقات المشبوهة و الفساد العارم في دواليب السلطة !
*
في الجزائر أصبح الشعور بالمواطنة و بالحق في العيش الكريم أو الحق في ممارسة حق وجود سيّد و كريم من بين الأشياء الشبه الخيالية ، نجدها مدونة في الدساتير المعدلة للبلاد و نفتقدها على أرض الواقع، بحيث أن العدالة فقدت مفهومها ؛ و ليس كل المواطنين سواسية أمام دولتهم.. قد يسجن مواطن آليا إذا ارتكب مخالفاتا و جنحا و يطبق عليه القانون بحذافره ، لكن يُعفى المسؤول الكبير في الدولة من الرئيس إلى أدنى مسؤول في وزارة .
قضايا فساد كثيرة و عظيمة الثقل مست و ما زالت تمس الإقتصاد و كبيريات القطاعات الأساسية في البلاد، لكن تم مساءلة أو " معاقبة" كما يحلو للبعض وصفه ، و هم في الحقيقة ( كباش فداء) لإخماد الاحتقان و غضب الشعب و ذر الرماد على صفحات صحف المعارضة و الموالية ، لأن من تمّ تحديده في قضايا الفساد من قبل " السيستام" ليس له صلة مباشرة بهذه القضايا الخطيرة التي بُددت فيها آلاف المليارات .. و الأموال التي تم سرقتها من خزائن الشعب بإمكانها نسف أزماتا كثيرة في الوطن ككل أو تمويل ميزانيات دول فقيرة في القارة السمراء !.. لكن رموز الفساد ما زالوا يعيشون في " محمية " ( البايلك) أحرارا؛ ما دام البايلك قادر على تجريد مفهوم العدالة الشامل من معناها الحقيقي! فلا خير و لا معنى للمواطنة في وطن فسَدتهُ ما زالوا أحرارا؟!
*
لن تتحقق مفاهيم الديمقراطية و المواطنة بأسمى معانيها إذا لم يُطهّر النظام الجزائري نفسه ممّن يشوّه صورته في الداخل و في الخارج!
عندما نضمن العدالة و نكرّس " قداسة" مفاهيم "المواطنة" بما تحمله من واجبات و حقوق .. نستطيع حينها أن نتكلّم عن "المهرجانات الانتخابية " و مسائل التناوب على السلطة .. ليس التناوب على السلطة بمفهومه " الأركاييكي " أي ـ التسلّط و نهب الخزائن و قهر المستضعفين ـ بل التناوب على السلطة التكليفية ـ لا التشريفية ـ من قبل إرادة الشعب لخدمة البلاد و العباد!
*لخضر خلفاوي | باريس
آخر تعديل على الأربعاء, 19 نيسان/أبريل 2017