wrapper

الأحد 05 ماي 2024

مختصرات :

الفيصل ـ نشرـ باريس:

إيمانا منها بأهمية الفكر و الإبداع الأصيل و المتميّز و الهادف البناء و الإختلافي في الرؤى لإثراء النقاش الثقافي الأدبي ككل، تواصل " الفيصل" بنفس النوايا و الإصرار لمد يد العون لكل من يفتقد إلى الصوت النزيه للتعريف بقدراته و ملكاته الإبداعية في مختلف الأجناس الأدبية العربيةو ها نحن نقدم بهذه التجربة في سبيل دفع متميزينا من الأدباء الذين غيبتهم من جهة ظروفهم الخاصة و من جهة أخرى سياسات التعتيم و الإبعاد و الإقصاء لخيرة أفراد المجتمع الذين يسكنهم هم واحد ، و هو الارتقاء بالمجتمع و تهذيبه و توعيته من خلال الإبداع و الفكر النيّر.

 

ـ انطلقت في السنة المنصرمة عملية تشجيع الأدباء و المبدعين العرب من كل قطر دون ميز أو حساسية في نشر تسلسلي لكل من يرغب لمخطوطات أعماله الروائية و القصصية و الشعرية، مصحوبا بغلاف من تصميم الفيصل بغية شد انتباه " دور النشر العربية" النزيهة التي تتأصّل و تتنصَّل متبرئة  من تلك الدور المشبوهة و الشبيهة بدكاكين " النشر للرداءة  و النصب و توزيع الاحتيال!". من مسلسل رواية " باب الشمس" للأديب المغربي " حسين الباز" إلى مسلسل "امرأة من الجنوب" للمبدع المصري " خالد الحديدي" جديرة بالقراءة و المتابعة من قبل القراء و المهتمين و كذلك المبدعين. ننشر حيثياتها في فصول (أجزاء)  تشجيعا للمبدع  " خالد الحديدي" ـ مصر ـ على ما يحاول من أفكار جديرة باحترام الجميع.ـ نتمني لكم قراءة ممتعة مع مسلسل مخطوط رواية "امرأة من الجنوب".

كل الحقوق محفوظة للفيصل و للمؤلف، و كل جهة تودّ استغلال هذا العمل الأدبي أو التقدم بعرض نشر لطبعه ورقيا أو إلكترونيا الاتصال بالصحيفة و بالمؤلف لمدارسة ذلك. 

الفيصل  ـ  باريس

****

رواية : "امرأة من الجنـــــ11 ـــــوب

بقلم: خالد الحديدي

ـ  الفصل الحادي عشر:

في ذلك الصباح المشرق كان الدخان الأبيض يتصاعد من مداخن مصنع أسمنت اسيوط وأشرف يسير في الطريق الفرعي توقف أمام باب المنزل المنشود ضغط على الجرس الذي كانت تعلوه لافتة أنيقة مكتوب فيها اسم صاحب المنزل مهندس عصام عبد الجواد. سمع أشرف وقع أقدام صغيرة خلف الباب وانفتح الباب، أطلت منه طفلة وابتسمت له ابتسامة حلوة ودعته للدخول، دخل أشرف المنزل الأنيق وواجه عصام أمامه، عصام الذي طالما حدثته عنه أمه، كانت تقف عن كثب حنان زوجته وهذه الطفلة التي فتحت الباب لا بدَّ أنها زهرة الصغيرة ابنتهما، فقد وعدوا زهرة إذا انجبوا بنت يسموها بأسمها، دعا عصام أشرف للجلوس بعد أن تعرف عليه، كان الحديث ذو شجون وحافل بالذكريات، دار الحديث عن الأوضاع المتردية في البلاد، التي وصلت تحت الصفر. أعطى أشرف عصام المستندات التي جعلت وجه عصام يتهلل فرحًا. هذا ما كان ينقصهم، وثائق لإدانة رموز الفساد في النظام الآيل إلى السقوط. تتطرق الحديث عن الأحرار.

- ما هي أخبار الأحرار في المنيا؟

تنهد عصام في آسى وسرح بخياله بعيدًا، ظل أشرف يحملق في وجهه في توجس.

- كانوا أربعة سالم وعمر امجد وماهر.

- نعم حدثتني عنهم أمي كثيرًا حتى كدت أراهم بخيالي. غطت الدموع عيني عصام

ولازال في شروده.

- في الأيام العصيبة الأخيرة اعتقل رجال الأمن سالم وعمر في في أثناء توزيعهم للمنشورات في المدينة وتم نقلهم إلى السجن، مات سالم في السجن لم يتحمل صدره الضعيف رطوبة السجن وليالي يناير الباردة، كان يعاني من داء الربو اللعين. تم إطلاق سراح عمر بعد اختلال قواه العقلية. ستجده الآن في المنيا يقيم مع والدته. ترك أمجد ثروة والده وأنضم للحركة الشعبية. أما ماهر فقد آثر الانزواء في قريتهم النائية في غرب مصر معلمًا للصبية. هذا كان حال مجموعة الأشباح يا أشرف.

كان شريف يستمع إلى هذه الإخبار المؤسفة فاغرًا فاه في دهشة، لم يصدق ان كل هذا حدث لأصدقاء أمه وتمتم في أسى:

- يبدو فعلًا ان الحديث ذو شجون

- لا تخبر زهرة عنهم حتى لا تفجعها فيم، كانت تحبهم كثيرًا يا أشرف

- نعم سوف لن اخبرها

- أما إذا أردت عنوان عمر تناول عصام ورقة من الدفتر وجلس على إحدى المناضد وسطر عليها العنوان وناوله إلى أشرف، تناول أشرف الورقة ودسها في جيب سترته. حضر الغداء اخذ أشرف يتناول الطعام في صمت فقد استغرقته المأساة تمامًا كثيرًا ما كانت أمة تخبره عنهم في كل المناسبات حتى أصبح عدد كبير من أهل البلدة يعرفهم. يعرفون هؤلاء الجنود المجهولين اللذين أرادوا ان يصنعوا مصر جديدة.

في صباح اليوم التالي استأذن أشرف الأسرة الصغيرة في السفر، في محطة القطار اخبره عصام ان يبلغ زهرة تحياته عند عودته ويخبرها بأن المرحومة أم عصام كانت تدعو لها دائمًا بالخير حتى انتقلت إلى الرفيق الأعلى قبل عامين أيضًا كما حذره عصام من التعامل مع الغرباء فقد بلغ السيل الزبا. تحرك القطار من محطة اسيوط يئن ويتوجع وقد اكتظ بالمسافرين كالمعتاد توالت المحطات تباعًا حتى وصل القطار مدينة المنيا ظهرًا، نزل أشرف، استقل عربة أجرة إلى العنوان، كانت شوارع المدينة مليئة بالمارة المذعورين ودوريات الشرطة في كل مكان أضحى الحال ينحدر بسرعة شديدة أو شك الطوفان ان يثور وتوقفت السيارة ونزل أشرف قرع الباب برفق لحظات وفتحت الباب أم عمر ظلت تنظر إليه في توجس، في ذلك الزمن لآياتي الغرباء بخير ولكنه عندما عرف نفسه لها رحبت به ترحيب حار بالزائر الحبيب، دخل أشرف إلى غرفة الضيوف الضخمة، دخلت أم عمر إلى غرفة داخليه ثم عادت تقود ابنها زائغ النظرات، كث اللحية، جلس عمر أمام أشرف وحاول الابتسام لكنه عجز عن ذلك واخذ يحملق في أشرف بعينين شاهدتا الكثير من الأهوال، أحدها احتضار رفيق عمره سالم بين يديه قال عمر في صوت واهن

- أنت ابن ألام العظيمة زهرة. انت سامي.

- أنا أشرف شقيق سامي الأصغر

- كيف هي فقط انقطعت أخبارها عنا؟

- انها بخير واوصتني ان ابلغكم السلام

- لم يعد هناك أحد تبلغه السلام يا أشرف

تهدج صوته وبدأت المرارة. تجتاح كيانه فخنقته العبارات وانهار باكيًا في نشيج مكتوم نهض أشرف وجلس جواره مربتا على كتفه ومواسيًا

- أتحلى بالصبر يا أخي. إنها سنة الحياة

- ونعمة بالله ولكن ذهبت جهودنا أدراج الرياح. الكابوس لازال جاثمًا على البلاد، مات سالم بين يدي بعد أن صب علينا رجال الأمن الماء البارد. كان يتشهد ويردد ان الثورة باقية، الحرية شمس لا تغيب. ولكنها غابت

- هذا طريق حافل بالتضحيات وانتم مصابيح الطريق، انطفأ سالم وأنت لازلت تضيء.

- أشكرك يا أشرف. ان زيارتك لها ابلغ الأثر في نفسي.

- رحم الله سالم

- فليرحمنا الله جميعًا

- سأزورك يا عمر في رحله العودة

- على الرحب والسعة

- تذكر يا صديقي ان توقد شمعه خير من ان تلعن الظلام. أتمنى عندما أعود أجدك انخرطت في صفوف المناضلين الشرفاء مرة أخرى

- أعدك بذلك فقد أحزنني فقد أصدقائي جملةً

- الأيام كفيلة بأن تزيل الأشجان كما يزيل الصابون الأوساخ عن الثوب الأبيض

قضى أشرف يومًا حافلًا مع عمر ووالدته التي أسعدتها زيارة هذا الشاب الغريب الذي بعث الحياة في ابنها.

في الصباح نهض عمر واغتسل. أزال شعثه وتطيب وارتدى ملابس نظيفة وذهب مع أشرف إلى محطة القطار. ركب أشرف القطار مرة أخرى وتحرك به يطوي الأرض طيًا إلى القاهرة المدينة التي تشبه الطاحونة. كان إيقاع الزمن الراكد كبندول ساعة حائط قديمة جعله يشعر بالانقباض، كان الجو مكهرب ومشحون بالتوتر معظم المرافق متوقفة المظاهرات تعم الشوارع والإطارات المحترقة تغطي الشوارع المقفرة، لاحظ أشرف كل هذا من نافذة السيارة التي استقلها إلى الاحياء المنشود إلى بيت عمة الضخم الذي لاح عن بعد كانت الأنوار تتلألأ وسيارات عديدة تغطي الشارع يبدو ان هناك مناسبة عظيمة لا يعرفها أشرف، وبمجرد ان نزل أشرف من سيارة الأجرة التي لفظته واقترب من البوابة دفعه جندي بغلظة. كان ذلك فعلا زواج شقيقة سامي من هند، وسامي كالفراشة ينتقل بين المدعوين، لمح شقيقه أشرف عند الباب الخارجي،

اتجه نحوه وحياه ودعاه بالدخول إلا ان أشرف اعتذر واثر البقاء في الخارج

- أبي توفي منذ أسبوع

نزل الخبر على سامي كالصاعقة وطفرت الدموع من عينيه وخيم عليه حزن عميق ثم نظر إلى أشرف وقال:

- سأحضر لاحقًا ان شاء الله

وودع اخوه عائدًا يستقبل المدعوين. ابتعد أشرف من ذلك الجو الصاخب وهو يلعن كل شيء في نفسه. أدهشته المفارقات التي تعج بها هذه البلاد العجيبة يموت الملايين جوعًا والكبار يتناولون الأطعمة الفاخرة غير مبالين لما يحدث في الأصقاع النائية، هؤلاء هم البرجوازيون كما كان ينعتهم الأستاذ زين وهذه هي أخلاقهم سحقا لهم جميعًا. سامي شقيقه الذي تحول إلى مسخ مشوه يرتدي الملابس الغربية الفاخرة التي يوازي ثمنها سعر محراث يكفي لحرث قريتهم كلها. دمعت عينا أشرف وظل سائر في الطريق الأسفلتي المظلم عندما تذكر كلام والده الأخير "هرب الجميع وبقيت أنت معي يا شريف ". تذكر الخلافات التي كانت بين أبويه كان يصلح بينهما رغم ان كل منهم عنيد، ظل يسترضيهما معًا حتى ولو على حساب نفسه " لايهم لقد مات والده وهو عنه راض وهذا اقصى بما يكسبه إنسان في هذه الدنيا الفانية،

رضا الله ورضا الوالدين".

(يتبع)

ـــــــــ

  طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل :

https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على السبت, 16 شباط/فبراير 2019

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :