بدأ منذ أسابيع و أيام الحديث عن ما يسمى بـ " القمة العربية" المزمع عقدها أو الأصح ـ تعقيدها ـ في " عمان" بالمملكة الأردنية الهاشمية في الـ 29 من هذا الشهر. و بدأت الأقلام الإعلامية تدلو بدلوها و تخط قراءاتا بعضها متباينة و أخرى مخالفة، فضلا عن تلك التصريحات من هنا و هناك من طرف ما يسمون بـ " الشخصيات " العربية فيما يتعلّق بخارطة الطريق لنقاشات أقل ما يقال عنها بـ " البزنطية" !
ملك الأردن عرّج عن أهم خطوطها العريضة و :"التي ستركز عليها القمة هي القضية الفلسطينية، والأزمة
السورية، والأوضاع في العراق وليبيا، ومحاربة التطرف والإرهاب".
*
شيء مضحك للغاية عندما يتحدث بعض الرؤساء ( بلا رأس) و بعض ملوك ( العمالة) عن القضية الفلسطينية و السورية و الليبية و … الإرهاب!" و هم منذ أكثر من 70 عاما عاجزين عن تحرير شبر من فلسطين و نصرة الشعب الفلسطيني المحتل و المغتصب الأرض ، فكيف لهم تحرير كل هذه الدول العربية المحتلة بشكل مباشر و غير مباشر بعدما أفشلوا و أجهضوا الربيع العربي و حوّلوه إلى مأساة عربية خلاقة من خلال زراعة " فزاعة التطرف" بمساعدة من وضعوهم على كراسي الرئاسة و على عروشهم النتنة ؟!
منذ اجتياح و تفجير ليبيا بالكامل و جعلها مستنقعا لكل الحركات التطرفية و اللاإستقرار و مرتعا للمصالح الغربية و بعض الدول العربية ( الشقيقة) التي كانت وراء تدمير ليبيا و تفكيك وحدة شعبه و تماسكه.. منذ اختراق المعارضة السورية بحجة طرد نظام الأسد الديكتاتوري الشمولي ، و ـ تدعيش ـ المنطقة بأخطر تنظيم في تاريخ المنطقة .. منذ اجتياح العراق في الحربين المتتاليتين عليه و قلب نظام صدام و فتح الباب على مصراعيه للطائفية المقيتة و العمالة و الخيانات.. و منذ خلط الحابل بالنابل في جمهورية مصر و صار لكل جهة ثورة و تاريخ أصبحت القضية الفلسطينية و الاستبداد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من الأمور المُغيّبة أو الأمور الثانوية ؛ مقارنة مع التفجير الداخلي للإستقرار النسبي الذي كانت تنعم به هذه الدول و الشعوب.
*
فمن السذاجة و الضحك على الذقون أن ـ نتبجح ـ بتصريحات غير عقلانية في هذه المسائل! كلنا نعرف الإفرازات الوخيمة التي ترتبت عن مؤتمر مدريد ـ للاستسلام و التطبيع ـ سنة ١٩٩١ حيث لا يمكن للعديد من الدول العربية التحدث منطقيا باسم القضية الفلسطينية و هي تربطها علاقات ديبلوماسية رسمية و صداقة مميزة مع " الكيان الصهويوني" ؛ و تلك التي لم تجرؤ بعد في الإعلان عن خنوعها و استسلامها و تطبيعها عن طريق ـ التمثيليات السفاراتية و القنصلية ـ اكتفت تحت الطاولة و الغطاء أحيانا بـ" المعاملات التجارية الإقتصادية و الثقافية" . سبع دول فقط التي أعلنت رسميا منذ مؤتمر التطبيع المسمى بمؤتمر السلام مقاطعتها للكيان الصهيوني و عدم التعامل معه بأيّ شكل من الأشكال، على الأقل، لحفظ ماء الوجه و مساندة ـ معنويا و ربما ماديا ـ أصحاب الحق في التراب الفلسطيني المغتصب!
*
إذا كنا فعلا نريد نصرة الشعب الفلسطيني و الدفاع عن حقوقه في استرجاع ما أغتصب منه من طرف الكيان الصهيوني المارق ، يجب على الدول التي "أُرغمت" أو غرّر بها للاتحاق بركب المطبّعين و المتطبعين أن يقطعوا علاقاتهم الديبلوماسية و التجارية و الثقافية و (الجنسية كذلك لبعض القادة الفلسطينين ) مع رموز الكيان الإسرائيلي، وقتها سنبدأ في تصديق حسن نوايا الرؤساء و الملوك العرب ، و نولي اهتماما متميزا إزاء ما يسمونها بـ " القِمَم" العربية ، لأنهم في الحيقيقة ما هم إلا مجرد " قُمَامَات" تحميهم أمريكا و دول غربية و عروشهم و ذويهم و كراسيهم النتنة بالجرائم و الدكتاتوريات البالية .. و هذه " فزاعة الإرهاب و التطرف و التقتيل اليومي العشوائي للمواطن العربي و استمرار النزيف البشري و البنية التحتية هو "مسلسل لا ينتهي" .. هكذا تنشغل الشعوب العربية برمتها بمسألة البقاء على ـ قيد الحياة ـ
كأولوية الأولويات و هي منذ عقود كانت تطالب بعيش أفضل و تطوير للحياة!!!
*
على الشعب الفلسطيني أن يعتمد على نفسه بعد الله، و ألا ينتظر من هذه " القُمَامات" أو القمم أن تأتيه بحل التسوية لتصفية الاحتلال ؛ إذا أصبح العرب أصدقاءً لعدوهم التاريخي ! فلماذا تبديد كل هذه الأموال من أجل " قُمامة" .. أو لا شيء !! حتى "اللاشيء " أشرف من هؤلاء، فاللاشيء لم يكتب له الوجود حتى يحاسب على هكذا كوارث !
* بقلم : لخضر خلفاوي | باريس