wrapper

السبت 11 ماي 2024

مختصرات :

تمرّ اليوم الذكرى الـ 55 لاستقلال الجزائر، أكثر من نصف قرن من الاستقلال و استرجاع السيادة و هي ذكرى غالية على الشعب الجزائري صاحب أكبر ملاحم التاريخ المعاصر في تاريخ الإنسانية. و ما مرّ من يوم إلا و هذه السيادة تتكرّس شيئا فشيئا وسط تحولات إقليمية و عالمية معضمها مأسوية تشوبها النزاعات و التوترات و الحروب. رغم هذه الأشواط الجبارة التي قطعتها الجزائر في معركة بناء و تشييد وطن قوي و سيادي و متطور، فإنها لم تسلم في عصرها الحديث من هزات و أزمات شككت في كثير من مرة في وحدتها و في صلابة الاستقلال الذي ضحى من أجله قرابة المليون و نصف المليون شهيدا.


تعد سيادة و وحدة الجزائر و استقلالها من المكتسبات التي لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تزول ما دام فيها شعب قادر مهما كل الظروف على حمايتها بالنفس و النفيس و قادر على التضحية بكل ما يملك من أجل الحفاظ على حرمة التراب و مقدساته التاريخية و ثقافته و هويته الأصيلة .
فهل من عيّنوا أنفسهم أوصياء على الشعب و على الجزائر كلهم قادرون على التضحية من أجل الوطن و الشعب ، أم فيهم زمرة من الانتهازين و الكاذبين قادرة على التضحية بالشعب من أجل إبقاء الجزائر و خيراتها لهم و لذويهم و لعملائهم في الخارج و الداخل من اللوبيات المالية و الاقتصادية .. هل في الجزائر بعد 55 سنة من الاستقلال  رجال مؤمنون بأهمية المواطن و بقدرات الشعب .. و هل فعلا استقلال الجزائر  لا شية فيه أم هو استقلال منقوص لم يكتمل بعد!؟.
نعم إذا كان ـ مثلا ـ أشكال " شكيب خليل و زمره " من خلال قضية " سونطراك 1 و 2 ينعمون بالحرية و الرفاه في وقت يطلب من الشعب التقشف أكثر و أن أموال الطاقة مع انخفاض الأسعار لم تعد تكفي للحفاظ على موازنات و احتياجات البلد و العباد. في حين  هذا الأخير و عصبته ما نهبوه قد يكفي لإعالة ملايين من الأسر الجزائرية ، لكن " خليل " النظام عاد من أمريكا إلى بلد " اللاقانون" مرفوع الرأس و أستقبل من قبل رسميين في قاعة التشريفات بالمطار، بينما يضرب بـ " الخليفة" المثل القضائي و يقدم ككبش فداء لنظام صنعه و اختلف معه فيما بعد، بعد نشوب خلافات في تقسيم  نسب ابتزاز أموال الشعب من خلال مؤسسات رسمية، و في الحقيقة .. لم تكن قضية " الخليفة" إلا عملية ذر الرماد و صراع لوبيات سياسية اقتصادية عسكرية في اقتسام تركة الشعب الجزائري بعد هدنة الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد و الشعب الجزائري.. فمثل " الخليفة" يوجد المئات و لا أحد يتحدث عنهم! ملف " خليل " و محمي النظام أفرغ من أدلته و كل عنصر يدينه و يثبت تورطه في نهب خزينة الدولة و الشعب الجزائري .. و ها  هو " الشكيب " حرا طليقا و لا أحد يجرؤ على محاسبته، بينما نحاسب " الزوالي" ( المواطن البسيط) على كل صغيرة و كل كبيرة .. هل هذا "استقلال مكتمل" إذا كان الفساد مسموحا بأعلى درجاته في أعلى هرم السلطة و محرم على الصغار و العدالة ليست بنفس الوتيرة و بنفس الصرامة مع الجميع!
غياب العدالة النزيهة التي من المفروض ألا يعلو عليها أحد من بين النقاط التي تجعل من استقلال الجزائر استقلالا غير مكتمل!!!
ـ يكون استقلال الجزائر استقلال مكتملا، إذا استقلت العدالة استقلالا تاما يُحاسب على جرمه و أفعاله الممنوعة دستورا و قانونا و عرفا  كل مخالف ، وزيرا و رئيسا كانا أو مواطن بسيط .. الكل سواسية أمام القانون .. إذا توفر هذا الأمر حينها يمكن أن نتحدث عن دولة القانون؛ فلا وجود لدولة القانون ، إذا كان هذا القانون يطبق حسب الظروف و حسب الأشخاص !
ـ يكون الاستقلال كاملا، عندما نسن قوانينا ردعية أقصاها السجن المؤبد حتى لا نقول الإعدام و الشنق ، بالنسبة للمتورطين في قضايا تبديد و نهب أموال الخزينة العمومية ؛ فهكذا سلوك يعتبر " خيانة عظمى للبلاد" و لا نقاش في هذا الأمر من ينهب خزائن وطنه فهو خائن كمثل الذي سلمه و وشاه للاستعمار !!
ـ يكون الاستقلال كاملا و متكاملا عندما لا توجد ذريعة للهرب إلى الخارج خوفا على الحياة و الحرية بالنسبة للمعارضين و أصحاب الرأي المخالف و المثقفين الذين يسيرون ضد التيار " فكريا " و إيديولوجيا.. تجريم الفكر و الرأي و الإيديولوجية المتعددة و حمل البعض أو تنفيرهم و دفعهم على الهرب من البلاد و الضغط على البعض الآخر و سجنه يعد جريمة في حق الإنسان ، و خرق لمقدسات حرية التعبير و الرأي و الفكر! موت الصحفيين في السجن بعد نصف قرن من الاستقلال  ، أو إدانتهم بأحكام لا تتوافق مع المنطق و تضييق مهامهم يجعل من استقلال الجزائر  استقلالا غير كامل و مشاب بشوائب يجب إزالتها إلى الأبد!
ـ يكون الاستقلال استقلالا كاملا ، عندما يستطيع كل مواطن جزائري أن يبدي برأيه دون أن يخاف على حياته فيختار مضطرا منافي الأرض اتقاء شر السلطات التي تلاحقه بتهم " أركائيكية" ساذجة نابعة من عقلية " شمويلية ما زالت متجذرة في مؤسسات النظام لحد الآن !!!
ـ يكون الاستقلال استقلالا فعليا و متكاملا، عندما تعود كل الجنرالات و الضباط من المؤسسة العسرية و الأمنية إلى ثكناتهم و مكاتبهم و القيام بأعمالهم و دورهم في الحفاظ على سيادة الوطن و المواطن و سلامته؛ لا للعمل على تسييد أنفسهم عليه و فرض مترشحهم بمختلف الأساليب و الطرق لتبقى دائما  بعض التيارات من المؤسسة العسكرية أو الأمنية متقاعدة كانت أو في الميدان على اتصال دائم و متين مع كواليس الحكم و القضايا النفعية الشخصية.! لا أريد التحدث هنا عن منظمة المجاهدين ، لأنه بمجرّد التحدث عن هذا الموضوع أشعر بمجيئ " الغائط " و أنا أحترم الجميع و لا أريد أن "أتبرّز" ـ أكرمكم الله  ـ من فمي !!! أحدثكم عن هذه المنظمة بعد 50 سنة أخرى و أظنني سأكون وقتها من الغابرين ، لكني سأترك وصية بذلك !! لكن لا أترك هذه الفقرة دون قول هذا: لن يكون الاستقلال كاملا إذا كان هناك من يتقاضى ثمن جهاده و يطالب بالزيادة و يبدي في كل وقت عدم رضاه و يؤثر في صناعة القرارات السيادية  و يتسبب في إقالة مسؤولين كبار معارضين لورثة الاستقلال لأنهم ضحوا في سبيل و باسم الشرعية التاريخية و  البطن و الجيب "، الذي يضحي في سبيل الوطن و الله لا يسأل الناس أجرا، فأجره على الله، مثل هذا الكلام كلّف غاليا والِ من ولاة الجزائر الأحرار العزل و التهميش الفوري !!!!
ـ عندما نضع شخصا على رأس قطاع حساس بالنسبة للهوية الوطنية و ثوابتها  كوزارة التربية و التعليم و هو بحاجة قصوى إلى محو الأمية اللغوية للغة الوطنية كتابة و نطقا ( العربية) و في ذات الوقت حفيدا لضابط و عميلا من عملاء فرنسا فهذه هي قمة الاستهتار بالاستقلال و السيادة الوطنية و الاستعمار اللامباشر و الأفظع عندما نستعين بما يسمى بـ " خبراء " من قطاع التربية الفرنسية لدس الفكر التغريبي في منظومتنا التربوية بحجة رفع مستوى التعليم في الجزائر في إطار التعاون و الشراكة المعلنة و غير المعلنة !! ليت الشهداء يدرون بكل هذا ، و سوف تشوب مرارة الاستقلال عند هكذا محطات مخزية في تاريخنا الحديث مِن صنع مَن يمارسون كذب " الوطنية " و المسؤولية! لم تعرف وزارة التربية كذا فضائح تاريخية في الفوضى و التسيب كما عرفته في عهد هذه المخلوقة " الرمعونية "! و كأن الجزائر عقيمة من خيرة الكفاءات و القدرات البشرية التي تشكل قامة و مرجعية في الميدان! آه … نسيت هكذا مواصفات لا تتوافق مع أجندة هؤلاء في تغريب و مسخ الهوية الوطنية التي استشهد من أجلها الشهداء !!! جدوا لي في أي وطن كان وزيرا في التربية الوطنية أو في أي قطاع آخر لا يجيد التحدث باللغة الوطنية؟! لا يوجد حتما ..  و بما أن فرنسا ما زالت وصية على بعض من تركتهم بعد ذهابها و تشكل قدوة لبعض أحفادها المتروكين المدسوسين؛ هل وزارء فرنسا فيهم من لا يتحدث بلغته الوطنية ؟! يا للعار !!!!!!
ـ يكون الاستقلال استقلالا جميلا و نتذوقه عندما لا نمنع و نرفض في جامعاتنا قسم العلوم السياسية رسالة  دكتوراه تتناول بشكل أكاديمي تاريخ الجزائر و المؤسسة العسكرية و الحزب المحظور ، حدث هذا منذ أيام قليلة فقط  قبل إعلان ذكرى الاستقلال هذه! حظر الفكر و الرأي في عمل طلبتنا و اساتذتنا في الحرم الجامعي هو إنقاص من مغزى و معنى الاستقلال و يمس مسا صارخا في مبدأ المواطنة في حد ذاتها ! نقاط كثيرة و عديدة تشوه من مذاق الاستقلال ، لكنها لن تثنينا عن حب وطننا ( الجزائر) أو تنقص من عزيمتنا و نضالنا في الدفاع عنها بكل ما أوتينا  و بالنفس و النفيس .. الجزائر ينطبق عليها المثل الشعبي المعروف في الأوساط الشعبية : يخلف ربي على الغابة و ما يخلفش على الحطابة "! بمعنى مهما نُهبت و بددت ثرواتها و انتشر فيها الفساد ، فإن طينة أرضها الطيبة ستتغلب على هذه الفيروسات البشرية يوما ما ، و في كل مرة تنتصر الجزائر و تثبت للعالم بأنها بلد وُجد لبيقى واقفا دائما .. حلمنا جميعا ؛ أن ننعم باستقلال الجزائر بحرية و أمان و نتلذذ بطعم الوطن مع الأهل  دون بعض هذه الشوائب و المشوهات التي ذكرناها.. لكن صبرا .. لكن  لا ننسى أنها دائما في مرحلة البناء .. تحيا الجزائر .. المجد و الخلود لشهدائنا الأبطال الأبرار  !!

ـ بقلم : لخضر خلفاوي | باريس

آخر تعديل على الخميس, 13 تموز/يوليو 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :